الوقت- تصاعدت الخلافات داخل المجلس الرئاسي اليمني بين بقايا النظام السابق والانفصاليين الجنوبيين، حتى أنه يقال إن رئيس هذا المجلس يسعى للاستقالة، بينما سعت السعودية إلى توحيد معارضي حكومة صنعاء من خلال إنشاء هذا المجلس.
وحسب تقارير بعض المصادر الاخبارية، فإن التوتر التاريخي بين شمال وجنوب اليمن تصاعد من جديد داخل المجلس الرئاسي لهذا البلد، وتتحدث بعض المصادر عن احتمال استقالة "رشاد محمد العليمي" رئيس المجلس الرئاسي.
وبعد الهجوم الذي شنه عناصر من ميليشيا "أبو زرعة المحرمي" الأسبوع الماضي على مقر الرئاسة اليمنية في عدن، والذي كان خاضعاً لسيطرة المجلس الرئاسي، تصاعد التوتر من جديد بين الشماليين والجنوبيين، والمجلس الرئاسي هو مجموعة تم تشكيلها بمبادرة من السعودية في أبريل 2022 لتحل محل حكومة "عبد الهادي منصور" في المنفى وتوحيد كل الجماعات المعارضة لحكومة صنعاء تحت مجموعة سياسية.
ويتكون هذا الهيكل من أحزاب يمنية مثل حزب الإصلاح (الإخوان) وحزب المؤتمر الوطني (جناح الأكثرية)، وجماعات مسلحة تدعمها السعودية في الوسط، وجماعات مسلحة تدعمها الإمارات في الجنوب، وساسة جنوبيون (كبار أعضاء الفترة الانتقالية) والوزراء الباقون في حكومة منصور هادي.
وسبق أن انتقد سياسيون من جنوب اليمن الأعضاء الشماليين الحاضرين في المجلس الرئاسي واتهموهم بتجاهل مطالب شعب جنوب اليمن، وفي هذا الصدد، طالب العديد من السياسيين أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي وشخصيات إعلامية مقربة من هذه الجماعة في عدن ومدن أخرى في هذه المنطقة بالانسحاب من المجلس الرئاسي الذي تشرف عليه السعودية، وبالطبع، في هذه الأثناء، رفض بعض أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، إعلان انسحابهم من المجلس الرئاسي في الوقت الحالي، خوفاً من غضب السعوديين.
لكن رغم أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يؤيد رسميا عمل جماعة "أبو زرعة المحرمي" المتشددة، إلا أنه لم يدنها أيضا، وسبق أن عارض البرلمان الانتقالي، باعتباره الهيئة الرسمية التي تتكون من الفصائل الجنوبية، وطلب المجلس الرئاسي تشكيل الحكومة في عدن عاصمة البلاد، وأبدى اهتماما بالعمل مع فلول الحكومة المستقيلة والأحزاب.
ويتكون مجلس شورى الجنوب الانتقالي من مجموعات سياسية وقادة ميليشيات في جنوب اليمن، تم تشكيلها عام 2017 بمبادرة من الإماراتيين، وهم يؤيدون الانفصال عن اليمن الشمالي الذي اجتاحته قوات التحالف عام 1994، قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في عدن كانت موحدة بقوة الحربة، وفي هذه الأثناء يقال إن رشاد العليمي الذي كان سفير اليمن لدى ألمانيا قبل توليه رئاسة المجلس الرئاسي، وبعد التطورات الأخيرة، يتطلع للعودة إلى برلين ليعيش حياته الشخصية بعيدا عن السياسة والتطورات الجارية.
إذا لم تتم السيطرة على التوترات الحالية داخل المجلس الرئاسي بين الشماليين والجنوبيين وتفكك هذا المجلس، فإن السياسات السعودية في اليمن ستتلقى ضربة قاسية، هذا على الرغم من أن السعودية حاولت في السنوات الأخيرة، ونتيجة لتبعات وتكاليف الحرب على اليمن، السيطرة على هذه الحرب بالوسائل السياسية حتى تتمكن من التخلص من المستنقع الذي صنعته بنفسها.
الابتزاز السياسي
من جانبه، يقول الدكتور محمد جمال الشعيبي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة عدن: "يمكن الإشارة إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي يرى أن الحكومة المستقيلة والمجلس الرئاسي تمارس الابتزاز السياسي من خلال ملف الخدمات، حيث يشهد الجانب الخدمي تدنيا وتراجعا شديدا ما زاد الضغط الشعبي على الانتقالي، وبدوره يضغط على المجلس الرئاسي للضغط على الحكومة المستقيلة للقيام بواجبها في تلبية احتياجات المواطنين وتوفير الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء والتي تشهد حاليا انهيارا كبيرا في مستوى الآداء نتيجة لانخفاض وتراجع كميات الوقود".
وأضاف في حديثه، منذ انتهاء شهر رمضان شهدت منظومة الكهرباء في العاصمة عدن والمناطق المحررة انهيارا كبيرا وتراجعا في ساعات التشغيل، وخاصة مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة حيث وصلت ساعات الانطفاء إلى أكثر من 16 ساعة مقابل 6 ساعات تشغيل في اليوم، إضافة إلى مطالبة الحكومة بالعمل الجاد لتحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال تحسين أسعار الصرف وخفض أسعار السلع والخدمات التي تشهد ارتفاعا جنونيا في ظل انهيار أسعار الصرف، وتراجع قيمة الريال اليمني أمام العملات الأجنبية".
تصريحات العليمي
وأشار الشعيبي، إلى أن "هناك تباينا وخلافات داخل المجلس الرئاسي حول ملفات سياسية عديدة في الجانب السياسي، وآخرها تصريح رئيس مجلس القيادة الرئاسي والذي أشار فيه إلى أن مجاميع من الجيش المرتزق هي من تقاتل قوات صنعاء المقاومة في جبهة كرش شمال محافظة لحج الجنوبية، الأمر الذي أثار حفيظة الجنوبيين والمجلس الانتقالي، حيث إن القوات التي تقاتل في الجبهات هي قوات المرتزقة الجنوبية وقوات المجلس الانتقالي".
في غضون ذلك، يقال إن رشاد العليمي الذي كان سفير اليمن في ألمانيا قبل توليه رئاسة المجلس الرئاسي، وبعد التطورات الأخيرة، يتطلع إلى العودة إلى اليمن، رغم الخلافات وإذا لم تتم السيطرة على التوترات الحالية داخل المجلس الرئاسي بين الشماليين والجنوبيين وتفكك هذا المجلس، فسوف سيكون دخول اليمن ضربة قاسية لسياسات السعودية، هذا في حين حاولت السعودية السيطرة على هذه الحرب عبر الوسائل السياسية في السنوات الأخيرة نتيجة لعواقبها وتكاليف الحرب على اليمن.