الوقت- تصاعدت مخاوف الصهاينة تجاه التحركات العلمية الدولية الموجهة ضد كيان الاحتلال، وذلك في ظل التصعيد العسكري الذي تشنه الحكومة الإسرائيلية في قطاع غزة، فبعد الإجراءات التي اتخذها الأكاديميون في مختلف أنحاء العالم، ولا سيما في أوروبا، بمقاطعة العلماء الصهاينة نتيجة للعمليات العسكرية الهمجية، وبدأت تتعاظم التحذيرات داخل الأوساط الإسرائيلية بشأن عواقب هذه الإجراءات، وفي سياق الانتفاضة الطلابية الكبيرة التي انطلقت في الولايات المتحدة ضد السياسات الإسرائيلية، وامتدت لتشمل جامعات عديدة حول العالم، تتزايد تحذيرات متصاعدة من وسائل الإعلام الإسرائيلية حول زيادة الحركة الدولية لمقاطعة الباحثين والباحثات الإسرائيليين في الجامعات الأجنبية.
وبمجرد حديث وسائل الإعلام الإسرائيليّة أنّ ليوآف كيش، وزير التربية والتعليم في حكومة الاحتلال، أعلن نيته تقديم خطة عملية قريبًا للتعامل مع المقاطعة الأكاديمية لـ"إسرائيل" في الجامعات الأجنبية، مشيرًا إلى أن مثل هذه الخطوة تتطلب جهدًا كبيرًا واستثمارًا ماليًا، ظهر أنّ المقاطعة العلمية للكيان باتت في أوجها، ومع بدء المظاهرات الحاشدة ضد نظام الاحتلال بسبب جرائمه في غزة، اتسعت دائرة التحذيرات من مواجهة النظام الصهيوني لمقاطعة جامعية تاريخية، كما أن هذه الإجراءات ضد كيان الاحتلال قد تعرض جامعاته للخطر وتتسبب في أضرار جسيمة للاقتصاد الإسرائيلي.
وباعتبار أنّ العلاقات الدولية تمثل أساسا حيويا لجامعات العالم، وتُعتبر الجامعات مصدرا رئيسيا للتقدم في الصناعات والأمن، فإن تعرض القطاع الأكاديمي الإسرائيليّ للأذى، فإنّ الصناعات الاقتصادية والأمنية ستتأثر بشكل كبير أيضا، في ظل حديث وزارة الابتكار والعلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية عن تغير كبير في استعداد الباحثين الأكاديميين من بعض الدول الأوروبية للتعاون مع نظرائهم الإسرائيليين بعد تاريخ الـ7 من أكتوبر، أي بعد حرب غزة، مع الاعتزام على تشكيل لجنة للتعامل مع المقاطعة الأكاديمية التي تقودها جماعات أكاديمية أوروبية ضد الباحثين الإسرائيليين، وذلك بعد مرور نحو 7 أشهر من الحرب، على الرغم من عدم وجود خطط محددة لديها في الوقت الحالي.
وتشير المعلومات إلى أن النرويج والدنمارك وفنلندا والسويد وأيسلندا وإيرلندا تعتبر من الدول الرائدة في المقاطعة الأكاديمية للباحثين الإسرائيليين، وأنه ينبغي إضافة إيطاليا إلى هذه القائمة، حيث كان لها تاريخ طويل ومهم من التعاون الأكاديمي مع الكيان، بالإضافة إلى أن بلجيكا تُعتبر من الدول المتميزة في مجتمع البحث الأوروبي، والتطورات التي تم ذكرها تشير إلى تصاعد الحركة الدولية المناهضة للسياسات الإسرائيلية، وتحديداً المقاطعة الأكاديمية للباحثين الإسرائيليين في الجامعات الأجنبية، كما يُظهر الوضع العالمي توجهاً واضحاً نحو استنكار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وانعكاساتها على الصعيد الدولي والأكاديمي.
وبشكل عام، يتجلى أن الحركة الدولية للمقاطعة الأكاديمية تشهد تصاعداً، ما قد يفرض تحديات جديدة على القطاع الأكاديمي الإسرائيلي ويؤثر على العلاقات الدولية والتعاون العلمي بين الكيان وبقية العالم، وقد تؤدي المقاطعة إلى زيادة التوتر السياسي بين الدول المتورطة، وتعريض العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية للخطر.
وتعبر المقاطعة العلمية عن رفض شديد للسياسات العدوانية والانتهاكات لحقوق الإنسان التي تنتهجها بعض الدول، وتسلط المقاطعة العلمية الضوء على ضرورة احترام القوانين الدولية وقواعد الأخلاق في التعامل بين الدول، كما تعزز المقاطعة العلمية دعمًا للعدالة والسلام، وتشجع على الحوار والحلول السلمية للنزاعات الدولية، وتعتبر المقاطعة العلمية وسيلة غير عنفية للضغط الدولي من أجل التغيير وتعزيز العدالة وحقوق الإنسان، ولكن يجب أن تتم بحذر لتجنب آثارها السلبية على الطلاب والأكاديميين والبيئة الأكاديمية بشكل عام.
وتقلل المقاطعة العلمية من فرص الباحثين الإسرائيليين في الوصول إلى التعاون الدولي والموارد العلمية المشتركة، ما يؤثر سلباً على البحث العلمي وعمليات الابتكار في الكيان، وقد تؤدي المقاطعة العلمية إلى تدهور سمعة الكيان أكثر على الساحة الدولية، وتعزز صورة الدولة كدولة تنتهك حقوق الإنسان وتعمل بطرق مثيرة للجدل، كما تؤدي المقاطعة العلمية إلى تقليل فرص الشراكات الاقتصادية والتجارية بين الكيان والدول التي تنفذ المقاطعة، ما يؤثر على النمو الاقتصادي والاستثمار في الكيان.
أيضاً، تؤدي المقاطعة العلمية إلى تقليل مستوى التعاون الأمني بين الكيان وبعض الدول، ما يؤثر على قدرتها على التعامل مع أوضاعها الأمنية، وإنّ المقاطعة العلمية تؤدي إلى زيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية لتغيير سياستها في المنطقة، وتعزيز الدعوات للسلام وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويمكن أن تكون المقاطعة العلمية لـ"إسرائيل" لها تأثيرات كبيرة على مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية داخل الكيان الإسرائيلي.
وبازدياد تعقيدات المشهد الدولي وتعاظم الضغوط الدولية ضد تل أبيب، يظهر أن مقاطعة الكيان الإسرائيلي لم تقتصر فقط على المجال الأكاديمي، بل تتجاوزه لتشمل مجالات أخرى أيضًا، فعلى الرغم من أن المقاطعة العلمية قد تكون وسيلة بسيطة في التعبير عن الرفض للسياسات الإسرائيلية، إلا أنها تمثل جزءًا من توجه أوسع نحو مقاطعة الكيان في مختلف المجالات، مثل الاقتصادية والثقافية والفنية وغيرها.
إذاً، يُظهر هذا التطور أن هناك تزايدًا في الضغوط الدولية على الكيان، وأن الدول والمجتمعات تأخذ مواقف أكثر حزمًا في التعبير عن رفضها للسياسات الإسرائيلية، سواء كان ذلك من خلال المقاطعة الأكاديمية أو المقاطعة في مجالات أخرى، هذا التطور يعكس توجهًا عالميًا نحو تعزيز العدالة وحقوق الإنسان، ويشير إلى أن الضغط الدولي قد يلعب دورًا مهمًا في تغيير السياسات والممارسات في الكيان، وفي تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وتجسد مقاطعة الكيان الإسرائيلي في مختلف المجالات رسالة قوية تُعبر عن التضامن مع الشعب الفلسطيني وتأييد العدالة وحقوق الإنسان، ومع استمرار هذا التطور، قد يكون للمقاطعة الكثير من الآثار على المستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة، ويبقى السؤال المطروح هو كيف ستتفاعل الحكومة الإسرائيلية والمجتمع الدولي مع هذه التحولات وما النتائج التي قد تخرج عنها في المستقبل.