الوقت - رغم أن غزة الآن في حالة حداد وتعاني من أزمة إنسانية، نتيجة حوالي 4 أشهر من الحرب والقصف من قبل الکيان الصهيوني، ولکن بعيداً عن الحرب الدائرة في غزة الآن، فإن القضية الأساسية هي اليوم التالي للحرب في غزة.
واستشهد أكثر من 25 ألف شخص في الحرب على غزة، وأجبر أكثر من 1.9 مليون شخص على ترك منازلهم، ووفقاً للأمم المتحدة، فإن 85% من سكان غزة حالياً نازحون داخلياً، ويكافحون من أجل الحياة وسط نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والدواء.
كما أن 60% من البنية التحتية في غزة، تعرضت لأضرار جسيمة أو دمرت بالكامل، وتشير التقارير إلى أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يعانون من الجوع اليومي، حيث يتناول 9 من كل 10 فلسطينيين أقل من وجبة واحدة في اليوم، ويفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى مياه الشرب النظيفة.
حجم الدمار في غزة حسب الإحصائيات
تخبرنا التقارير الرسمية أن البنية التحتية والخدمات الأساسية تنهار أكثر فأكثر كل يوم، بسبب هجمات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على قطاع غزة.
وحسب المكتب الإعلامي للسلطة الفلسطينية في غزة، حتى 3 ديسمبر/كانون الأول، أي قبل حوالي شهرين، تم تدمير ما يقرب من 65 ألف وحدة سكنية في قطاع غزة أو أصبحت غير صالحة للسكن، وتعرضت 280 ألف وحدة أخرى لأضرار جسيمة.
وفي هذا الشهر، من المحتمل أن يكون حجم التخريب قد زاد عدة مرات، ولا يوجد في غزة حالياً سوى تسعة مستشفيات عاملة ذات قدرة ضئيلة، وتعطلت 21 مستشفى أخرى تماماً بسبب القصف.
كيف ينبغي أن تكون عملية إعادة إعمار غزة؟
إن الدمار الذي لحق بغزة، لا يشمل المباني الخرسانية والإسمنتية فقط، وفي هذا الصدد، تعتقد "يارا شريف"، وهي مهندسة معمارية فلسطينية في لندن، في محادثة مع NPR (الإذاعة الوطنية العامة)، أنه نتيجةً لحرب غزة، لم يتم تدمير المباني السكنية والمدارس والمستشفيات فحسب، بل تم تدمير العديد من المباني التاريخية أيضًا.
وحسب هذه المعمارية الفلسطينية، فإن الحرب في غزة تسببت في فقدان بعض الممارسات الاجتماعية والثقافية في الأحياء التاريخية، مثل ثقافة العيش تحت الأسطح التقليدية، ثقافة أكواخ الخيزران التي اشتهرت بها غزة، والسوق التقليدي وغير الرسمي الذي كان ينشط على ساحل غزة بالذرة والباربكيو.
هذه التفاصيل المهمة جدًا مفقودة، وقد يكون من الضروري تحديد تلك المساحات المفقودة، لأننا لن نراها مرةً أخرى أبدًا، وأي إعادة إعمار لغزة يجب أن تتم من قبل شعب غزة على أساس الثقافة والهوية الفلسطينية.
ويعتقد خبراء آخرون أيضاً أن إعادة إعمار غزة لا ينبغي أن تكون خطةً تملی علی الفلسطينيين، ويأتي آخرون ويقولون إن خطة كذا وكذا ينبغي تنفيذها في مستقبل غزة، وتؤكد شريف أيضًا أن أي عملية إعادة إعمار في غزة، يجب أن يقوم بها الفلسطينيون الذين يعيشون هناك.
كم هو المبلغ المطلوب من المال؟
قال رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، إن إعادة بناء المنازل في غزة تحتاج إلى 15 مليار دولار على الأقل.
وكان "محمد مصطفى" أعلن الأسبوع الماضي في هذا الصدد، أن التقارير الدولية تشير إلى تعرض 350 ألف وحدة سكنية في غزة لأضرار كلية أو جزئية، وبافتراض أنه ينبغي إعادة بناء 150 ألف وحدة بناء بتكلفة متوسطة 100 ألف دولار، فإن 15 مليار دولار هي الحد الأدنى لتكلفة ترميم الوحدات السكنية في غزة.
فرصة للتدخل
يبدو أن إعادة إعمار غزة أصبحت الآن فرصةً لتدخلات بعض الدول، وأعلنت بعض الدول، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، عن تقديم مساعدات بملايين الدولارات لإعادة إعمار غزة، لكن السؤال الأساسي الآن هو ما إذا كان ينبغي إملاء عملية إعادة إعمار غزة من الخارج؟
ما لا شك فيه أن الإجابة على هذا السؤال هي بالنفي، وكما يؤكد العديد من الخبراء، فإن أي إعادة إعمار لغزة، يجب أن تتم من خلال الإدارة الداخلية للفلسطينيين داخل غزة.
حتى أن بعض الدول الغربية مثل ألمانيا أعلنت عن خطط لإعادة إعمار غزة بناءً على خريطة برلين، التي تظهر في الخلفية تقسيم غزة.
هذه الخطط التي تقدمها الدول الغربية والأوروبية بشكل رئيسي، تتم الموافقة عليها في تل أبيب قبل غزة، وفي هذه الحالة، ليس من العدل الموافقة على إعادة إعمار غزة على يد الغزاة والمعتدين الإسرائيليين.
ولذلك، يبدو أن أفضل طريقة لإعادة بناء غزة، هي توفير الموارد المالية والأموال اللازمة للمؤسسات الفلسطينية في غزة، حتى يتمكن الفلسطينيون من المضي قدمًا في إعادة إعمار غزة، من خلال فهم ظروفهم واحتياجاتهم.