الوقت- في تقرير عن الهجمة غير المسبوقة للغربيين حول فلسطين وكل من يدعمها ولو بالكلمة أو الموقف، خاطبت قناة الجزيرة بعض أشهر الرياضيين العالميين بسبب مناصرتهم للشعب الفلسطيني المظلوم ومعارضتهم لجرائم النظام الصهيوني الهمجية ودعم الغرب لهم.
وحسب تقارير إعلامية فإن غضب أنصار الصهيونية في الغرب ضد الدفاع عن الرياضيين المشهورين عالميًا من شعب غزة المظلوم لا يزال مستمرًا، والغربيون، الذين كانوا يزعمون دائمًا أن الرياضة ليست سياسية، لجؤوا إلى طرق مختلفة، بما في ذلك التهديد بقتل هؤلاء الرياضيين، بعد أن عبروا عن تعاطفهم وتضامنهم مع شعب غزة المظلوم، ما يظهر مدعي الحرية وحقوق الإنسان على حقيقتهم أمام العالم، في ظل وقوفهم مع أشد الكيانات الإرهابية ظلما وعدوانا على الأبرياء.
هجمة غربية شرسة
بتفصيل كبير تحدثت قناة الجزيرة في تقرير لها أن كريم بنزيمة -لاعب كرة القدم الفرنسي من أصل جزائري- على رأس من تم استهدافهم بهذا الهجوم غير المسبوق، وأعرب بنزيما عن تعاطفه مع سكان غزة عبر صفحته X (تويتر) التي استقبلت 47 مليون زائر، وهذا هو سبب اتهام الوزير الفرنسي السابق تادين مورانو له بأنه مرتزق لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، كما طلبت فاليري بوير من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي سحب الجنسية الفرنسية من بنزيما.
أيضا، تمنى ناصر مزراوي، نجم كرة القدم المغربي ولاعب فريق بايرن ميونيخ الألماني، أن ينتصر الشعب الفلسطيني على الكيان الإسرائيلي، وطالب أحد نواب البرلمان الألماني بطرده من نادي بايرن ميونخ ومن ألمانيا، كما اتهمته صحيفة بيلد الألمانية بدعم الإرهاب، لكن المزروعي لم يتراجع عن موقفه الداعم لغزة، كما انتقد يوسف عتال، لاعب على المستوى الدولي ومن الجزائر ولاعب نادي نيس الفرنسي، حكومة الاحتلال في عدة مقالات نشرها، فيما طلب إريك سيوتي من السياسيين الفرنسيين اتخاذ إجراءات ضد يوسف عتال.
أنور الغازي هو أيضا لاعب هولندي ومغربي تم فسخ عقده مع نادي ماينز الألماني بعد أن هاجمته جماهير النادي، ولم تسلم نجمة التنس التونسية أنس جابر من هذا الهجوم بسبب التهديد الذي تعرضت له لمنعها من المشاركة في كأس دوري المحترفين للسيدات بعد الشكوى الرسمية التي تقدم بها الاتحاد التابع للكيان الإسرائيلي للتنس، كما عاقب الاتحاد الأوروبي السباح المصري عبد الرحمن سامح بإزالة صورته من الصفحات الرسمية لهذا الاتحاد، وأكد سامح أنه تعرض للتهديد بالقتل بسبب دعمه لفلسطين، ولم يسلم مسعود أوزيل، النجم السابق لنادي ريال مدريد، من هذه الهجمات، فنشر تغريدة تحمل علم تركيا وفلسطين، وانتقده معجبوه بشدة بعد تصرفاته.
الرياضيون العرب يواجهون تهديدًا جديدًا
كما ذكرنا، هناك عدد من نجوم الرياضة العرب البارزين الذين يتألقون في الملاعب الغربية يواجهون تهديدًا جديدًا يمكن وصفه بأنه "قصف" من نوع آخر، وذلك نتيجة مساندتهم لضحايا القصف الذي يشهده قطاع غزة، حيث تدفع تغريداتهم على منصات التواصل الاجتماعي، التي عبّروا فيها عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني خلال النزاع الجاري في غزة، ثمنًا باهظًا. وفي الأيام الأخيرة، تم اتخاذ عقوبات صارمة وإجراءات متشددة ضد هؤلاء الرياضيين العرب، وهو أمر يمكن أن يكون مهددًا لمستقبلهم الرياضي، وخاصة النجوم الذين يشاركون في المسابقات الرياضية على المستوى العالمي أو يمارسون رياضتهم في أوروبا، حيث تتوالى القرارات والإجراءات ضد الرياضيين العرب في هذا السياق.
وتتعرض نجمة التنس التونسية، أنس جابر، لخطر الايقاف عن المشاركة في بطولات رابطة اللاعبات المحترفات ومسابقات اتحادات التنس العالمية، هذا يأتي عقب تقديم الاتحاد الإسرائيلي للتنس شكوى رسمية إلى الاتحاد الدولي للتنس ورابطة المحترفات ضد اللاعبة التونسية بسبب موقفها المساند لفلسطين.
الشكوى الإسرائيلية جاءت في أعقاب تعبير المصنفة السابعة عالميًا عن تضامنها مع فلسطين من خلال منشور نشرته على حسابها الشخصي في انستغرام، وتعرض اللاعب الجزائري يوسف عطال إلى إيقاف من قبل ناديه نيس الفرنسي بسبب اتهامات بنشر منشور يُعتبر معاديا للسامية.
وقد أعلن النادي عن تطبيق عقوبات تأديبية فورية على اللاعب من خلال موقعه الإلكتروني، وهذا قبل أن تصدر سلطات رياضية وقضائية فرنسية عقوبات أخرى، جاء ذلك خاصة بعد أن قامت النيابة العامة في مدينة نيس بفتح تحقيق أولي يوم الاثنين بتهم مثل "الدعوة إلى الكراهية أو العنف على أساس ديني" و "الدفاع عن الإرهاب"، تم ذلك نتيجة لمنشور يعتبر معاديا للسامية، وذلك في إطار التصاعد المستمر للتوتر بين "إسرائيل" وحماس.
وفي التفاصيل، تلقى اللاعب الهولندي من أصول مغربية، أنور الغازي، خبرًا صادمًا من ناديه ماينز الألماني عندما تم إخطاره بقرار إنهاء التعاقد معه، تم اتخاذ هذا الإجراء نتيجة لموقفه المساند للقضية الفلسطينية، والذي عبّر عنه من خلال تغريدة نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من حذف اللاعب للتغريدة بعد تعرضه لانتقادات حادة من قبل جماهير النادي، إلا أن النادي الألماني قرر فسخ التعاقد مع أنور الغازي بأسرع وقت ممكن، وذلك على الرغم من أنه لم يمضِ شهر واحد منذ انضمامه إلى فريق ماينز.
كذلك، شهدت صفحة الاتحاد الدولي للسباحة على وسائل التواصل الاجتماعي حذف صور السباح المصري عبد الرحمن سامح، الذي فاز بالميدالية الذهبية في بطولة العالم للسباحة التي أُقيمت في اليونان، تمت هذه الخطوة نتيجة لتصريحات السباح المصري التي عبّر فيها عن دعمه لفلسطين، وبعد تتويجه بالمركز الأول في سباق 50 متر فراشة، أعلن السباح المصري أن حياته تعرضت لتهديد خطير بسبب تلقيه تهديدات بالقتل نتيجة مساندته لفلسطين، هذا الأمر أدى إلى حذف صوره من صفحة الاتحاد الدولي للسباحة.
عيسى العيدوني، لاعب منتخب تونس ويلعب في نادي يونيون برلين الألماني، يتعرض لهجمة شرسة على منصات التواصل الاجتماعي من قبل جماهير النادي الألماني بسبب إعلانه تضامنه مع فلسطين، طالب أنصار النادي بضرورة فسخ عقده وإبعاد اللاعب عن صفوف الفريق نتيجة لموقفه المساند للشعب الفلسطيني، وأثار المنشور الذي نشره اللاعب المغربي نصير مزراوي لدعم فلسطين انتقادات من جماهير نادي بايرن ميونيخ الألماني، العملاق الألماني قرر إجراء تحقيق في "تصرفات مزراوي"، ومن المقرر أن تُعقد جلسة مع اللاعب بعد عودته من مشاركته مع منتخب المغرب "أسود الأطلس".
ماذا عن سياسة فصل السياسة عن الرياضة!
يبدو أن مبدأ "فصل السياسة عن الرياضة" لا يمثل سوى أداة تُستخدم بشكل متغاضٍ من قبل صنّاع الرياضة في العالم الغربي بالطريقة التي تناسب مصلحتهم، في بعض الأحيان، تقوم إدارات الأندية بنشر بيانات تعبيرية تميل إلى أحد الأطراف في صراع معين، كما حدث في الحرب الأوكرانية-الروسية وما يحدث اليوم في هجوم غزة، وفي بعض الحالات، يُسمح للرياضيين بالتعبير عن انحيازهم لهذه القضايا، كما فعل الحارس تيبو كورتوا من ريال مدريد والمدافع ألكسندر زينشينكو من أرسنال، اللذين عبّرا علنًا عن دعمهما لـ"إسرائيل" دون مواجهة عقوبة.
ومن ناحية أخرى، تم توقيف لاعبين آخرين وتهديدهم بالطرد ومنعهم من المشاركة في التدريبات الجماعية بحجة انتهاكهم لسياسة النادي وقيمه التي تشجع على الحياد في النزاعات السياسية، يبدو أن هناك تطبيقًا مزدوجًا لهذا المبدأ حسبما تخدم المصالح المحددة في كل حالة، ويبدو أن قوانين ومدوّنات الاتحادات الرياضية الدولية تفتقر إلى مواد واضحة تحدد بشكل دقيق تداخل السياسة مع الرياضة، وبدلاً من ذلك، تشتمل هذه القوانين على عبارات عامة وعناوين فضفاضة تشير إلى ضرورة جعل الملاعب الرياضية مواقع للتلاقي والتقارب بين الشعوب، ونبذ الخلافات العرقية والدينية، وتجنب الانجراف نحو الانقسامات السياسية، وبالتالي، تُترك للاتحادات الرياضية نفسها حرية تحديد ما هو مسموح وما هو ممنوع في هذا السياق.
على سبيل المثال، قامت الاتحادات الرياضية باتخاذ إجراءات لمنع اللاعبين والأندية الروسية من المشاركة في المسابقات الرياضية بناءً على أحداث سياسية، مثل الحرب على أوكرانيا، وتم استبعاد المنتخب الروسي من تصفيات كأس العالم 2022 لكرة القدم في قطر، وتم منع الرياضيين الروس من المشاركة في الأولمبياد الشتوي 2022، إضافة إلى ذلك، تم منع اللاعبين الروس من المشاركة تحت اسم بلدهم في دورات الغراند شلام لكرة المضرب.
هذه الأمثلة تُظهر كيف يمكن لتداخل السياسة مع الرياضة أن يؤدي إلى قرارات تأديبية تؤثر على مشاركة الرياضيين والأندية في المسابقات الدولية، وفي الفقرة الرابعة من لوائح الفيفا، تمنع اللاعبين من عرض أي رموز سياسية على قمصانهم الداخلية والخارجية، وتمنع رفع لافتات سياسية، لقد قام الفيفا بمعاقبة أندية ولاعبين في العديد من المرات بناءً على هذه القاعدة، على سبيل المثال، في عام 2014، تم تغريم الاتحاد الأرجنتيني بمبلغ 30 ألف فرنك سويسري بسبب وقوف اللاعبين أمام لافتة كُتب عليها "جزيرة فوكلاند أرجنتينية" قبل بدء إحدى مباريات منتخب كرة القدم.
ومع ذلك، يبدو أن الفيفا تتعامل بشكل مختلف مع بعض الحالات، فقد سُمح برفع الشعارات المنددة بالغزو الروسي لأوكرانيا في الملاعب العالمية، وسُمح للاعبين الأوكرانيين بالتعبير عن انتقادهم لروسيا خلال المؤتمرات الصحفية، ويُعتبر هذا تناقضًا واضحًا مع مبدأ عدم إشراك السياسة في الرياضة، وفي مثال آخر يُظهر ازدواجية المعايير التي اتبعها الفيفا، ونجد حادثة معروفة في عام 2008، حيث قام محمد أبو تريكة، نجم المنتخب المصري في ذلك الوقت، بعرض قميص داخلي عليه عبارة "متعاطف مع غزة"، في وقت كانت غزة تتعرض لعدوان إسرائيلي، وقام الاتحاد الإفريقي بإصدار إنذار للّاعب، حذره فيه من تكرار هذا السلوك، وكانت هناك نية للاتحاد الإفريقي لإيقاف أبو تريكة واستبعاده من بطولة إفريقيا، لولا الضغط الذي مارسته الاتحادات العربية الإفريقية في ذلك الوقت، حيث رأت هذه الاتحادات أن تصرف أبو تريكة لا يسبب أي ضرر لأحد وأنه يمثل موقفًا إنسانيًا.
على الجانب الآخر، قام لاعب منتخب غانا جون بانتسيل برفع علم الكيان الإسرائيلي خلال مونديال 2006 في ألمانيا في إحدى المباريات دون أن يتعرض لأي إنذار من الفيفا، وهذا يشير إلى عدم تكافؤ المعاملة في التعامل مع قضايا سياسية في الرياضة، حيث يُشاهد أحد اللاعبين يقدم تصرفتً سياسياً ويُسمح له بذلك دون عقوبة، بينما يُعاقب لاعب آخر على تصرف مماثل.
ولا داعي للحديث عن حالة ضغط من قبل جماهير بعض الأندية الأوروبية على اللاعبين بسبب مواقفهم السياسية، وتظهر هذه الحالة بوضوح في الدوري الألماني، حيث تعرض اللاعب التونسي عيسى العيدوني لحملة واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جماهير نادي يونيون برلين، هذه الجماهير طالبت بإجباره على الاعتذار، وطالب البعض الآخر بطرده من النادي، يجب أن نلاحظ أن يونيون برلين كان قد أعلن عن تضامنه مع "إسرائيل" بعد عملية "طوفان الأقصى".