الوقت- في الفترة المنصرمة، أعلنت جمعية كبيرة من الأكاديميين والمثقفين والأدباء المصريين دعمها الكامل للجهود المبذولة من قبل المقاومة الفلسطينية، وعبّروا عن غضبهم الشديد إزاء إجراء الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال حاملة طائرات إلى منطقة البحر المتوسط.
وأجمعت الغالبية العظمى من هؤلاء على أن "إسرائيل" تعرَّضت لضربة قوية، وأنها لن تستعيد مكانتها السابقة، مع تأكيد الشعب المصري من خلال أدبائه ومثقفيه ومواطنيه على ضرورة دعم المقاومة في فلسطين بما يعكس وحدة وتماسك الأمة العربية في هذا الوقت الحساس.
وتحث هذه الدعوة إلى دعم المقاومين في فلسطين بكل الوسائل الممكنة، سواء بالسلاح أو بالكلمة، نظرًا للانتهاكات الوحشية التي يتعرض لها الفلسطينيون على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهذه الانتهاكات تشمل جرائم قتل واستهداف للمدنيين والممتلكات والمقدسات الفلسطينية، إضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان مثل التعذيب والاعتقال التعسفي.
المصريون يناصرون فلسطين
يعبر هذا التضامن المصري عن رفض الشعوب العربية للانتهاكات الصهيونية واستنكارهم لتصاعد العنف والقمع ضد الشعب الفلسطيني، وتظهر هذه الدعوة أن النخبة والجماهير العربية تعارض بقوة السياسات التي تدعم الصهيونية وتدعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة، وقال الدكتور إسماعيل صبري مقلد، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إن إرسال الولايات المتحدة حاملة الطائرات إلى البحر الأبيض المتوسط في هذا التوقيت وبهذه السرعة يعزى إلى دعم أي هجوم إسرائيلي محتمل على إيران.
ويُشير إلى أن القتال الحالي في قطاع غزة ومحيطه لا يتطلب بالضرورة إرسال حاملة طائرات بحجمها وقوتها إلا إذا كان هناك هدف كبير يتعين على الجانبين الاحتفاظ بسريته.
ويُشير إلى أن "إسرائيل" ليست في حرب مع جيش نظامي، بل تواجه مجموعات محدودة من المقاتلين غير النظاميين، وهذا ليس مبرّرًا كافيًا لإرسال حاملة الطائرات العملاقة بقدراتها الهجومية الضخمة.
وتوقع محللون أنه بعد انتهاء "إسرائيل" من التحكم في الوضع الأمني في قطاع غزة من خلال الحرب الشاملة الجارية، ستتجه نحو شن هجمات على حزب الله وإيران، ويُظهر ذلك اقتناعها بأن السيناريو الرائع للتخطيط والتنفيذ الذي قامت به حماس في هذه الفترة، والذي ألحق بها خسائر جسيمة لم تكن متوقعة، كان لهما دورًا رئيسيًا فيه، وعلى الرغم من تجنب "إسرائيل" في البداية الإشارة إلى ذلك للتفرغ لحربها على جبهة واحدة، إلا أنها تلقت تحذيرات من الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه، والتي بالتأكيد كان لها تأثيرها فيما بعد حزب الله وإيران على كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ومن ناحية أخرى، انتقد السفير محمد مرسي الاتحاد الأوروبي لقراره بوقف المساعدات مؤقتاً عن الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس، وكذلك انتقد المواقف الأمريكية والأوروبية التي دعمت "إسرائيل" دون أدنى تحفظ.
وأكد أن هذا الإجراء يعتبر عقابًا جماعيًا للشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل الحرية والكرامة، وأضاف السفير مرسي إن دعم وتأييد الفلسطينيين يجب أن يكون التزامًا واجبًا على كل عربي، وخاصة في الأيام القادمة التي ستشهد تصاعدًا للعنف والدمار في قطاع غزة وباقي الأراضي المحتلة، برعاية ومشاركة أمريكية وأوروبية.
وأشار إلى أن الحكومات العربية ملزمة بالتحرك ودعم الحق الفلسطيني، وأن من يدافع عن هذا الحق اليوم لا يجب تصنيفه بأنه إرهابي.
وأضاف إن عقوبة التاريخ ستكون صارمة جدًا لكل من تقاعس في دعم القضية الفلسطينية، وإن عقوبة الله في الدنيا والآخرة ستكون أقرب مما يتصورون.
واختتم بالدهشة من تحرك الولايات المتحدة بسرعة لنشر حاملة الطائرات بالقرب من غزة وإرسال القوات وتزويد "إسرائيل" بالطائرات والصواريخ والذخيرة، وأثار استفسارًا: هل تُعِد واشنطن للمشاركة إلى جانب "إسرائيل" في هجوم واسع النطاق على غزة، أم إنها تستعد لهجوم مشترك أمريكي - إسرائيلي على إيران؟!
وفي هذا السياق، قام الأكاديمي المصري المشهور، د. سعد مصلوح، بالإشارة إلى قول أمير الشعراء أحمد شوقي: "وقفتمْ بينَ موتٍ أو حياة، فإن رُمْتمْ نعيمَ الدهرِ فاشْقُوا، ومن يَسْقِي ويَشْربُ بالمنايا إذا الأحرارُ لم يُسْقَوْا ويَسْقُوا، ففي القتلى لأجيال حياةٌ وفي الأسرى فدًى لهمُ وعِتْقُ، وللحرية الحمراء بابٌ بكل يدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدقُّ."
إضافة إلى ذلك، أشار السياسي المصري سيد مشرف إلى أن أبطال حماس قد تذوقوا لحم جنود النخبة في جيش "إسرائيل" ووجدوه ألذ من لحم الضأن.
وقد أكد أن "إسرائيل" لن تعود أبدًا إلى ما كانت عليه وأنها كانت تظهر للجميع بأنها أقوى مما هي عليه في الواقع، أيضا أحمد السيد النجار، الرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام، أشار إلى أن سباق جمهور الأهلي والزمالك وجماهير الأندية الرياضية الجماهيرية الأخرى في مصر لدعم فلسطين ومؤازرة مقاومتها البطلة يعد مؤشرًا صحيحًا.
وأكد أن مصر بأكملها تقف إلى جانب الحق الفلسطيني وتؤيد جميع أشكال النضال من أجل تحقيق هذا الحق، وأضاف إن هذا التضامن يشمل معظم الشعب المصري، باستثناء عدد قليل من المتعاونين مع الصهاينة والمصالح المباشرة معهم وأسيادهم في الغرب.
جرائم "إسرائيل" والتغطية العربية
في الوقت الذي يتواصل فيه الاحتلال الإسرائيلي في استهداف وقتل وتهجير الفلسطينيين ونهب أراضيهم، ويسعى إلى إبادة الفلسطينيين وتغيير التركيبة السكانية في مصلحة اليهود الإسرائيليين، فإن البعض يلاحظ أن العرب بالقدر نفسه يشعرون بمعاناة الفلسطينيين أو تحدياتهم، ويمكن أن يكون هذا نتيجة لأسباب متعددة وخاصة التجربة الدموية مع الاحتلال، بما في ذلك الجرائم الأخيرة في غزة.
وقد يرى البعض هذا الاندفاع أو التقدير للمعاناة الفلسطينية على أنه انتصار كامل لفلسطين بالشعوب العربية، ويمكن أن يعزى ذلك إلى اتخاذ بعض الوسائل الإعلامية أو السياسية توجهًا معينًا يلبي طموحات تلك الشعوب.
في هذا السياق، يُذكر أن بعض القنوات الإعلامية العربية، بما في ذلك قناتي "العربية" السعودية، و"الجزيرة" القطرية، يغطون لحظيّاً التطورات في فلسطين.
وكان هناك توازن كبير في التغطية الإعلامية للقضية الفلسطينية مع ضرورة تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وحقوقهم بشكل عادل وموضوعي، فهذا النقاش حول التغطية الإعلامية لقضية فلسطين عكس تغطيات كبيرة لوسائل الإعلام العربية في التعامل غير المسبوق مع قضية فلسطين، ويُمكن فهم موقف الخبراء الإعلاميين الذين يرون أن نقل وجهات النظر الفلسطينية بتفاصيلها دون التورط مع تصريحات الاحتلال العنصرية بأنهم يسعون إلى توفير توازن وموضوعية في تغطيتهم للأحداث، مع تسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني وحقوقهم وتوجيه الاهتمام إلى قضيتهم بشكل عادل ومتوازن، فالصراع الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي هو صراع طويل الأمد ومعقد، ويتطلب تغطيته بعناية وموضوعية لفهم جوانبه المتعددة وأثره على الفلسطينيين من كل الزوايا والتعبير عن وجهات نظرهم.
"إسرائيل" تخطط للحرب على إيران
إن "إسرائيل" لن تُضيِّع أي فرصة مهما كان الثمن باهظاً في حال شنت حربًا شاملة ضد إيران، ويُرجح أن هذا السيناريو قد يشمل تشكيل حكومة طوارئ أو حكومة حرب في كيان الاحتلال تضم بعض قادة المعارضة، إضافة إلى استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط، هذا الإجراء الرهيب له دلالاته ومعانيه العميقة، ولن تلجأ "إسرائيل" إليه إلا إذا كان هناك أمر كبير مُرتقب سيحدث.
مع وجود المؤشر الآخر هو التحذيرات التي تصدر الآن من الجهات الرسمية في إيران، حيث يُحذّر بشدة من العواقب الخطيرة المحتملة لأي هجوم إسرائيلي على الجمهورية الإسلامية، والحديث عن أن الرد على مثل هذا الهجوم سيأتي من مصادر متعددة، هذه التحذيرات تمثل علامة واضحة على إحساس طهران بذلك، وربما تشير إلى أنها قد تتخذ إجراءات تتجاوز مجرد توجيه تهديدات وتوجيه رسائل للردع، وتتجه نحو توقع واقعي لحدوث هجوم في أي لحظة.
ولا شك أنّ إيران قد دخلت في مرحلة استنفار قواها لتكون في أعلى مستويات الجاهزية للرد الشامل، كما أن حرب غزة قد تكون السبيل إلى هذه الحرب الإسرائيلية المتوقعة ضد طهران، وقد تكون الذريعة التي تحتاجها تل أبيب الآن لشن هجوم على إيران، وربما تكون وراءها مصالح الغرب بأكمله، وخاصة أن الموقف في الشرق الأوسط خطير جدًا، وأن احتمال نشوب حرب إقليمية كبيرة يبقى واردًا ولا يجب استبعاده، وربما تنشأ حرب بين الكيان ومحور المقاومة بدعم عسكري غير محدود من الولايات المتحدة، وهذا قد يؤدي إلى كارثة هائلة في المنطقة، والتي لا يمكن معرفة مداها بالتحديد، وعليه، يجب على جميع دول المحور أن يكونوا مستعدين لتوقع أي عدوان في أي لحظة.
