الوقت- بعد أيام قليلة من كارثة الفيضانات التي سببها انهيار السد في ليبيا، والتي أدت إلى مقتل واختفاء عشرات الآلاف من الأشخاص، الآن هناك إشارة خطر حول إمكانية تكرار مثل هذا الحدث في الموصل بالعراق، والتي يمكن أن تكون أكثر تدميراً، مقارنة بما حدث في ليبيا.
وفي هذا الصدد، وفق موقع "الحرة" الإخباري نقلا عن مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" الأمريكية، إن وضع "سد الموصل" مقلق ويوصف بـ "السد الأخطر" في العالم.
ويتناول هذا التقرير تداعيات انهيار سد الموصل شمال العراق، سواء من حيث الخسائر البشرية أو الأضرار المالية.
ويبلغ ارتفاع سد الموصل، الذي وصفته المنظمة الهندسية للجيش الأمريكي عام 2006 بأنه "أخطر سد في العالم" 131 مترا وعرضه ثلاث كيلومترات، ويمكنه تخزين ما يصل إلى 11 مليار متر مكعب من المياه.
ويعتبر هذا السد أكبر خزان مياه في العراق ورابع أكبر سد في منطقة غرب آسيا، والذي إضافة إلى توفير مياه الشرب والزراعة لسكان الموصل، يوفر الكهرباء لنحو 1.7 مليون شخص، لكنه مبني على أسس من الجبس، ويجب أن يتم سد الفجوات التي تنشأ عن ذلك ويحتاج إلى الحقن المنتظم والمستمر للإسمنت وهذه العملية مستمرة منذ الانتهاء من بناء السد عام 1984.
ومع سيطرة تنظيم "داعش" على الموصل وتوقف عمليات صب الخرسانة لتعزيز أسس السد، انتشرت أيضا المخاوف من احتمال وقوع كارثة، واحتل تنظيم "داعش" هذا السد في 8 آب 2014، وتمت استعادته من "داعش" في 16 آب 2014، ورغم احتلالهم المنطقة لفترة قصيرة، إلا أنهم ألحقوا أضرارا كبيرة بالسد.
وفي عام 2016، وحسب دراسة أعدتها جامعة لول للتكنولوجيا السويدية، بعد 4 ساعات من انهيار السد، ستواجه الموصل موجة من المياه يبلغ ارتفاعها 80 قدماً (أكثر من 24 متراً)، تليها موجة يزيد ارتفاعها على 15 متراً حتى وصولها مدينة تكريت.
كما ستصل هذه الموجة إلى بغداد 640 كم جنوب الموصل بعد أقل من 48 ساعة من انهيار السد، وستواجه العاصمة موجة مدمرة بارتفاع 4 أمتار ستغمر مساحة حوالي 210 كيلومترات مربعة حول العاصمة.
كما أن انهيار السد، إضافة إلى الخسائر المالية والبشرية، ستكون له آثار أخرى ثانوية وطويلة المدى تزيد من حجم الكارثة، مثل تدمير شبكة توليد الكهرباء والبنية التحتية للمياه والمنتجات الزراعية، ما سيجعل حياة المواطنين صعبة للغاية بعد الفيضان.
والآن، تقول شبكة ناشيونال جيوغرافيك نقلاً عن خبراء، إنه إذا لم يتم تطهير مسار الفيضان خلال ثلاث أو أربع ساعات، فإن انهيار السد قد يؤدي إلى وفاة مليون ونصف مليون شخص يعيشون على طول نهر دجلة.
ويرى التقرير أن احتمال حدوث كارثة إنسانية هائلة واضح، لكن الانهيار يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تدمير آلاف المواقع الأثرية والثقافية على طول نهر دجلة، وتشمل هذه المواقع أيضًا آثار نمرود ونينوى، العاصمة القديمة لآشور، التي كانت ذات يوم أكبر مدينة في العالم وأول إمبراطورية حقيقية نشأت في الألفية الأولى قبل الميلاد.
ويعتقد مايكل دانتي، أستاذ علم الآثار في جامعة بوسطن، أنه "باستثناء أنه سيتم محو آلاف المواقع الأثرية والمواقع التراثية، فمن الصعب تقدير ذلك"، مضيفا "ستكون خسارة غير مسبوقة".
وبعد هذه التحذيرات، وقعت الحكومة العراقية عام 2016 عقدا مع شركة تريفي الإيطالية لصيانة السد، وفي الوقت نفسه، ولسبب منفصل، تم توقيع اتفاقية مع هيئة المهندسين بالجيش الأمريكي (USACE) لإدارة الأمور الهندسية للمشروع.
وعلى الرغم من تسليم هذه المسؤولية إلى الشركات العراقية في عام 2019، إلا أن إيطاليا تواصل مساعدة الحكومة العراقية في صيانة هيكل السد، وحتى تركيا قدمت مقترحات للحكومة العراقية للمشاركة في مشروع صيانة وإعادة إعمار السد.
ورغم كل التحذيرات، اعتبرت الحكومة العراقية المخاوف التي أثيرت بشأن صحة أساسات السد لا أساس لها من الصحة، والشهر الماضي أكد عون ذياب وزير الموارد المائية العراقي أن وضع سد الموصل مطمئن ومستقر، وقال ذياب في لقاء تلفزيوني: كان هناك قلق سابق بشأن سد الموصل، لكن هذا القلق اختفى وهذا السد في أفضل حالاته.
كما ذكرت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) في وقت سابق من الشهر الماضي أن سد الموصل "آمن"، وقال مساعد مدير المشروع في هذه المنظمة هاري بيتشكروفت لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع): إنه تم تشكيل مجلس الخبراء الدولي لتقييم سد الموصل، وكانت نتائج عمليات التفتيش مطمئنة للغاية.
وأضاف بيتشكروفت: "أوصى المجلس في زيارته الأخيرة بارتفاع منسوب المياه إلى 325 متراً فوق سطح البحر، ما يعني أن السد آمن ويمكن رفعه دون مشاكل".