الوقت-عمل الكيان الصهيوني الغاصب وخلال كل السنوات الماضية على بناء المستوطنات في الضفة الغربية وتوسيع الاستيطان الصهيوني في جميع مناطق فلسطين المحتلة،العمل الذي قام به كيان الاحتلال الصهيوني يعد خرقاً للقانون الدولي الانساني، الذي ينص على القوانين والنظم المتبعة في اوقات الحرب والاحتلال. بل يعد هذا ايضاً خرق لحقوق الانسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولي، حيث يمنع القانون الدولي الانساني الكيان المحتل من نقل مواطنيه الى المناطق التي قام باحتلالها (بند 49 لاتفاقية جينيف الرابعة). بالاضافة الى ذلك تنص انظمة "لاهاي" على منع الكيان الصهيوني من اجراء تغيرات دائمة فى الاراضي المحتلة، باستثناء تغييرات ضرورية لحاجات عسكرية او لصالح السكان المحليين. وما تجب الإشارة اليه أن بناء المستوطنات يمس بحقوق الفلسطينيين، المنصوص عليها في القانون الدولي فيما يخص حقوق الانسان. من بين الحقوق المنتهكة، الحق بتقرير المصير، حق المساواة، حق الملكية، الحق لمستوى لائق للحياة وحق حرية التنقل..
وفي هذا السياق من الجدير القول إن المستوطنات التي عمل الكيان الصهيوني على إيجادها هي غير شرعية وغير قانونية بموجب القانون الانساني الدولي حيث اوجدت إسرائيل في الاراضي المحتلة نظام الفصل المبني على التمييز، واقامت في المنطقة نفسها جهازيين قضائيين منفصلين والتي فيها تحدد حقوق الانسان حسب انتمائه القومي، هذا النظام هو الوحيد من نوعه في العالم ويذكرنا بانظمة قائمة من الماضي كنظام التفرقة العنصرية (الابرتهايد) الذي ساد في جنوب افريقيا.
"مشروع القرار الفلسطيني حول الاستيطان"... ضغوطات أمريكية
قبل أيام نشرت بعض المواقع الاخبارية تسريبات حول سحب مشروع القرار الفلسطيني حيث تم الكشف من خلال مصدر دبلوماسي رفيع (سفير إحدى الدول العربية- ليس فلسطين) أن مشروع القرار الفلسطيني سحب تماما واستبدل ببيان رئاسي.والبيان الرئاسي يعتبر وثيقة رسمية لكنه دون مستوى القرار، ولا يصدر إلا بإجماع أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر ما يعطي فرصة للتخفيف من مضمونه ولغته كي يتم التوافق على النص.وبعد توزيع النسخة المعدلة لمشروع القرار الفلسطيني على أعضاء مجلس الأمن الدولي حول إدانة الاستيطان الإسرائيلي والمطالبة بوقفه فورا، ودخوله فترة الصمت التي لو انتهت دون كسرها سيكون مشروع القرار جاهزا للتصويت عليه.
في السياق نفسه تم التطرق إلى أن النسخة المعدلة ستُدخل عليها تعديلات جديدة تخضع لمفاوضات مع الوفدين الإماراتي والفلسطيني أو قد تسحب نهائيا ويتم استبدال مشروع القرار ببيان رئاسي. في السياق نفسه تلقى كل من الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مكالمة من وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، تتعلق بالخطوات التي سماها أحادية والتي لا تخدم المفاوضات من أجل حل الدولتين. وحسب بيان من المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، فقد أكد بلينكن لعباس التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين عبر المفاوضات وأنه “يعارض أي سياسة تعرض هذا الحل للخطر”. وقال برايس إن وزير الخارجية قد طلب من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي اتخاذ خطوات لإعادة الهدوء وأنه عارض أي خطوات أحادية من شأنها أن تزيد من التوتر. وقد أكد بلينكين في مكالمته لنتنياهو التزام الولايات المتحدة الصلب وغير القابل للمساومة بأمن إسرائيل.
شرعَنة الاستيطان...الأسباب
في وقت سابق تم الكشف عن الدور الذي تلعبه الامارات إلى جانب الكيان الصهيوني في شرعنة الاستيطان حيث أبلغت الإمارات مجلس الأمن الدولي بأنها لن تدعو للتصويت على مشروع قرار يطالب إسرائيل “بوقف فوري وكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة”،وفي مذكرة أرسلتها في وقت سابق، قالت الإمارات للدول الأعضاء في مجلس الأمن إنها تعكف حاليا على صياغة بيان رسمي، يُعرف باسم البيان الرئاسي، يتعين على المجلس المكون من 15 عضوا الموافقة عليه بالإجماع.وقالت المذكرة “بالنظر إلى المحادثات الإيجابية بين الأطراف، فإننا نعمل الآن على مسودة بيان رئاسي من شأنه أن يحظى بالإجماع”.وأضافت “وبناء على ذلك، لن يكون هناك تصويت على مشروع القرار غدا الاثنين. وسيستقي الكثير من لغة البيان الرئاسي من تلك المصاغ بها مشروع القرار”.
وعبرت الولايات المتحدة يوم الخميس عن استيائها الشديد من قرار إسرائيل توسيع المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووصفت محاولات دفع مجلس الأمن للتنديد بهذه الخطوة بأنها “غير مفيدة”.وفي ذات السياق كشف موقع عبري ، عن تفاصيل الصفقة التي أدت الى سحب دولة الإمارات لمشروع قرار وقف الاستيطان من التصويت في مجلس الأمن. وقال موقع “واللا ” العبري، إن عناصر التفاهمات بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية حسب مصدرين إسرائيليين هي:التزام إسرائيل بتجميد لعدة شهور خطط بناء إضافية في المستوطنات،تجميد لعدة شهور هدم منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية،التجميد لشهور إخلاء الفلسطينيين من منازلهم في المناطق المصنفة “ج”، التخفيف من عمليات الاقتحام الإسرائيلية للمدن الفلسطينية، موافقة إسرائيل على إجراء بعض التغييرات في مجال الضرائب على جسر اللنبي حيث ستدخل لموازنة السلطة أكثر من 200 مليون شيكل سنوياً، السلطة الفلسطينية وافقت على تنفيذ الخطة الأمنية التي وضعها المنسق الأمني الأمريكي مايك فنزل لإعادة سيطرة السلطة على جنين ونابلس، موافقة السلطة الفلسطينية على العودة لمحادثات لإعادة التنسيق الأمني مع إسرائيل
الموقف الامريكي
دأبت الولايات المتحدة على حماية حليفتها إسرائيل في الأمم المتحدة. لكن في عام 2016 امتنعت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عن التصويت للسماح للمجلس بتبني قرار يطالب إسرائيل بوقف بناء المستوطنات.وتقول معظم القوى العالمية إن المستوطنات التي بنتها إسرائيل على أراض احتلتها في حرب عام 1967 غير قانونية. وترفض إسرائيل ذلك وتعزو احتلالها للضفة الغربية إلى صلات توراتية وتاريخية وسياسية، فضلا عن مصالح أمنية.
وبعد إعلان الحكومة الإسرائيلية إصدار تراخيص للمواقع الاستيطانية الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن إنه “منزعج للغاية”.وكان مشروع قرار مجلس الأمن الذي قدمته الإمارات سيؤكد من جديد على أن “إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس صحيحا من الناحية القانونية ويمثل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي”.
كما ندد مشروع القرار جميع محاولات ضم أراض فلسطينية، بما في ذلك القرارات والإجراءات التي تتخذها إسرائيل بخصوص المستوطنات.بدورها استنكرت حركة حماس، مساء الأحد، تراجع السلطة الفلسطينية، عن طرح مشروع قرار يدين الاستيطان أمام مجلس الأمن، بعد ضغوط أمريكية.وقال الناطق باسم حماس حازم قاسم:” ندين ونستنكر بشدة استجابة السلطة الفلسطينية في رام الله للطلبات الأمريكية بسحب مشروع قرار لادانة الاستيطان في مجلس الأمن، ونعتبر ذلك سلوكاً خارجاً عن الاجماع الوطني”.وأضاف قاسم في تصريح صحفي إن السلطة مُصرة على شراء الوهم من الادارات الامريكية وحكومات الاحتلال ، وهذا لا يعبر عن موقف الشعب الفلسطيني.وأشار قاسم إلى أن هذا السلوك يقدم خدمة مجانية للاحتلال، ويعمل على تجميل صورته البشعة أمام الرأي العام العالمي، ويشجع مسار التطبيع البغيض. وتابع:” شعبنا الفلسطيني سيواصل نضاله حتى طرد الاحتلال عن كامل أرضنا وكنس كل مستوطناته، ولن تمر الخطة الأمريكية لوأد ثورة شعبنا”.
مجلس الأمن يتبنى موقفاً معارضاً
تبنى مجلس الأمن موقفاً معارضاً لجميع "الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، ومنها بناء المستوطنات وتوسيعها، ومصادرة الأراضي الفلسطينية و"شرعنة" المستوطنات وهدم مساكن الفلسطينيين وتهجيرهم"، وواشنطن تعطّل التصويت على قرار إدانة.جاء هذا الموقف لمجلس الامن يوم الإثنين، حيث يعتبر هذا الموقف هو الأول منذ 6 أعوام، ضدّ المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن، في بيان غير ملزم، بسبب رفض أميركي أدّى إلى تعثّر التصويت على مشروع قرار إدانة.
وأكّد المجلس "معارضته جميع الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، ومنها بناء المستوطنات وتوسيعها ومصادرة الأراضي الفلسطينية و"شرعنة" المستوطنات وهدم مساكن الفلسطينيين وتهجيرهم".وأعرب المجلس عن "قلقه العميق وتفاجئه" بإعلان "إسرائيل شرعنة" 9 بؤر استيطانية، وبناء مساكن جديدة في المستوطنات القائمة حالياً في الأراضي المحتلة.
من جهة اخرى، سارع مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى التنديد بالبيان، مستخدماً الاتهامات الدائمة لأي قرار يدين الجرائم الإسرائيلية بأنه "معادٍ لليهود"، في محاولة لكسب التعاطف الدولي.وأكد نتنياهو، في البيان، أنه "ما كان ينبغي أبداً للولايات المتحدة أن تؤيد طرح هذا النص" في مجلس الأمن.يأتي كلام نتنياهو عقب تصاعد وتيرة الانتقاد ضد سياساته بين السياسيين الأميركيين.
وكان السيناتور الأميركي، بيرني ساندرز، قال، أمس الأحد، إنه "يجب على الولايات المتحدة إعادة النظر في الظروف التي تقدّم بموجبها المساعدة المالية إلى إسرائيل"، مؤكداً أنه "يتعين علينا وضع بعض القيود على ذلك، والقول إنه لا يمكن ل (إسرائيل) إدارة حكومة عنصرية". وأثار هذا المشروع لإدانة الاستيطان الإسرائيلي استياءً لدى حليفة "إسرائيل" التاريخية، الولايات المتحدة، التي تتسلّح بحقّ النقض "الفيتو" في مجلس الأمن.وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أن القرار "قليل الفائدة"، علماً بأنها لم تستطع تجنّب التنديد بالإعلان الإسرائيلي الجديد بشأن المستوطنات الـ 9.
ما مدى تأثير موقف مجلس الامن على الاستيطان؟
أعلن لوي شاربونو، من منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أنه "على الرغم من أنّ إعلان اليوم مفيد، وعلى رغم مضمونه المخفّف تحت ضغط الولايات المتحدة وإسرائيل، فإنّه بعيد كلّ البعد عن الإدانة الصارخة التي يستحقّها الوضع الخطير" في فلسطين المحتلة.وأثار القرار غضب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، الذي ندّد بقرار مجلس الأمن، وقال، في محاولة لاستعطاف ممثلي الدول الحاضرين، إنه "كان يجدر أن يخصّص اجتماع اليوم بكامله للإسرائيليين الذين قتلوا أخيراً"، قبل أن ينهض ويدعو إلى الوقوف "دقيقة صمت"، من دون أن يجاريه أيّ من أعضاء الوفود الحاضرة.ويشهد الاحتلال الإسرائيلي ما يُعَدّ أزمةً على مستوى العلاقات الدولية مؤخراً، وذلك على خلفية استمرار انتهاكاته المتمادية لحقوق الإنسان في فلسطين، وتزايد الإجراءات العنصرية لحكومة نتنياهو.
في الختام يمكن القول إن استمرار الكيان الصهيوني في توسيع الاستيطان يعد جريمة بحق الإنسانية وفي هذا السياق يظهر حجم الدعم الإماراتي والامريكي في دعم الكيان الصهيوني للاستيطان وممارسة جرائمه ضد أبناء الشعب الفلسطيني، من جهة اخرى يعتبر قرار مجلس الامن الدولي إدانة واضحة للجرائم الصهيونية ولكن يبقى السؤال حول مدى تأثير قرار مجلس الامن على وقف الاستيطان؟