الوقت- يتّجه المشهد الفرنسي إلى مزيد من التعقيد مع إصرار الحكومة على المضي بإقرار قانون التقاعد، وتشدد النقابات في رفضه والدعوة إلى تظاهرات جديدة الشهر المقبل.
في الشارع والبرلمان تتعقد المواجهة بين الحكومة الفرنسية والنقابات والمعارضة السياسية. الموجات الأربع من الاحتجاجات والإضرابات لم تزحزح بنداً واحداً في مشروع إصلاح التقاعد، الذي يرى فيه إيمانويل ماكرون خروجاً من الأزمة وإطلاقاً لعجلة العمل، فيما لا تتراجع القوى النقابية والمعارضة قيد أنملة عن رفضها وقرارها بالمواجهة مهما كلّف الثمن.
عاصمة الأنوار التي خفت بريقها جراء تداعيات وباء كورونا، وتكاليف انخراطها في حرب أوكرانيا، تعيش أزمة متشعّبة ومعقّدة قد تكون الأخطر منذ 1968، تاريخ أقوى وأعنف حركة احتجاج طلابية نقابية أحدثت تحوّلاً في التاريخ الفرنسي الحديث.
وفي اليوم الرابع للتظاهرات التي تجاوزت مليوني مشارك، دعا الاتحاد النقابي إلى "إيقاف فرنسا" يوم الثلاثاء 7 آذار/مارس، إذا ظلّت الحكومة "صمّاء" عن التعبئة.
الشعار الجديد الذي رفعه الاتحاد: تشديد التحدي ضدّ إصلاح نظام التقاعد. وقالت النقابات الفرنسية الرئيسية الثماني، إنّها مستعدّة يوم السبت "لوقف فرنسا في جميع القطاعات، وطالبت السلطة التنفيذية "بسحب مشروع القانون" وأعضاء البرلمان "برفض هذا النص بشدّة".
وبالنسبة إلى زعيم نقابة "CGT"، فيليب مارتينيز، "الكرة في ملعب رئيس الجمهورية والحكومة لمعرفة ما إذا كان يجب تضخيم الحركة أو تقويتها، أو إذا أخذوا في الاعتبار التعبئة الحالية".
ويقدّر المسؤول الأول في نقابة "CFDT " لوران بيرجير، أنّ هذا الإعلان "عن تصعيد 7 آذار/مارس، يترك القليل من الوقت إذا أرادوا الرد"، وألقى باللوم على "الموقف الثابت والحاسم للحكومة" الذي يريد رفع سن التقاعد القانوني من 62 إلى 64.
وأوضح بيرجير، أنّ 7 آذار/مارس سيكون موضوع "دعوة إلى إضراب لمدة 24 ساعة، ولكن ليس بالضرورة أطول ". خيار برّره فيليب مارتينيز بالقول: "مسألة التجديد لا تُحسم على مستوى الاتحادات النقابية، بل على مستوى الشركات والخدمات". وعلى سبيل المثال، دعا الاتحاد النقابي لشركة النقل العام "RATP"، إلى إضراب قابل للتجديد اعتباراً من تاريخ 7 آذار/مارس.
البرلمان وقلق الحكومة
عندما يتحدث تشارلز دي كورسون، أكثر أعضاء الجمعية احتراماً والأكبر سناً، عن إنكار الديمقراطية فيما يتعلق بفحص مشروع إصلاح المعاشات التقاعدية، يجب على الحكومة أن تقلق. قلقٌ نابع من معرفة الحكومة والمجموعة البرلمانية التابعة لماكرون، باستحالة تمرير المشروع بالتصويت لافتقادها إلى الأغلبية.
عجز الحكومة عن الحصول على أغلبية داعمة سيضطرها إلى تكرار اللجوء إلى المادة 3-49 التي تخوّلها إقرار المشروع من دون تصويت، كما فعلت بالنسبة إلى مواد الميزانية سابقاً، وهو ما بدأ يثقل كاهل عهد ماكرون الذي بدأ خصومه بوصفه بالأوتوقراطي المدمر للديمقراطية الفرنسية.