الوقت – بعد ان كان الرئيس الامريكي باراك اوباما يقول في عام 2013 ان اقدام الجنود الامريكيين لن تطأ الاراضي السورية، جاء قراره الجديد الان بارسال جنود من القوات الخاصة الامريكية الى سوريا "لمحاربة الارهاب" ليضع علامة استفهام كبيرة امام مواقف البيت الابيض، فلماذا غير الامريكيون موقفهم وماذا يريدون هذه المرة من سوريا رغم اعلان كافة الاطراف الدولية بأن سوريا ليس لها حل عسكري؟
عندما شن الامريكيون غاراتهم القليلة وغير المؤثرة ضد داعش في سوريا كان المراقبون يعتقدون ان هذه الغارات هي تمهيد لتدخل عسكري اكبر وفتح المجال امام الدخول الامريكي الاوسع الى سوريا، ورغم اننا لاننكر ان اي مواجهة برية للجماعات الارهابية في سوريا تتطلب حضورا عسكريا واستخباراتيا واسعا لكن من المؤكد ان هذا الامر يجب ان يحصل باذن من الحكومة السورية القانونية.
وربما يظن الامريكيون ان هذا التواجد العسكري الضئيل بذريعة دعم المسلحين الاكراد سيفتح الباب امام اخذ الموافقة من الحكومة السورية لايجاد موطئ قدم للعسكريين الامريكيين في المستقبل وعلى الاقل في المناطق الكردية وذلك في وقت استطاع الاكراد فصل مناطقهم عن باقي مناطق سوريا وتهيئة الظروف لتدخل امريكي على غرار التدخل الامريكي في كردستان العراق.
ومن جهة اخرى يقول بعض المراقبين ان الامريكيين الذين شاهدوا التدخل الروسي في سوريا يريدون الان التدخل في سوريا تحت ذريعة مواجهة داعش لأنهم لايحبون ترك سوريا للروس وهذا يعني دعم نظام الرئيس الاسد وهو لايروق للامريكيين.
وفي سياق هذا التدخل الامريكي الذي يأخذ صبغة تنافسية شيئا فشيئا، اعلن البيت الابيض عن ارسال اسلحة ومعدات عسكرية الى الاردن ولبنان لمواجهة داعش، كما انتشرت تقارير عن مفاوضات تقوم بها امريكا مع العراق الذي كان يرغب في التعاون مع روسيا لمواجهة داعش واكدت هذه التقارير ان امريكا تريد تشكيل مجموعات لتنفيذ العمليات الخاصة واستقرار هذه المجموعات على حدود سوريا والعراق من اجل مواجهة الارهاب ومنه تنظيم داعش.
وكانت امريكا في السابق ارسلت قوات الى المناطق الكردية لابعاد شبهة دعم تنظيم داعش عن نفسها وحينها صنف الامريكيون الجماعات الارهابية بين معارضين معتدلين ومعارضين متطرفين واعلنوا دعمهم للمعتدلين على غرار ما فعله الغربيون في افغانستان عندما صنفوا الطالبانيين بين طالباني جيد وطالباني سيء.
المنطقة التي اختارها الامريكيون في سوريا لاستقرار قواتهم في شمال سوريا تشرف على الحدود التركية من جهة ومن جهة اخرى على حدود اقليم كردستان العراق وربما اراد الامريكيون من خلال تواجدهم في المنطقة الكردية ان يبعدوا الاكراد عن روسيا التي رأت نجاح الاكراد في المواجهة مع داعش.
ان امريكا التي لاترغب في اخلاء الساحة السورية للروس تعتبر ان الفرصة المتبقية امامها للتدخل في سوريا هي "ذريعة دعم الاكراد" لكن بعض المراقبين يعتقدون ان الامريكيين الخائفين من تكرار تجربة افغانستان والعراق سيكتفون بارسال المستشارين والتدريب وتقديم الدعم المالي وارسال الاسلحة وشن غارات جوية على غرار ما حدث في ليبيا.
ويمكن ان لا تكون تركيا والدول العربية راضية عن هذا التدخل الامريكي لدعم الاكراد في سوريا لكن هجمات باريس وضغط الدول الغربية على امريكا من اجل التدخل بشكل اكبر ضد داعش ربما ساهم في دفع الامريكيين نحو اتخاذ هذا القرار الجديد.
ومن الممكن ان يؤدي دخول القوات الامريكية الى المناطق الكردية في سوريا الى نوع من التعاون مع روسيا في مجال مواجهة داعش، فالاجواء الدولية بعد هجمات باريس الارهابية ربما تساعد في ايجاد هذا الشكل من التعاون الدولي لمكافحة الارهاب لكن هذا التعاون لايروق لجهات اقليمية حليفة للغرب وداعمة للجماعات الارهابية التكفيرية.