الوقت - حتى الآن، تم تشكيل ائتلافين مهمين في المشهد السياسي الإسرائيلي، بناءً على الرأي العام في استطلاعات الرأي، وهما ائتلاف "الوحدة الوطنية" بزعامة بنيامين غانتس والثاني ائتلاف اليمين المتطرف بشراكة "بتسلئيل سموتريتش" و"إيتمار بن غفير".
وتجري جهود مماثلة لتشكيل ائتلاف بين الأحزاب العربية والأحزاب اليسارية، والتي لم تصل بالطبع إلى النتيجة النهائية. في هذا المقال، سنتناول أهم الائتلافات التي تشكلت في المشهد السياسي للکيان الصهيوني ووضعها العام.
على الرغم من أن تشكيل الائتلافات، من ناحية، يمكن أن يمنع إهدار أصوات كل حزب وفصيل، ولکن من ناحية أخرى، قد يحيِّد بعض الرسائل الفعالة لكل حزب على الأشخاص المترددين.
1. ائتلاف الوحدة الوطنية
"الوحدة الوطنية" هو اسم أهم ائتلاف تم تشكيله عشية انتخابات تشرين الثاني في الکيان الاسرائيلي، ويحتل المركز الثالث في معظم الاستطلاعات بعد حزبي الليكود ويش عتيد.
كانت نقطة انطلاق حزب "الوحدة الوطنية" تحالف حزبي "أزرق أبيض" بقيادة بيني غانتس، و"الأمل الجديد" بقيادة جدعون ساعر، وأخيراً في 14 آب انضم إليه "غادي إيزنكوت" القائد السابق للجيش الإسرائيلي.
يتراوح عدد مقاعد هذا الائتلاف بين 12 و 15 مقعداً في استطلاعات الرأي. واعتبر غانتس في المؤتمر الصحفي المشترك مع ساعر، أن الهدف الأساسي لتشكيل هذا الائتلاف هو "إيجاد أساس موثوق" لتشكيل حكومة وحدة وطنية، دون حضور بنيامين نتنياهو.
كما أعلن ساعر، القائد الثاني لائتلاف الوحدة الوطنية، أن هذا الائتلاف سيكون خيارًا جذابًا لـ "الصهيونية العمالية" و"الصهيونية الدينية" و"الجناح اليميني ويمين الوسط"، بسبب وجود ثلاثة قادة عظماء فيه.
من ناحية أخرى، بعد تشكيل هذا الائتلاف، يعتبر غانتس نفسه مرشحًا لرئاسة الوزراء ويتنافس بوضوح مع "يائير لابيد"، رئيس الوزراء الحالي للکيان الإسرائيلي.
هذا في حين أنه نظرًا لوجوده في موقع الحزب الحاكم، تمكن حزب يش عتيد، بقيادة لبيد، من الفوز بـ 20 مقعدًا في أسوأ الحالات خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وتثبيت موقعه على رأس کتلة معارضي نتنياهو(من الناحية الكمية).
يحتاج غانتس حاليًا إلى شرطين أساسيين لتجاوز لبيد؛ أولاً، استمرار المأزق السياسي في الکيان الإسرائيلي حيث لا يستطيع لبيد ولا نتنياهو تشكيل حكومة(والذي، بالطبع، في الوضع الحالي، تبشر استطلاعات الرأي بنفس السيناريو).
وثانيًا، نتيجةً للمأزق المذكور أعلاه أو لعملية أخرى، يتمكن غانتس من فصل أحد الأحزاب الدينية(على وجه التحديد حزب يهدوت هتوراة) عن كتلة "اليمين الديني"، واستمالته إلی رئاسته، أي غانتس، للوزراء.
2. الصهيونية الدينية
الإئتلاف المهم الثاني الذي تم تشكيله في المجال السياسي الإسرائيلي حتى الآن، هو تحالف حزبي "القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية"، اللذين لهما ميول يمينية متطرفة.
يتأرجح هذا الائتلاف بين 10 و 13 مقعدًا في استطلاعات الرأي، ولا سيما "إيتمار بن غفير" زعيم حزب القوة اليهودية، الذي يقدم خطابًا أكثر راديكاليةً تجاه العرب والسلام مع الفلسطينيين، وقد اكتسب شعبيةً كبيرةً.
نقطة القوة في هذا الحزب هي أنه على عكس الأحزاب الأخرى، استطاع أن يستقطب قسماً من الأصوات المنفصلة عن حزبي "يمينا" و"الأمل الجديد"، كما أنه استقطب أصوات الأحزاب الدينية أيضًا.
ومع ذلك، فإن زيادة أصوات تحالف الصهيونية الدينية في استطلاعات الرأي، رافقها انخفاض في أصوات الأحزاب الدينية والليكود. والحقيقة أن ذلك يدل على أن تشكيل الائتلافات رغم أنه يمكن أن يمنع إهدار أصوات هذه الکتلة، إلا أنه لن يؤدي بالضرورة إلى نتائج إيجابية للكتلة بأكملها.
3. لغز أحزاب اليسار
لا يزال وضع أحزاب اليسار معقداً في الأراضي المحتلة. ومع تنامي أحزاب الوسط وتنامي نزعة مواطني هذا الکيان إلى اليمين، تستمر الأيام المظلمة لحزبي "العمل" و"ميرتس".
في غضون ذلك، تظهر استطلاعات الرأي أن حزب ميرتس يدخل المعرکة الانتخابية بنصاب قانوني يبلغ 3.25٪ وسيحصل على 4 مقاعد، لكن حزب العمل سيفوز بما يتراوح بين 5 و 6 مقاعد.
ولتجنب إهدار الأصوات في هذا الفصيل، يتحدث لبيد عن تشكيل ائتلاف بين الحزبين منذ فترة. وعلى الرغم من أن حزب ميرتس يبدو أنه يؤيد تشكيل مثل هذا التحالف، إلا أن زعيم حزب العمل، ميراف ميخائيلي، لا يعتبر تشكيل هذا الائتلاف لصالح اليمين، ويعتبر انتخابات مارس 2020 علامة على الفشل المسبق لهذه الاستراتيجية.
محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي لتشكيل تحالف بين الحزبين اليساريين، قد فشلت ليلة 11 سبتمبر. لقد اقترح لبيد أن يحصل كل من الحزبين، العمل وميرتس، على أحد المواقع في القائمة الانتخابية لحزب يش عتيد، وأن يستلم كل منهما الوزارات الأكثر أهميةً في الحكومة المستقبلية.
ومع ذلك، رفض ميخائيلي اقتراح لبيد، قائلاً إن الحزبين سيفوزان بمزيد من المقاعد في حالة المنافسة المستقلة. لکن الجهود لتغيير رأي ميخائيلي متواصلة.
4. تحدي هبوط الأصوات العربية
موقع الأحزاب العربية من أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر على النتيجة النهائية للانتخابات.
فبينما لم يبد حزب "راعام" بزعامة "منصور عباس" أي اهتمام بالعودة إلى القائمة العربية المشتركة، تعاني الأحزاب الثلاثة الأخرى في هذا الائتلاف من خلافات شديدة، وسيؤثر ذلك بشكل مباشر على مشاركة المواطنين العرب المقيمين في الأراضي المحتلة.
حتى الآن، أعلن حزبا "الجبهة" بقيادة "أيمن عودة" و"القائمة المشتركة" بزعامة "سامي أبو شحادة" تحالفهما مع بعضهما البعض، لكن "أحمد الطيبي" زعيم حزب "تعال" لم يعد بعد إلى هذا التحالف.
تظهر استطلاعات الرأي الموثوقة أن العرب الذين يعيشون في الکيان الإسرائيلي، سيظهرون أقل نسبة مشاركة في التاريخ في الانتخابات المقبلة، والتي بالكاد تصل إلى 40٪.
من الواضح أن تزايد الخلافات بين هذه الأطراف سيزيد من الإحباط القائم. معظم فوائد هذا الحدث ستذهب إلى حزب الليكود، لأنه إذا لم تتجاوز المشاركة العربية 40٪، سيحصل حزب الليكود على مقعد واحد إضافي على الأقل.
5. الوضع المعقد لحزب یامینا
الإئتلاف الآخر الذي تم تشكيله عشية انتخابات الكنيست في الکيان الإسرائيلي يسمى "الروح الصهيونية"، الذي تشكل من اتحاد حزبين، هما "یامینا" و"ديريخ إيرتس".
لكن هذا التحالف لم يتشکل لسببين، واضطرت "أيليت شكد" زعيمة حزب يمينا إلى حله. المشكلة الأولى هي أنه على الرغم من تحالف الحزبين، كانت "الروح الصهيونية" أقل من عتبة 3.25٪ في أكثر من 80٪ من الاستطلاعات، وبالتالي أصبح هذا التحالف السياسي هو الأقل فاعليةً وجدوى في الکيان الإسرائيلي.
والمشكلة الثانية جاءت من الاختلاف في وجهات نظر الجانبين بشأن التعاون مع نتنياهو. حيث اعتقد تسفي هاوزر ويوعاز هيندل، زعماء حزب ديريخ إيرتس، بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية بحضور أحزاب مختلفة ذات توجهات سياسية مختلفة؛ وإذا لم يكن هذا الخيار متاحًا، فإنهم لم يكونوا مستعدين للمشاركة في الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو، حتی لو وصلت الأمور إلی إجراء الانتخابات السادسة.
هذا فيما اعتقدت شاكيد أنه في حال عدم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، يجب منع إجراء الانتخابات السادسة بأي شكل من الأشكال. ونتيجةً لذلك، في 11 سبتمبر، أعلنت شاكيد حل هذا التحالف.
يبدو أن هذه مقدمة لعودة يمينا إلى المعسكر الموالي لنتنياهو، لكن ليس من الواضح أن تبني مثل هذا الموقف يمكن أن يحسن وضع هذا الحزب، وهناك احتمال كبير أن يكون هذا الحزب دون النصاب القانوني.
استمرار الأزمة
يبدو أن الاتجاه الحالي يعتبر بشكل عام لمصلحة الأحزاب الأعضاء في التحالف، لأن أحزاب التحالف كانت مهزومةً بشكل حاسم في استطلاعات الرأي حتى قبل شهرين. لكن في الشهر الماضي على وجه الخصوص، انقلبت الصفحة إلى حد ما لم يعد بإمكان المعارضة بقيادة نتنياهو الفوز بـ 61 مقعدًا.
وفي مثل هذه الظروف، لا يزال السيناريو الأكثر ترجيحًا هو استمرار الأزمة السياسية في الکيان الإسرائيلي والفشل في تشكيل ائتلاف الأغلبية، وربما التحرك نحو الانتخابات السادسة.