الوقت_ في ظل فشل الوسيط المصريّ بشكل ذريع في حلحلة أيّ ملف بشكل جيد على الساحة الفلسطينيّة، كشفت وسائل إعلام عربيّة نقلاً عن مصادر فلسطينية رفيعة المستوى، أن وفدين من قيادة حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” سيتوجهان إلى العاصمة المصرية القاهرة، للقاء مسؤولين في جهاز المخابرات هناك، وأنه من المتوقع أن مصر وجهت دعوات رسمية للقيادات الأمنية والسياسية في حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي” لزيارة أراضيها، والتباحث في ملفات أمنية وسياسية مهمة على رأسها أوضاع قطاع غزة، بعد جولة التصعيد الأخيرة التي استمرت ما يقارب الـ72 ساعة.
في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أنّ الحكومة المصريّة لم تقدم أيّ نتائج حقيقية لفصائل المقاومة الفلسطينيّة ولم تستطع إلزام العدو المجرم بتخفيف إجرامه أو حتى حصاره المفروض على غزة، تؤكّد المعلومات أنّ القاهرة تعلم جيدًا أن التهدئة الأخيرة التي تم الاتفاق عليها بين "إسرائيل" وحركة الجهاد الإسلامي، بعد قتال عنيف وصعب لا تزال “هشة وضعيفة”، ويمكن أن تنهار في أي لحظة، وخاصة في ظل حالة الاحتقان القائمة، وغضب حركة الجهاد من تل أبيب لعدم التزامها ببنودها وعلى رأسها الإفراج عن معتقلي الحركة من بينهم بسام السعدي الذي تم اعتقاله قبل أسابيع من منزله في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، بعد الاعتداء عليه.
وفي ظل الأوضاع المشحونة والمتوترة والتهديد المتكرر بحرب جديدة قد تكون وشيكة نتيجة الإجرام الصهيونيّ واعتداءاته، ذكرت المصادر أن الدعوة المصرية للفصيلين الفلسطينيين هدفها الرئيس هو محاولة تدعيم التهدئة وتثبيتها، ومنع انجرار الفلسطينيين نحو الاستفزازات الصهيونيّة، التي ستقود لتصعيد وحرب دامية في قطاع غزة، كما أنّ حركة الجهاد تريد أن تبلغ المصريين عدم رضاها عن نتيجة المفاوضات الأخيرة وما تم التوصل له من “تهدئة”، وخاصة بعد تنصل العدو الإسرائيلي من الإفراج عن معتقلي الحركة بالضفة الغربية.
وفي حال واصل الاحتلال سياسة المماطلة والتصعيد المستفزة، فإنّ فصائل المقاومة تملك أوراقاً قويّة كثيرة، وتجمع على أنّ الهدف من التطاول والاعتداء الإسرائيليّ، لهذا فإن وفدًا أمنيًا مصريًا سيتوجه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، لمناقشة ملفات أمنية مهمة متعلقة بقطاع غزة، لمنع التصعيد واستفزاز فصائل المقاومة الفلسطينية، والإلتزام ببنود آخر تهدئة جرى التوافق عليها وأنهت جولة التصعيد التي راح ضحيتها 49 شهيدًا فلسطينيًا بينهم نساء وأطفال، وقد وضعت حركة “الجهاد الإسلامي” شروطا للقبول بالعودة للهدوء خلال الاتصالات مع القاهرة لوقف التصعيد الأخير الذي انتهى عند الساعة 11.30 ليل الأحد/ الاثنين الماضي، وفي مقدمتها وقف العدوان الإسرائيلي والعمل على إطلاق سراح الأسيرين عواودة والسعدي، وهي شروط كررها الأمين العام للحركة زياد النخالة بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مؤتمره الصحفي من العاصمة الإيرانية طهران.
بالمقابل، زعم وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس، مؤخرا، أن "إسرائيل" لم تقدّم أي تعهدات بالإفراج عن الأسيرين الفلسطينيين خليل العواودة والقيادي الشيخ بسام السعدي، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة الجهاد الإسلامي بقطاع غزة الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية، وادعى غانتس في مقابلة مع القناة (12) الخاصة أنه لم يتم تقديم أي وعد بالإفراج عن من وصفهم بـ "الإرهابيين"، مضيفاً: "لكن سيكون هناك حوار مع مصر، قالوا إنهم يريدون التحرك ومعرفة كيف يجري حل هذا الأمر".
ومع ارتفاع احتماليّة أن تشتعل حرب مجددا في أيّ لحظة، يستمر المنهج الإسرائيليّ في إعادة "تجريب المُجرب" وهو يعلم جيداً ما يمكن أن يكون فتيلاً في إشعال التوتر مجدداً على الساحة الفلسطينيّة، ويقود إلى جولة أخرى من الحرب، قد تدهور الأوضاع بأكملها، وتُبعثر كل الأوراق السياسيّة والأمنيّة، وبالأخص عقب أشهر طويلة من تصعيد الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين، وعندها لن تفيده الاتصالات مع أعلى المستويات في المخابرات المصريّة لاحتواء التوتر، في ظل تحذيرات فصائل المقاومة في فلسطين من أن استمرار هذه الجرائم سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع ويصل إلى حد مرحلة خطيرة للغاية.