الوقت- وصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى طهران يوم الثلاثاء الماضي في زيارة رسمية للقاء مسؤولين إيرانيين كبار.
شهدت العلاقات الإيرانية الروسية قفزات كبيرة، وخاصةً خلال العقد الماضي منذ بدء الأزمة السورية، وسار طريق التعاون بين البلدين نحو التحالف.
وفي الأشهر الأخيرة، زارت البعثات الدبلوماسية الإيرانية موسكو عدة مرات لمناقشة قضايا مختلفة، وبطبيعة الحال يمكن تقييم زيارة رئيس السلك الدبلوماسي الروسي ردًا على هذه الاجتماعات، للتأكيد على عزم الكرملين على تعزيز العلاقات والتعاون مع طهران.
تحالف الجبهة المضادة للأحادية الأمريكية
يعود أحد الجوانب المهمة للتقارب الإيراني الروسي الإقليمي في السياسة الخارجية، إلى مواجهة عدم الاستقرار والإرهاب والتدخلات الغربية عبر الإقليمية في التطورات في منطقة غرب آسيا الاستراتيجية.
إن النظرة المشتركة للتحديات التي يفرضها التدخل الغربي، وخاصةً الولايات المتحدة، في التطورات الإقليمية، من أجل الاستقرار والسلامة الإقليمية والسيادة الوطنية للدول، هي جزء مهم من تهديدات الأمن القومي في رؤية طهران وموسكو المشتركة للنظام الأمني الإقليمي.
حيث أن إيران وروسيا، إلى جانب دول أخرى مثل الصين وكوريا الشمالية، دائماً ما تكون على قائمة أهم أعداء أمريكا، ويمكن اعتبار القاسم المشترك لهذه الجبهة هو مواجهة الأحادية الأمريكية ومواجهة التدخلات الغربية المزعزعة للاستقرار.
ولا شك أن نجاح تعاون موسكو مع محور المقاومة في محاربة الإرهاب في سوريا، وهزيمة المخططات الغربية والصهيونية الشريرة للمنطقة، قد أثبت فوائد الحفاظ على التعاون الإقليمي وتعزيزه لمصلحة الجانبين.
وفي هذا الصدد، توجد لدى إيران وروسيا مواقف مشتركة في مختلف القضايا الإقليمية، مثل قضية السلام في أفغانستان، والأزمة السورية، والأزمة اللبنانية، ومكافحة التطرف والإرهاب التكفيري. کما لديهما إجماع على الحفاظ على السلام في القوقاز، فضلاً عن ضرورة إنهاء العدوان ورفع الحصار اللاإنساني عن اليمن، كأهم أولوية في إنهاء الأزمة في هذا البلد.
إن اتجاه هذا التعاون بين إيران وروسيا والصين، والذي ينبع من نهج "التحوُّل شرقاً" لسياسة إيران الخارجية، وأسفر عن اتفاقيات تعاون استراتيجي طويلة الأمد مع الصين وروسيا وتدريبات بحرية مشتركة في الأشهر الأخيرة، قد أرعب الولايات المتحدة بشدة.
کما تخشى الولايات المتحدة، التي شهدت تراجعًا في مكانتها الدولية بسبب الأزمات الاقتصادية في العقدين الماضيين والمشاكل الداخلية، تحالفًا ثلاثيًا بين طهران وبكين وموسكو في تسريع سقوط نظام الهيمنة الغربية.
إن الجمع بين القوة العسكرية الروسية والقوة الاقتصادية للصين، إلى جانب موقع إيران الجيوسياسي الحساس ونفوذها الإقليمي وموارد الطاقة لديها، وتضافر مصادر القوة هذه، من المؤكد أنها ستشكل جبهةً قويةً في السنوات القادمة ضد الأحادية الأمريكية، وإفشال العقوبات الغربية ضد الدول المستقلة.
كورونا والشراكة الاقتصادية وأهمية العلاقات الثقافية
لكن إضافة إلى التعاون الإقليمي المرضي، فإن مناقشة تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستوى التعاون السياسي، كانت إحدى أولويات المحادثات بين مسؤولي الجانبين في الاجتماعات الدبلوماسية.
ففي حين أن البلدين لديهما إمكانات كبيرة لتوسيع الشراكات الاقتصادية، فإن حجم التجارة الحالية بين البلدين في الوقت الحاضر يصل إلی حوالي 2 مليار و 200 مليون دولار في عام 2020، وهو رقم صغير.
ومن المؤكد أن مواجهة العقوبات الغربية أحادية الجانب ضد البلدين هي حافز مهم لزيادة التجارة، من خلال إزالة الحواجز القائمة وتحديد القدرات الاستثمارية وفتح الأسواق الثنائية للمنتجين المحليين.
وفي هذا الصدد، التقى الرئيس الإيراني حسن روحاني مع لافروف، ودعا إلى الإسراع في تنفيذ الاتفاقات والمشاريع الاقتصادية المشتركة بين البلدين في مجالات النفط والطاقة والنقل، والتعاون بين البلدين في مجال الطاقة النووية في إنشاء محطتين للطاقة في بوشهر، وكذلك الوقود لمحطات الطاقة والنظائر، وذلك باستخدام قدرات الشركات الخاصة.
ومع رفع العقوبات العسكرية الإيرانية والانهيار الوشيك للعقوبات ضد إيران، تأمل روسيا في مناقشة التسويق والاستثمار في إيران لمعالجة مشاكلها الاقتصادية.
کما يُعتبر استخدام قدرات التعاون الثقافي قضيةً مهمةً أخرى في تعزيز تحالف البلدين والقوة الناعمة، التي وجدت مكانةً خاصةً في منظور تطوير العلاقات.
من ناحية أخرى، جرت محادثات حول كيفية التعاون في مكافحة فيروس كورونا خلال زيارة لافروف لطهران، ونظراً لوصول عدة شحنات من لقاح سبوتنيك الروسي إلى إيران حتى الآن، فمن المتوقع أن تسرع إيران هذه العملية.