الوقت- كشفت العديد من التقارير الاخبارية مؤخراً عن تصاعد التوتر بين الإمارات من جهة، والسعودية من جهة أخرى، منذ أواخر الصيف الماضي، عندما زادت أبو ظبي إنتاجها فوق حصتها في "أوبك" مما دفع جارتها إلى التحذير الشديد.وذكرت تلك التقارير أن هذا التوتر الذي وقع بين البلدين الخليجيين والحليفين المقربين، دفع مسؤولين للقول إن الإمارات أصبحت تفكر جديا في الانسحاب من تحالف "أوبك بلس" . ويعود الخلاف، إلى مطالبات متكررة للإمارات بضرورة التزام كافة المنتجين بحصصهم في خفض الإنتاج منذ بداية الاتفاق في مايو/أيار الماضي، إلا أن عدم الالتزام دفعها لزيادة إنتاجها. ولفتت تلك التقارير إلى أن المسؤولين الإماراتيين لم يعطوا أية إشارة علنية إلى أنهم يناقشون عضويتهم في "أوبك بلس"، لكنهم يرون أن حصص خفض الإنتاج تمت على أسس غير عادلة.
وعلى صعيد متصل، ذكرت مصادر في منظمة "أوبك" قبل عدة أيام، إن السعودية محبطة من الإمارات بسبب رفضها تخفيض إمدادات النفط؛ وهو ما أدى إلى تأجيل اجتماع المنظمة يومين للبت في إستراتيجية أوبك وحلفائها "أوبك بلس"، وأضافت المصادر أن الإمارات خرجت هذا الأسبوع من تحت جناح النفوذ السعودي في "أوبك". وأفادت تلك المصادر أنه بسبب هذا الإحباط عرض وزير الطاقة السعودي الأمير "عبد العزيز بن سلمان"، التنحي عن منصب نائب رئيس لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في "أوبك". وعُرض منصب نائب الرئيس على الإمارات، لكنها لم ترغب فيه ولفتت تلك المصادر إلى أن الوزير السعودي مستاء للغاية، لكنه لن يخرج عن التوافق.
وفي نفس هذا السياق، نقلت مصادر أن الدول الرئيسية في التحالف ما زالت مختلفة بشأن حجم الإنتاج، وسط ضعف في الطلب العالمي بسبب جائحة "كورونا". وعقد الوزراء اجتماعًا الاثنين الماضي، ذكر خلاله وزير الطاقة السعودي أنه سيتنحى عن المشاركة في رئاسة لجنة رقابة وزارية بالتحالف. وقالت المصادر إن موقف الإمارات زاد التعقيدات بعدما اشترطت أبو ظبي التزام الدول الأعضاء بتعهداتها بشأن تخفيضات الإنتاج لكي تؤيد التمديد. في غضون ذلك، هبطت أسعار النفط بعدما عادت المخاوف بشأن زيادة المعروض العالمي، عقب إرجاء أعضاء تحالف "أوبك بلس" محادثاتهم. وانخفض سعر مزيج برنت في عقود يناير/كانون الثاني القادم إلى نحو 47.6 دولارا للبرميل، في حين انخفض سعر خام غرب تكساس الأميركي إلى نحو 45 دولارا للبرميل.
وعلى نفس هذا المنوال يرى العديد من المراقبين أن خطوة الإمارات هذه تسلط الضوء على تنامي دور الإمارات داخل "أوبك" بينما تسعى لزيادة الإنتاج في السنوات المقبلة لرفع حصتها السوقية. وهي تبرز كذلك استقلالية أبوظبي السياسية المتنامية عن الرياض، والتي تجلت هذا العام عندما صارت الإمارات أول دولة في منطقة الخليج تطبع العلاقات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي. وتتوقع الأسواق بصورة كبيرة أن تمدد أوبك وحلفاؤها بقيادة روسيا، في إطار مجموعة "أوبك بلس"، تخفيضات الإنتاج الحالية البالغة 7.7 مليون برميل يوميا لتشمل الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس آذار في مواجهة ضعف الطلب وسط زيادة جديدة في إصابات "كورونا". وقالت الإمارات هذا الأسبوع إنها قد تدعم التمديد، لكنها ستجد صعوبة في الاستمرار على نفس تخفيضات الإنتاج العميقة في 2021.
الجدير بالذكر أن هذه الخلافات بين أبو ظبي والرياض تأتي في لحظة حساسة بالنسبة لـ"أوبك بلس" التي عززت أسعار النفط باتفاق تاريخي لخفض الإمدادات لتعويض تأثير وباء "كورونا" على الطلب؛ في حين ستؤدي أية علامات على حدوث تصدعات في التحالف إلى تقويض السوق الهشة بالفعل. وتنتهي في ديسمبر/كانون الأول المقبل المرحلة الثانية من اتفاق خفض الإنتاج، التي بدأ تنفيذها في أغسطس/آب الماضي بخفض 7.7 ملايين برميل يوميا، مقارنة مع المرحلة الأولى التي بدأت في مايو/أيار 2020، وشهدت خفضا بـ 9.7 ملايين برميل يوميا. وتبدأ المرحلة الثالثة مطلع 2021، بتقليص الخفض إلى 5.7 ملايين برميل يوميا حتى أبريل/نيسان 2022..
الرد الإماراتي، جاء على لسان وزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية التي قالت يوم أمس الأربعاء، عبر حسابها على موقع "تويتر"، إن التزام البلاد باتفاق "أوبك بلس" سجل 126% في أكتوبر/تشرين الأول. وأوضحت الوزارة أن البلاد قلصت إنتاجها بمقدار 153 ألف برميل يوميا خلال الشهر ذاته. وخفضت الإمارات الإنتاج في أكتوبر/تشرين الأول لتعويض زيادة تم تسجيلها في أغسطس/آب المنصرم. وقال وزير الطاقة الإماراتي "سهيل المزروعي" اليوم الخميس إن بلده كان دوما عضوا ملتزما في مجموعة "أوبك"، وأبدى ذلك عبر التزامه باتفاق "أوبك بلس" الراهن لخفض إمدادات النفط..
وهنا تجدر الاشارة إلى أنه بشكل عاجل انعكس الخلاف الطارئ بين السعودية والإمارات في منظمة "أوبك" على الأوضاع جنوب اليمن حيث تشهد أبين صراعاً عسكرياً بين الإصلاح وقوات "هادي" المحسوبة على السعودية وبين الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات. حيث أكدت مصادر خاصة، أن الرياض وانتقاماً من الإمارات إزاء خروجها من عباءتها داخل "أوبك" دفعت بحزب الإصلاح لتمكين قواته من الإعداد لتنفيذ هجمات عنيفة على مواقع قوات المجلس الانتقالي، في جبهات القتال. وتؤكد المصادر أن الرياض منحت الإصلاح ضوءاً أخضر لتعزيز قواته في محافظة "أبين"، وهو ما دفع بالحزب إلى إرسال 3 كتائب عسكرية دفعة واحدة من مأرب، في حين اتهم المتحدث باسم قوات الانتقالي الإصلاح بأن تعزيزاته المرسلة إلى محافظة "أبين" تشمل عناصر من تنظيم القاعدة ممن يعسكرون في محافظة "شبوة" الخاضعة لسيطرة الإصلاح.
ولعل ما يؤكد وجود ضوء أخضر سعودي على تقدم الإصلاح في أبين عسكرياً، قيام السعودية بسحب لجنتها لمراقبة وقف إطلاق النار في محافظة "أبين" والتي كانت قد نشرت ممثلين لها في خطوط التماس بين قوات الانتقالي وقوات الإصلاح في جبهات "الطرية والشيخ سالم" في مديرية شقرة. وحول هذا السياق، يرى المحلل السياسي اليمني "كمال السلامي" أن التباين بين الموقفين الإماراتي والسعودي في اليمن "كان ملحوظاً في كثير من الملفات والمراحل خلال السنوات الست الماضية"، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية كانت في "رفض وتجاهل السعودية ولو حتى الإشارة لذلك التباين". وأكد "السلامي"، أن الإمارات عملت من البداية ضد الأهداف السعودية، "وأنشأت مليشيات جنوبية مناطقية، واستهدفت قوات هادي أكثر من مرة، ويبدو أنها قدمت معلومات مغلوطة لغرفة عمليات التحالف نتج عنها ضرب قوات الاصلاح وقوات هادي".
وفي الختام، ينبغي علينا الانتظار لنرى ماذا سوف تكشف عنه الايام القادمة حول تعّمق الأزمة بين أبو ظبي والرياض وهل سوف تتخذ الإمارات مواقف معادية ضد السعودية في المحافل الدولية أم انها سوف تقوض مواقفها فقط داخل منظمة "أوبك" وداخل الساحة اليمنية وهل ستظل السعودية صامتة إزاء هذه الاستفزازات الإماراتية أم أنها سوف ترد الصاع صاعين لها.