الوقت- حرب فتحها حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الأكراد قبل نحو شهر لم تحسم نتيجتها بعد، كما هو الحال في السياسة أيضا، خاصة بعد تسجيل فشل الحزب في تأليف حكومة إئتلافية سبقه فشل آخر في الحصول على أغلبية برلمانية. وهي أجواء تلوح بإقامة انتخابات مبكرة على وجه السرعة.
إنه تدهور تعيشه تركيا يزيد يوما بعد يوم، من اسطنبول إلى جنوبي شرقي البلاد، سلسلة من الهجمات شهدتها مدن تركية خلفت قتلى وجرحى في صفوف الجنود الأتراك في مدينة "سرت" التركية عبر هجوم شنه حزب العمال الكردستاني، واسطنبول أيضاً شهدت توترا بعد اطلاق النار من قبل رجال الشرطة التركية على محتجين أكراد.
المواجهات بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني تتواصل مع استمرار الغارات الجوية التركية على مواقع الحزب. والمسؤولون الأتراك وعلى الرغم من الأزمة السياسية بعد الإخفاق في تشكيل حكومة إئتلافية يصرون على مواصلة ما يسمونها معركة القضاء على حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي التركية وخارجها.
أوضاع خطيرة تشهدها مدن تركية عدة، هكذا كان التوصيف من قبل حزب الشعوب الديمقراطي بعد سيطرة حزب العمال الكردستاني على بعض المدن في جنوب شرق تركيا، ما دفع حكومة أنقرة إلى إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر للتجول على بعض المحافظات الشرقية.
تبدو تركيا اليوم رازحة تحت أنواع كثيرة من المشاكل أهمها السياسية والأمنية والاقتصادية، أزمة سياسية في الداخل وفراغ حكومي، وأزمة اقتصادية بانت بشكل واضح بعد انهيار الليرة التركية. والأسوأ من السياسة والاقتصاد خلل أمني يبدو أنه يتصاعد مع تحول تركيا إلى هدف من قبل تنظيم داعش.
معارضو حزب العدالة والتنمية؛ الحزب الحاكم في تركيا، حذروا مرارا وتكرارا من التورط التركي في سوريا والعراق ومن غض الطرف عن تهريب الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين عبر بعضهم الحدود وبقي بعضهم الآخر للتدريب وللتأهب.
بالنسبة لأردوغان وحزبه "الأفضل؛ العودة إلى ما كان"، هذا ما يقوله مؤيدوه وهم يدافعون عن وقوفه إلى جانب بعض المعارضة السورية في مسعاها لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ومازالوا إلى اليوم برفقة أردوغان ينظرون للدور التركي القادم في المنطقة، وتوسيع رقعة التأثير، وربما توسيع رقعة الدولة التركية في الخريطة في ظل ما يحكى عن إعادة رسم الخريطة في المنطقة.
لكن أردوغان اليوم يعيش في حالة صعبة، فلا سيطرة كما كان على الأوضاع في البلاد التي تمرد بعض أطرافها عليه وأخرى لم تكن قوية بما يكفي لإزاحته عن الميدان.
مشاكل ربما يرى سببها الناخب التركي في الانتخابات المقبلة ناتجا عن عدم تمكن حزب العدالة والتنمية من تشكيل حكومة إئتلافية بمفرده وعدم إشراك بقية الأحزاب بتشكيلها، والتصعيد في الملف السوري واتباع سياسة العصا والجزرة مع الأكراد.
إنها أزمة ثقة وتزعزع في الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد، ربما تنتهي مع عبور مرحلة الانتخابات المبكرة التي ستشهدها تركيا، لكن الأمر ليس بهذه البساطة خاصة مع تورط الحكومة الحالية في دخول حروب متشعبة مع حزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش الإرهابي الذي وضع حكومة أردوغان هدفا أساسيا له.