الوقت- تمكنت قوى العدوان وخلال الاسابيع القليلة الماضية من تحقيق انجازات ميدانية في مدينة عدن وذلك بالاستفادة من مقاتلي القاعدة ومجموعات من مواليي هادي دربت وجهزت في معسكرات بالسعودية بالاضافة الى تسجيل دخول قوات برية اماراتية على خط المواجهات. أتى هذا التقدم وسط حديث عن اتفاق بين انصار الله والجيش اليمني من جهة وبين الحراك الجنوبي من جهة اخرى على الخروج من محافظات الجنوب وتسليمها له. ومن الملاحظ انه ورغم الانجازات الميدانية لقوى العدوان الا ان السيطرة الكاملة لم تتحقق لهم والسبب الرفض الشعبي الكبير من قبل ابناء الجنوب لسيطرة السعودية وازلام هادي على عدن مما أدى وكما تشهد عدن هذه الايام الى تواصل المواجهات من قبل ابناء الجنوب ضد اطراف العدوان. هذا بالاضافة الى انشغال الاطراف اليمنية الموالية للعدوان والمشاركة في احتلال عدن بمواجهات فيما بينها تعزيزا لوضعها على الارض.
يأتي هذا في وقت تؤكد فيه تقارير كثيرة دخول الامريكيين على خط المواجهات وبشكل مباشر واكثر فعالية ان على صعيد الدعم اللوجستي او على صعيد المساعدة في اطباق الحصار البري والبحري بالاضافة الى التنسيق المعلوماتي والاستشاري من خلال المستشارين العسكريين الامريكيين المتواجدين بكثرة على الاراضي السعودية، هذا بالاضافة الى دخول امريكا وبشكل مباشر على خط تدريب افراد من الموالين لهادي على أراضيها.
والعالم بحقيقة القدرات السعودية وما تحتاجه من خبرات امريكية وغربية في تشغيل الكثير من تكنولوجيتها العسكرية المتطورة يتأكد بأنه لولا المساعدة الامريكية عبر مستشارين وخبراء عسكريين لما تمكنت السعودية من تنفيذ اي من اهدافها الى اليوم، وهي حاليا تراهن على حليفها الامريكي لتحقيق مكاسب اكبر في الميدان وتمني النفس بالتمكن من اجتياح العاصمة صنعاء من خلال المخطط المشترك الذي تعمل عليه حاليا بالتنسيق مع الامريكيين لاحتلال اليمن.
وفي سياق متصل، تؤكد المعطيات أن المعلومات التي قدمتها امريكا الى الان لقوى العدوان ادت وبشكل مباشر الى ضرب أهداف مدنية داخل الاراضي اليمنية وتشديد الازمة الانسانية التي يعيشها. كيف لا؟ ولأمريكا باع طويل في استهداف اليمنيين خلال العهد السابق وبحجج مختلفة اهمها استهداف افراد من القاعدة وارهابيين مطلوبين لامريكا. ولدى المنظمات الدولية الراعية لحقوق الانسان عشرات القضايا من هذا القبيل عن ضحايا من المدنيين اليمنيين استهدفوا من قبل الطائرات من دون طيار الامريكية تحت ذريعة محاربة الارهاب.
وقد برز الحديث مؤخرا عن البدء بالإعداد لاستكمال اجتياح الاراضي اليمنية عبر اجتياح المحافظات الشمالية واحتلال العاصمة صنعاء. والخطة تتحدث عن مشاركة امريكية مباشرة في العمليات وعن اعداد الالاف من المقاتلين الموالين لهادي على يد مدربين امريكيين عسكريا للمشاركة في اجتياح العاصمة صنعاء، بالاضافة الى استقدام مرتزقة من باكستان والسنغال وبنغلادش والامارات الى الاراضي السعودية للدخول الى اليمن ومن كافة الجهات برا وبحرا وتحت غطاء من القصف الجوي المركز. بالاضافة الى استهداف ميناء الحديدة بشكل مكثف منعا لوصول مساعدات الى الشعب اليمني وذلك بهدف الضغط عليهم لعدم مساعدة انصار الله والجيش في صد الهجوم المزمع. ومن المقرر أن يبدأ الهجوم من خلال اجتياح قاعدة العند والتي تبعد عن عدن شمالا حوالي 30 ميلا.
وللوقوف على خلفيات المشاركة الامريكية المباشرة لا بد من استعراض مختصر لأهمية اليمن استراتيجيا عند امريكا.
بالعودة الى تقرير يعود لبضع سنوات نشر في مجلة "American free press " للكاتب والمحلل الامريكي ريتشارد والكر، يؤكد الاخير ونقلا عن مصادر في الادارة الامريكية أن الاخيرة والکيان الاسرائيلي يعتبران اليمن منطقة استراتيجية لا بد من التواجد فيها. واليمن دولة مرشحة لعدم الاستقرار خلال السنوات القادمة، بالاضافة الى تنامي قدرة أنصار الله (يسميهم التقرير بالشيعة) في اليمن ما يشكل خطرا استراتيجيا على المصالح الامريكية لصالح ايران، لذلك يسعى الامريكيون وبكافة الوسائل الى ايجاد موطئ قدم لهم في اليمن وفي عدن بالتحديد من خلال قاعدة عسكرية تكون مكملة لتواجدهم العسكري في الاردن وتسهل لهم السيطرة على مضيق باب المندب، بالاضافة الى تسهيل العمليات الجوية التي قد تقوم بها امريكا والکيان الاسرائيلي ضد اهداف في ايران.
والمتابع لما يحصل اليوم يتأكد أن الامريكيين لا يزالوا يسعون بنفس الاتجاه ولا زالت اليمن لهم نقطة استراتيجية. ولذلك ومن خلال مساعدة السعودية في تحقيق انجازات ميدانية وخاصة في الجنوب اليمني تسعى أمريکا لايجاد موطئ القدم الذي تريده منذ سنوات.
وفي الختام لا بد من التأكيد على الصعوبات التي تواجه انصار الله والجيش اليمني واللجان الشعبية، خاصة بعد ما حصل في عدن، ودخول امريكا وبشكل مباشر على خط المواجهة وذلك لتعزيز الوضع المتزعزع لقوى العدوان بعد سلسلة من الانتكاسات التي حصلت منذ بداية العدوان. ولكن المؤكد وبالنظر الى الحاضنة الشعبية التي تتمتع بها انصار الله وبمساعدة الجيش اليمني لن يتمكن العدوان ولو اجتمع العالم كله من بلوغ ما يريده لليمن من ارجاعها الى الحضن السعودي. وهذا ما تؤكده قيادات انصار الله واللجان الشعبية بالاضافة الى الشعب اليمني من خلال ما يسطره من ملاحم الصمود الاسطوري امام الحرب التي يتعرض لها.