الوقت- كما كل الإنجازات في المنطقة، هناك من يعمل على خلق العراقيل بوجهها، وفي كل خطوة اصلاحية هناك من يحاول اثارة الشكوك حولها والتقليل من أهميتها، هو حال بعض الأنظمة العربية ومن يدور في فلكها ومن خلال وسائل اعلامها وأدواتها تحاول تسليط الضوء على الإصلاحات الأخيرة التي اقرها مجلس النواب العراقي من وجهتين، الأولى والمتمثلة بإيران بأنها وراء الوضع الأمني والإقتصادي المتأزم في العراق، والثاني أنها تقف حائلا وعائقا أمام انجاح الإصلاحات. فهل أن العراق وضعه متأزم كما يشار إليه؟ وإن كان موجودا فمن الذي أوجده ومن يقف حائلا أمام احداث تغيير ايجابي في العراق؟ ولماذا توجيه الإتهامات إلى ايران؟ وما هو موقف السياسة الإيرانية من ذلك؟
اصلاحات العبادي خطوة لم يسبق لها مثيل... بصمة المرجعية الحكيمة
لا يمكن انكار الوضع الأمني والإقتصادي المتخلخل في العراق، فالحراك الشعبي الأخير ودعوة المرجعية الدينية والمتمثلة بآية الله العظمى السيد علي السيستاني بضرورة الإستجابة لهذه المطالب لم تأت عبثا، فالمرجعية الدينية العليا والتي أنقذت العراق من محن صعبة هي اليوم ايضا بادرت في دعوتها الحكومة العراقية لضرورة اتخاذ تدابير اصلاحية معرفة منها بالواقع العراقي، هذه الدعوات والتي تأتي ضمن سلسلة الدعوات بوضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار. ففي خطوة لم يسبق لها مثيل منذ تأسيس العراق الديمقراطي جاء اصدار حزمة القرارات الإصلاحية، فهي بمثابة انقلاب اداري واصلاحي على مسيرة عمل الحكومة ومؤسساتها لمنع الفساد والمحاصصة الطائفية ومحاسبة المفسدين الذين تلاعبوا بالمال العام. هذه الإصلاحات والتي تعد الدفعة الأولى سيلحقها وفق تسلسل تدريجى حزمات جديدة من الإصلاحات بحسب تصريحات المسؤولين المعنيين.
التحديات بوجه العراق... أيادٍ خفية وصراعُ أنظمة
التحدي الأول والأساس ولعله الوحيد هو ذلك المتعلق بمواجهة مخطط إضعافه وتقسيمه من خلال احداث الفتنة فيه، هذا المخطط والذي يعمل عليه من خلال جماعات التكفير من جهة وترسيخ سيطرة الإرادة الأمريكية في مؤسساته وصنع القرار. فأمريكا هي اليد الأولى التي تقف خلف اغلب المشاكل التي يواجهها العراق بل ولعل كل مشاكله، فالإحتلال الأمريكي للعراق والذي جلب معه سيطرة على عمل مؤسساته واستحكار لموارده الطبيعية النفطية بالإضافة إلى التحكم والتدخل بالقرارات من خلال أعوانها داخل العراق هو من يعرقل أي أمل للتقدم، والجماعات التكفيرية التي تلقى الدعم والحماية والتوجيه من امريكا ودول اقليمية كتركيا وبعض الأنظمة العربية هي التي تهدم الإصلاح وتجلب الخراب والدمار للعراق.
امريكا ومن خلال دعمها أي خطوة هادمة في العراق هي تبتغي بالدرجة الأولى والأخيرة الحفاظ على مصالحها ومنافعها في المنطقة من نهب الثروة النفطية إلى تأمين الحماية للكيان الإسرائيلي والإشراف مباشرة على سير الخلل الذي تحدثه جماعات التكفير، أما أنظمة بعض الدول في منطقتنا كالسعودية وقطر فإن حربهم مع العراق وغيره هي حرب هيكلية نظامية للحكم، فالنظام العائلي الحاكم في السعودية والذي بُنيَ على اسس اسكات الرأي الآخر ورفض الفكر الإصلاحي الذي يتعارض وهيكلية حكمهم هو من يقف بوجه أي نظام مستقر عادل في المنطقة، وهذا الأمر هو ما يفسر عداوة النظام العائلي الحاكم في السعودية وقطر وغيرها للعراق في منع مشروع اصلاحي فيه من جهة، وتوجيه الإتهامات للجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها من تقف وراء المشروع الإصلاحي من جهة ثانية.
موقف ايران الديمقراطية من ذلك
1- ايران والتي تتمتع بنظام ديمقراطي عادل يحفظ حق المواطن ويشركه في صنع القرار تنتهج سياسة حسن الجوار مع الدول المجاورة لها من جهة، وهي تدعم وتؤكد على الحاجة لمعالجة مطالب شعوب المنطقة وإتخاذ تدابير لتحسين الأوضاع الإقتصادية والأمنية والخدماتية من جهة اخرى، فإيران ترى في استقرار دول المنطقة استقراراً لها، والزعزعة فيها خطرا عليها وعلى المنطقة بأسرها، ولذلك فهي تقف بوضوح وتدعم أي تقدم اصلاحي.
2- تؤكد ايران في سياستها على الحاجة لإيجاد هيكل سياسي إداري فعال كخطوة أولى نحو ابصار نور المشروع الإصلاحي في أي بلد، والعمل وفق سياسة تغليب مصلحة المواطن والشعب على المصالح الفئوية الطائفية والمصالح الخارجية، وهي ترى تحقق هذه السياسات في بلدان الجوار دعما لمبادئها التي تؤمن بها وتعمل عليها.
3- الوعي والتنبه من قبل التيارات السياسية والحركة الشعبية على ضرورة حصر اطار تحركهم بما فيه خدمة الهدف الإصلاحي، وعدم افساح المجال امام الأطراف الخارجية والمحلية من استغلال مطالب الإصلاح المحقة لما يهدف إلى اغراض لئيمة تخريبية تخدم مصالح اجنبية خاصة جماعات التكفير المدارة أمريكيا. كما ترى ايران أن من الضروري في اي مشروع اصلاحي أن تبقى الأمور ضمن نطاق الحوار وتجنب الصراعات بين الجهات السياسية ومكونات الشعب، بل العمل فيما بينهم والتعاون في سبيل تحقيق نتائج اصلاحية ملموسة.
4- الحاجة الضرورية للإمتثال لأمر المرجعية الدينية العراقية التي أثبتت حكمتها ووعيها ويقظتها العالية، وأنها على مسافة من الجميع، كما ترى الحاجة والضرورة بتقوية الحكومة المركزية في العراق والحاجة إلى دعم كافة القوى السياسية والفاعلة لها ولمشروعها الإصلاحي.