الوقت- أعلن مفتشو الأمم المتحدة في تقرير لهم بأن عمليات القمع التي قامت بها قوات تابعة للكيان الصهيوني ضد الاحتجاجات السلمية التي شارك فيها الالاف من الفلسطينيين بالقرب من حدود قطاع غزة والتي أسفرت عن مقتل عشرات المحتجين الفلسطينيين وإصابة الكثير منهم، تعتبر جريمة ضد الإنسانية ودعوا المجتمع الدولي إلى محاكمة قوات الأمن الإسرائيلية التي قامت بتلك الأعمال الوحشية.
ووفقاً لذلك التقرير الذي أصدرته لجنة المفتشين التابعة للأمم المتحدة يوم الخميس الماضي الموافق 28 فبراير، فلقد قامت قوات الأمن الإسرائيلية بإطلاق النار بشكل مباشر على المتظاهرين الفلسطينيين ما أدّى إلى استشهاد وجرح العديد منهم، ولفت ذلك التقرير إلى أن أولئك المتظاهرين لم يكونوا يشكلون أي تهديد على أمن "إسرائيل"، إلا أن تلك القوات الإسرائيلية تعمّدت قتلهم بشكل وحشي.
وفي السياق ذاته، أشار هذا التقرير إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية تعمّدت أيضاً إطلاق النار بشكل مباشر على الصحفيين وموظفي الإغاثة والأطفال، وقامت أيضاً "بإطلاق النار بشكل مباشر على ثلاثة مساعدين طبيين"، و"قام قناصون إسرائيليون بقتل صحفيين بدم بارد".
وقالت لجنة المفتشين التابعة للأمم المتحدة بأنها ستزود "ميشيل باتشيليت"، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بكل هذه المعلومات والحقائق وستطالب بإرسال وإحالة نتائج هذه التحقيقات إلى المحكمة الجنائية الدولية في "لاهاي".
"إسرائيل" تسجّل رقماً قياسياً فيما يتعلق بالإدانات الدولية
بعد نشر تقرير لجنة المفتشين التابعة للأمم المتحدة، ردّت السلطات الصهيونية بالتشكيك في صحة هذا التقرير وصحة التحقيقات التي قامت بها هذه اللجنة، وقالت بأن هذه التحقيقات ليس لها أساس من الصحة ووجهوا العديد من الاتهامات لمفتشي الأمم المتحدة.
وفي أول رد إسرائيلي، زعمت "كاتيس" المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، بأن هذا التقرير معادٍ لـ "إسرائيل" ويكتنفه الكثير من الأكاذيب، ولفتت "كاتيس" إلى أنه لا يمكن لأحد أن يتجاهل حق
"إسرائيل" في الدفاع عن نفسها.
وفي سياق متصل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، بأنه يرفض جميع نتائج هذه التحقيقات، حيث قال: "لقد سجّل هذا المجلس رقماً قياسياً جديداً يتعلق بإدانة "إسرائيل" معتمداً في ذلك على الكذب والكراهية".
وفي وقت سابق، أعلن "نيكي هالي"، السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة في ديسمبر 2018، أن الأمم المتحدة أصدرت أكثر من 700 قرار ضد الكيان الصهيوني، واعترف "هالي" بأن القرارات التي أصدرها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ضد "تل أبيب" أكثر من إجمالي قرارات وتقارير هذا المجلس التي قام بإصدارها في ذلك الوقت ضد جميع الدول الأخرى في العالم.
لقد أدّت الإدانات العالمية ضد عمليات القمع والانتهاكات التي قام بها الكيان الصهيوني بحق المتظاهرين الفلسطينيين إلى إجبار القادة في "تل أبيب" على اتخاذ قرار بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو / حزيران 2018.
ولقد تكرر هذا الإجراء، عندما قامت واشنطن بالانسحاب مؤخراً من مجلس حقوق الانسان، وهنا يرى النقاد الدوليون بأن الكيان الصهيوني وأمريكا كحكومات متورطة في الكثير من الجرائم ضد الفلسطينيين، فضلوا الانسحاب من هذا المجلس ليتسنّى لهم القيام بمخالفة القوانين الدولية وارتكاب جرائم وحشية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل من دون أن تتصدى لهم القوانين والأعراف الدولية.
لكن ما يهدد السلطات الصهيونية الآن هو محاولة هؤلاء المفتشين إرسال هذه القضية وهذه النتائج إلى محكمة "لاهاي" الدولية.
"تل أبيب" وكابوس مسيرات العودة
أصبحت مسيرات العودة التي خرجت يوم الجمعة الماضي "الجمعة التاسعة والأربعين"، تحت عنوان "الجمعة بابا الرحمة" بالقرب من الشريط الحدودي المحمي بين قطاع غزة والأراضي المحتلة، كابوساً كبيراً يقض مضاجع المسؤولين الصهاينة، حيث أصبح الصهاينة عاجزين عن مواجهة تلك المسيرات الفلسطينية المسالمة وذلك لأن المجتمع الدولي أدان وبشدة جميع عمليات القمع التي قامت بها قوات الأمن الإسرائيلية ضد أولئك المتظاهرين خلال الأشهر الماضية.
إن المظاهرات السلمية التي يقوم بها أبناء الشعب الفلسطيني كان لها أثر بالغ على زيادة وعي الرأي العام العالمي، خاصة في الغرب، حول الطبيعة القمعية والجنائية التي ينتهجها الصهاينة، خاصة مع ظهور الشبكات الاجتماعية، واليوم أصبح حلفاء الصهاينة الغربيين، عاجزين وغير قادرين على دعم وتأييد جرائم هذا الكيان الغاصب، ولقد أجبر الرأي العام العالمي هؤلاء الحلفاء على إدانة جميع الجرائم التي قام بها هذا الكيان الغاصب بحق المتظاهرين الفلسطينيين وهذا الأمر أدّى إلى إطلاق متظاهري السترات الصفراء شعارات تدعو إلى دعم هذه المظاهرات الفلسطينية السلمية.
وفي سياق متصل، ندد "جرمي كوربين" زعيم حزب العمال البريطاني بعمليات القمع الوحشية التي تقوم بها قوات الأمن الإسرائيلية بحق المتظاهرين الفلسطينيين العزل، ولهذا فإنه يمكن القول هنا بأن مسيرات العودة تمكّنت من هزيمة جميع المحاولات والخطط التي قام بها الكيان الصهيوني منذ عدة عقود لكسب ودّ الرأي العام الغربي عن طريق نسج الأكاذيب وتزييف الأخبار المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
هذا الأمر شجّع جماعات المقاومة الفلسطينية على الاستمرار في الدعوة للخروج في مسيرات واحتجاجات سلمية.
وفي هذا الصدد، أعرب "أحمد المدلل"، أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، عن ارتياحه لتقرير لجنة المفتشين التابعة للأمم المتحدة، حيث لفت "المدلل" إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تصدر فيها نتائج تدعم هذا المسيرات وتندد بعمليات القمع الإسرائيلية من مفوضية الأمم المتحدة.
وأكد "المدلل" على أن المسيرات لن تتوقف أبداً، إلا إذا تحققت جميع الأهداف وتم كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، فضلاً عن اعتراف الغرب بحق العودة إلى الأراضي المحتلة.