الوقت- في هذه الأيام، تشهد إنجلترا نسبة ارتفاع حادة في موجة اعتداءات "رشّ الحمض" ما أثار الكثير من القلق بين مواطني البلاد. ووفقاً لتقرير أعدته وكالة " الإنقاذ من اعتداءات رشّ الحمض"، تعدّ بريطانيا واحدة من البلدان التي ارتفعت فيها نسبة الهجمات الحمضية (الأسيدية) بشكل كبير على مدى السنوات القليلة الماضية.
وفي هذا السياق، وصفت "السي ان ان" لندن بـ"عاصمة العالم في اعتداءات رش الحمض" وأضافت إن حوالي 400 شخص تعرضوا للهجوم بالحمض خلال الأشهر الستة التي سبقت نيسان / أبريل عام 2017. وذكرت صحيفة "صن" الإنجليزية أن عدد الهجمات بالحمض في هذا البلد تراوحت بين 228 و601 هجوم بين عامي 2012 و2016، وهو ما يمثل نمواً بأكثر من ضعفين لهذه الظاهرة.
ووفقاً لبعض المصادر الرسمية، يقع يومياً على الأقل هجومان بالحمض في بريطانيا ولهذا السبب، أصبحت البلاد أكبر مركز للهجمات بالحمض في العالم في السنوات القليلة الماضية، هذا في حين تعتقد الشرطة البريطانية أن عدد الهجمات بالحمض أكثر مما تم الإبلاغ عنه في التقارير الرسمية.
وتقول التقارير الإعلامية إن أكثر من نصف الهجمات تحدث في العاصمة وعلى وجه الخصوص في المناطق الشرقية من لندن حيث يقع هناك أكبر عدد من الهجمات. وتضيف التقارير إن هذه الظاهرة بدأت تنتشر تدريجياً في بريطانيا ووصلت إلى القرى البعيدة.
وفي هذا السياق يقول الكاتب ستيفان ثامز، كاتب بريطاني في صحيفة الديلي ميل، إن: "التهديد بهجوم الحمض أدى إلى تحول لندن وبعض مناطقها إلى منطقة محظورة".
وتقول صحيفة "الصن" البريطانية إن العديد من هذه الهجمات بالحمض يتم تنفيذها من قبل المراهقين والجماعات الإجرامية.
ووفقاً للشرطة البريطانية، فإن الهجمات بالحمض ليست بالظاهرة الجديدة ويعود أولها إلى عام 1736 ( أي إلى 282 سنة مضت)، حيث كانت تستخدم هذه الطريقة في العنف المنزلي أما اليوم فإنها تستخدم في عمليات السرقة والاغتصاب.
ويقول علماء الإجرام في هذا الشأن أن استخدام الحمض بدلاً من السكين والسلاح يعدّ أسهل في الهجوم، خاصة وأنه من الصعب التعامل معه كما أن له تأثيراً مدمراً للغاية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحصول على هذه المادة سهل للغاية، كما أنه يصعب اكتشافه فهو شبيه بالمياه أو المشروبات الأخرى ويمكن وضعها في زجاجات عادية في الشارع ولا يمكن تشخيصه بسهولة دون إجراء اختبار كيميائي.
ويقول الدكتور سيمون هاردينج من جامعة ميدلسيكس في مقابلة مع صحيفة صن "كنت استخدم الحمض كسلاح أخير في العمليات الكيميائية لكن على ما يبدو هذه الأيام فقد أصبح السلاح الأول وفي متناول الجميع".
ويضيف سيمون "يتم استخدام هذه المادة بشكل شائع من قبل الجماعات الإجرامية خاصة إذا كان لديهم مشكلات مع شركة أو لديهم شخص مدين لهم بالمال، فإنهم يستخدمون الحمض من أجل حل مشكلاتهم، كما أن لديهم مخازن كبيرة من الحمض، إذ إن تخزين ونقل الحمض في بريطانيا قانوني".
لكن علماء النفس يرون أن هناك أسباباً أخرى لاستخدام الحمض، مثل الانتقام بسبب الخيانة الزوجية، والبلطجة، والكراهية العنصرية للمتطرفين البريطانيين ضد المهاجرين في البلاد، وانتقام المراهقين من بعضهم بسبب العداء، أو بسبب الأمراض النفسية لدى الشباب.
وقال جاب حسين، أحد ضحايا الهجوم بالحمض والذي تعرض للهجوم من قبل مراهق يبلغ من العمر 17 عاماً، في مقابلة مع صحيفة الإندبندنت "أتطلع لرؤية ما هي العقوبة بالنسبة له".
ووفقاً لما ذكرته صحيفة المترو البريطانية، "ديريك جين" مراهق يبلغ من العمر 17 عاماً من جنوب لندن هاجم ستة سائقين للدراجات النارية في مناطق مختلفة من لندن في 13 يوليو من العام الماضي وأصابهم بالحمض، وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات.
وفي أعقاب هذه الحوادث، طالبت رئيسة البرلمان البريطاني "لين براون" بتشديد القانون، قائلة: "إن الشعب البريطاني يعيش في حالة رعب".
وفي هذا السياق قال "أمبر رود"، وزير في الحكومة البريطانية في مقال نشر في صحيفة "صنداي تايمز": "إن الحمض جريمة مروعة تضايق الضحايا جسدياً وعقلياً ويجب أن يواجه المجرمون قوانين أكثر صرامة ".
وقالت "سي إن إن" في تقرير لها إن البرلمانيين البريطانيين يسعون إلى تشريع قانون يحظر بيع المنظفات السائلة الحمضية للقاصرين وتعديل القوانين المتعلقة بالحمض.
ومع ذلك، وعلى الرغم من متابعة المسؤولين الحكوميين والخبراء، لم يتم حتى الآن الإبلاغ عن أي تفسير أو أي مبرر للزيادة الكبيرة في الهجمات بالأحماض.