الوقت - في الوقت الذي يمر فيه العراق بأزمة أمنية عصيبة ومع تزايد دور القوات المسلحة والحشد الشعبي في محاربة تنظيم "داعش" الارهابي، أثار تعيين السفير السعودي الجديد في بغداد "ثامر السبهان" ردود افعال واسعة لدى العراقيين على الصعيدين الرسمي والشعبي، كما أثار الكثير من علامات الاستفهام لدى المراقبين بشأن الاهداف والتداعيات التي ستنجم عن هذا التعيين.
فبعد 25 عاماً من القطيعة الدبلوماسية بين العراق والسعودية قررت الاخيرة اختيار "السبهان" ليكون سفيراً لها في بغداد، وأدى القسم امام العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز. وشغل "السبهان" قبل ذلك منصب الملحق العسكري في السفارة السعودية في بيروت.
نبذة مختصرة عن حياة السبهان:
ولد ثامر السبهان عام 1967 وحصل على شهادة الدبلوم في السعودية عام 1985. وحاز على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الملك عبد العزيز العسكرية عام 1988، وأكمل دراسته العسكرية في أمريكا بعد أن رُقي إلى رتبة نقيب عام 1994. ويتمتع السبهان بعلاقات قوية مع واشنطن والعديد من العواصم الغربية وله علاقات متميزة مع الكثير من القادة العسكريين الغربيين من بينهم "ديك تشيني" وزير الدفاع ونائب الرئيس الامريكي الاسبق و"جوزيف هور" القائد السابق للقوات المركزية الامريكية، ووزير الدفاع البريطاني "توم كينج".
وتسلم السبهان مسؤوليات عسكرية وأمنية متعددة في بلاده بينها قيادة شُعب مختلفة في الحرس العسكري الخاص، وكان مرافقاً لقائد القيادة المركزية الامريكية "نورمان شوارتسكوف" اثناء حرب تحرير الكويت عام 1991، ورئيساً لجهاز الأمن السعودي بين عامي 1993-1995 الذي كان يشرف عليه مباشرة الامير خالد بن سلطان بن عبد العزیز. وكان أيضاً ضابطا لأمن وحماية عدة مواقع للقوات الامريكية والفرنسية والبريطانية في منطقة الرياض منذ عام 1995.
وخلال الاحتلال الامريكي للعراق بين عامي 2003 و2011 زار السبهان هذا البلد عدة مرات وأجرى مباحثات عسكرية مع السفارة الامريكية في بغداد.
وكان السبهان يشرف على الجانب العسكري لتيار المستقبل والجماعات المسلحة في طرابلس شمال لبنان. وتؤكد الوثائق السرية المسربة انه كان المسؤول الأول عن تقديم الدعم العسكري لتنظيم ما يسمى "جبهة النصرة" الارهابي في سوريا.
وعمل السبهان أيضاً في مجال التجسس على تحركات حزب الله في لبنان وكان يقدم تقاريره السرية في هذا المجال لقادة جيش الكيان الاسرائيلي خلال حرب تموز عام 2006. كما سافر عدة مرات إلى فلسطين المحتلة لإجراء مباحثات سياسية وعسكرية مع قادة الكيان الاسرائيلي الذين تربطهم معه علاقات قوية.
أهداف السعودية من وراء تعيين السبهان سفيراً في بغداد:
يعتقد المراقبون ان تعيين السبهان سفيراً للسعودية في العراق يهدف إلى تحقيق عدة أمور منها:
1 – مراقبة تحركات فصائل المقاومة الشيعية التي تحارب تنظيم "داعش" الارهابي وباقي الجماعات الارهابية المسلحة.
2 – مراقبة جهود ايران لدعم القوات العراقية والحشد الشعبي في حربهم ضد الارهاب.
3 – تقديم الدعم المالي واللوجستي للقوى السنية في العراق والتنسيق معها في كافة المجالات.
وخلال السنوات العشر الماضية إتهم الكثير من المسؤولين العراقيين السعودية بدعم الجماعات الارهابية بالمال والسلاح لتنفيذ عمليات إجرامية ضد الشعب العراقي. وبعد تسلم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مهام عمله في سبتمبر 2014 وتحسن العلاقات السياسية بين بغداد والرياض قررت الاخيرة تعيين السبهان ليكون سفيراً لها في العراق، لكن هذا التعيين أثار موجة من الاستياء لدى الكثير من الاوساط الرسمية والشعبية في العراق بسبب السجل الأمني والعسكري المثير للقلق للسبهان، في حين أعرب آخرون عن ترحيبهم بهذا التعيين كونه يسهم في تعزيز العلاقات بين الجانبين.
ومن ابرز المرحبين بهذا التعيين "اتحاد القوى الوطنية" وائتلاف "متحدون" الذي يترأسه رئيس البرلمان السابق اسامة النجيفي، فيما عارضه المجلس الاعلى الاسلامي بقيادة السيد عمار الحكيم وكتلة بدر النيابية بقيادة هادي العامري والكثير من شخصيات ائتلاف دولة القانون برئاسة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي.
ويؤكد المعترضون أن تعيين السبهان في منصب سفير السعودية في بغداد من شأنه أن يعرض أمن واستقرار العراق إلى المزيد من المخاطر بإعتباره شخصية عسكرية وأمنية وليست سياسية، مشيرين إلى ان الوثائق والأدلة التي توفرت لديهم بشأنه تثير القلق من امكانية استغلاله لمنصبه لإدامة دعم الجماعات الارهابية على حساب أمن ووحدة العراق، فيما طالب آخرون بالتريث في قبول تعيينه في هذا المنصب الحساس وإخضاعه لمزيد من المراقبة والتدقيق قبل الموافقة عليه.
في هذه الأثناء شدد عدد من الشخصيات السياسية العراقية بينهم رئيس جمعية الكرد الفيليين سامي الفيلي على ضرورة استبدال السعودية للسبهان بشخص آخر لشغل منصب السفير في بغداد، متهماً إياه بارتكاب جرائم ضد المدنيين في سوريا من خلال التعاون مع الجماعات الارهابية المعارضة في هذا البلد.
وتجدر الاشارة إلى ان العراق يمتلك الحق في رفض تعيين السبهان لشغل منصب سفير السعودية في بغداد والمطالبة باستبداله بشخص آخر يمتلك مواصفات تؤهله لهذا المنصب طبقاً للقوانين والاعراف الدولية.