الوقت- تشهد الهيئة العليا للمفاوضات تغيّرات سريعة، تسعى من خلالها الأطراف المشرفة عليها للتأقلم مع التغيّرات السياسيّة التي تشهدها المنطقة سياسيّاً وعسكريا عبر عملية "إعادة تموضع" جديدة.
التغيّرات المرتقبة تحاكي جملة من التطوّرات التي تبدأ بالواقع الميداني، لتمرّ عبر المشهد السياسي الذي تأتي الأزمة الخليجية في إطاره، ولا تنتهي عند مصير الرئيس السوري بشار الأسد الذي صُدم أعضاء الهيئة بسماعه من وزير الخارجيّة السعودي عادل الجبير.
فقد وصل وفد من المعارضة السورية يوم أمس الاربعاء 9 آب/أغسطس، إلى العاصمة السعودية "الرياض"، وذلك لبحث إمكانية توسيع الهيئة العليا للمفاوضات، وذلك في ظل كثرة الحديث عن وجود تغييرات ستحدث في كيان الهيئة قبيل مؤتمر الرياض الثاني الذي سيعقد قريباً.
رياض حجاب يستقيل والجربا الأوفر حظاً
على صعيد متّصل، كشفت مصادر إعلاميّة من جنيف معلومات عن استقالة رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب "لأسباب صحية". ونقل عن مصادر الهيئة العليا أن حجاب أبلغ وزير الخارجية السعودية عادل الجبير بقرار الاستقالة قبل يومين، وأن الاستقالة لم تعلن بشكل رسمي بعد.
في غضون ذلك، قالت تنسيقيات المسلحين نقلاً عن مصادر وصفتها بـ"الخاصة" أن المنسق العام لـ "الهيئة العليا للمفاوضات" رياض حجاب، لن يكمل في منصبه بعد عقد الاجتماع الموسع لـ"المعارضة السورية" في الرياض، والمتوقع حدوثه في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وذكرت المصادر أن" حجاب" أخبر القيادة السعودية بقراره ترك "الهيئة العليا "والتقاعد عن العمل السياسي، معللاً ذلك بعدم تمكنه من الاستمرار في منصبه بسبب وضعه الصحي الصعب.
ولفتت المصادر إلى أن هناك أسماء عدّة يجري تداولها لخلافة حجاب، مشيرة إلى أن رئيس "تيار الغد المعارض " أحمد الجربا هو الأقرب لخلافة حجاب.
وتأتي استقالة حجاب بعد أيّام على قرار الهيئة العليا للمفاوضات طرد عضو وفدها خالد المحاميد بسبب تصريحات هاجم فيها الدور التركيّ في الأزمة السورية. وقالت الهيئة في بيان لها إنّ تصريحات المحاميد تعبّر عن رأيه الشخصيّ لا عن رأي الهيئة أو وفدها المفاوض.
في المقابل، ردّ المحاميد على قرار الهيئة بالقول إنه لا يحق للهيئة أن تعزل عضو وفد تفاوضي من الكتلة المستقلة، مضيفاً أن هناك أجندات داخل الهيئة ولا تريد للحل السياسي بسوريا أن يُنجز.
بنود الجبير للهيئة
في هذا السياق، كشفت مصادر في "المعارضة السورية" لموقع "العهد" الإخباري عن بنود الورقة التي قدمها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى أعضاء في "الهيئة العليا للمفاوضات السورية المعارضة"، حول التسوية في سوريا. وأفادت هذه المصادر أن الورقة سوف تكون نقطة النقاش في اجتماع أطراف "المعارضة السورية" في الرياض، حيث تحاول السعودية أن يحضر كل من منصة القاهرة ومنصة موسكو في الاجتماع المذكور.
وبحسب المصادر، فقد اتفقت "الهيئة العليا للمفاوضات" مع الجبير خلال الاجتماع الأخير على البنود التالية:
1-الموافقة على بقاء الرئيس السوري بشار الأسد 18 شهرا خلال الفترة الانتقالية، كما يحق له الترشح بعد هذه الفترة للرئاسة.
2-ضمان بقاء الجيش والأمن السوريين وعدم انهيارهما حرصا على عدم انهيار مؤسسات الدولة.
3- ضمان سلامة ومشاركة الأقليات في الحكومة القادمة.
4-إنهاء المظاهر المسلحة والاسلحة الثقيلة خصوصا في ادلب، ومحاربة كل من يرفض ذلك.
5- التعاون بين "الجيش الحر المعتدل" والجيش السوري لقتال الارهابيين مستقبلا.
الرؤية الجديدة التي تمثّل فشلاً للرؤية السعوديّة السابقة، تأتي في ظل حديث الجبير انه "لم يعد بالإمكان خروج (الرئيس) الاسد في بداية المرحلة الانتقالية وإننا يجب أن نبحث مدة بقائه في المرحلة الانتقالية وصلاحياته في تلك المرحلة..وإلا ستبحث الدول عن حل في سوريا من دون "المعارضة".
بن سلمان نحو ملفّات أكثر حساسيّة
ويربط العديد من الخبراء الرؤية السعوديّة الجديدة، بمحاولات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التركيز على ملفّات أكثر حساسيّة بالنسبة للرياض، الملفّ الأوّل يرتبط بالعدوان على اليمن بما يرتبط بمخرج يحفظ ماء الوجه.
وفي حين يرتبط الملف الثاني بالأزمة الخليجية، فإن الملف الثالث يتعلق بترتيبات تولي محمد بن سلمان العرش السعودي، في ظل خلافات داخل العائلة السعودية المالكة وعمليات اطاحة قام بها ابن سلمان شملت ولي العهد السابق ابن عمه محمد بن نايف وعشرات الامراءوالضباط الكبار في الجيش والامن الداخلي، فضلا عن نقل وتسريح مئات الموظفين الكبار في مختلف الوزارات.