الوقت- یتوالى علينا الكسوف والخسوف بين العام والآخر ليضفي على عالمنا نوعا من الغرابة والجمال، وفي هذا العام مر علينا حتى الآن خسوفا واحدا للقمر في "10-11" شباط وكسوف شمسي حلقي في الـ26 من الشهر نفسه، ونحن على موعد مع خسوف جزئي للقمر في السابع من آب يتبعه كسوف كلي للشمس في الـ21 من الشهر نفسه.
الكسوف الكلي الذي سيحدث في الـ21 من الشهر المقبل سيستمر لمدة دقيقتين و4 ثوان، بالإضافة إلى كسوف جزئي خلال نفس اليوم يستمر لقرابة 3 ساعات، ومع اقتراب موعد الكسوف الذي يمكن مشاهدته في منطقة الولايات المتحدة، بدات عمليات التحضير في جميع الولايات لهذه المناسبة، وسوف توزع ملايين النظارات مجانا في الولايات المتحدة من خلال المكتبات العامة، مع كُتيب إرشادي، ليتمكن المهتمون من متابعة الكسوف الشمسي، بدعم من جوجل، ومؤسسات علمية أمريكية أخرى.
أسباب توزيع هذه النظارات
على الرغم من تقليل بعض الناس من مخاطر النظر بشكل مباشر إلى الشمس أثناء الكسوف، إلا أن هناك أكثر من 100 حالة موثقة لضرر شديد ودائم بالعين نتيجة للنظر المباشر لفترة طويلة للكسوف الشمسي، ولايتسبب النظر بالعين المجردة بالعمى التام إلا أنه يسبب لأصاحبه مشاكل في الرؤية، بحيث لايستطيعون رؤية الأشياء بشكل جيد ولايمكنهم رؤية التفاصيل الدقيقة، بحسب ما ذكره رالف تشو، أستاذ البصريات بجامعة ووترلو الكندية.
وبناءاً على هذه النتائج جاءت أهمية ارتداء النظارات الواقية أثناء النظر لكسوف الشمس، بحيث يتجنب المرء العمى أو أي ضرر يلحق بشبكية عينه.
نقطة مهمة حول الفرق بين النظر للشمس في الحالات العادية والنظر إليها أثناء الكسوف، في كلا الحالتين يكون الضرر نفسه، لكن في الحالة الأولى يكون لدينا ردة فعل طبيعية تجبرنا على عدم النظر إلى الشمس مدة طويلة، وسرعان ما نغمض أعيننا أو نغير مسار نظرنا ويأتي هذا نتيجة لاستجابة طبيعية من المخ تعمل لدى التعرض لشدة إضاءة مرتفعة عن المعتاد.
وبسبب غياب الأشعة تحت الحمراء الحمراء والتي تسبب التسخين كما في تجربة "العدسة المكبرة" (وهي تجربة يقوم بها الأطفال حينما يركزون أشعة الشمس من خلال عدسة مكبرة على ورقة ما، لتبدأ الورقة في الاحتراق، وأن ذلك هو ما يحدث تماما لخلايا العين لدى النظر لأشعة الشمس).
وبناء على ذلك يمكننا النظر إلى الشمس في حالة الكسوف، دون أن قيام المخ بأي عملية استجابة أو حدوث أي ردة فعل، وبسبب الفضول وكون الحدث نادرا، ينظر الكثير من الناس للكسوف، ما يسبب عطب أجزاء من الخلايا الحساسة المسئولة عن تحول الضوء إلى إشارة عصبية.
وفي هذا الإطار يقول أستاذ البصريات، تشو، إذا تعطلت نسبة ما من تلك الخلايا الحساسة، تتوقف الخلايا بالكامل عن العمل، ما يتسبب في موتها، وأن أولئك الذين ينظرون إلى الشمس لفترات طويلة من خلال تليسكوب أو غيره من المعدات البصرية من الممكن أن تصاب أعينهم بالضرر من جراء حرارة الشمس، ما يتسبب في موت الخلايا، وأن البعض أصيبوا بحروق جزئية في العين تحمل نفس الشكل الهلالي للكسوف الشمسي.
ومن اللافت أن نعلم أن نتائج النظر إلى الشمس في حالة الكسوف لا تظهر بشكل مباشر خلال اليوم نفسه، ففي اليوم الأول لا يحدث أي ألم، كما أن الرؤية تبدو طبيعية على مدار عدة ساعات عقب الإصابة، إلا أن المشاكل تظهر تدريجيا في اليوم التالي، وتبدأ الأضرار بعدم القدرة على تمييز التفاصيل خلال النظر إليها، يقول تشو : "في الصباح التالي، يُدرك المصاب أن هناك جزءًا من الشبكية قد أصيب بالفعل".
الجدير بالذكر أن الكسوف الكلي هذا العام سيبدأعندما يلامس ظل القمر المظلم شمال المحيط الهادي، ويعبر الولايات المتحدة الأمريكية من الغرب إلى الشرق عبر أجزاء من الولايات التالية: ولاية أوريغون، ولاية ايداهو، ومونتانا، ووايومنغ، ونبراسكا، وكانساس، وميسوري، وإلينوي، وكنتاكي، وتينيسي وكارولينا الشمالية، وجورجيا، وكارولينا الجنوبية. وستنتج منطقة شبه ظل القمر كسوفا جزئيا مرئيا في معظم المنطقة التي تغطي شمال أمريكا.
وتجدر الإشارة إلى أن كسوف الشمس وخسوف القمر في العام 2018 سيكون غريبا نوعا ما من حيث التزامن بين الكسوف والخسوف، حيث سيأتي كسوف الشمس قبل أو بعد أسبوعين من خسوف القمر، ويعتبر هذا الأمر نادرا جدا.