الوقت- تحول ليل بريطانيا ومملكتها إلى كابوس مروع، أدخل الذعر والخوف إلى قلوب سكان مدينة مانشستر الآمنيين ليخيم فيما بعد على كامل المملكة التي شهدت تفجيرا ضخما مساء أمس الاثنين، في حفل موسيقي أحيته المطربة الأمريكية، آريانا غراندي، في مانشستر، أسفر عن مقتل 22 شخصا على الأقل وإصابة 59 آخرين.
وتعاملت الحكومة البريطانية مع الحادث باعتباره عملا إرهابيا، ووصفت رئيسة الوزراء تيريزا ماي الحادث بأنه "عمل إرهابي مروع" وترأست على الفور اجتماعا للجنة "كوبرا" الحكومية للطوارئ، وتم تعليق الرحلات من وإلى محطة للقطارات قريبة من القاعة التي وقع فيها التفجير يوم الثلاثاء ، كما تعليق كافة الحملات الدعائية للانتخابات البرلمانية.
ولم يتم التأكد حتى الآن من هوية منفذ هذه العملية الإرهابية، حتى أن رئيس شرطة مانشستر " إيان هوبكنز" امتنع عن تأكيد ما إذا كان "المهاجم" بريطاني الجنسية.
وأيا تكن هوية القاتل فإن هذا العمل أقل ما يمكن وصفه بأنه "شنيع" خاصة بعد انتشار صور ومعلومات لمئات الأطفال المفقودين والتائهين الذين كانوا في حالة يرثى لها ، غير مدركين ما حصل أو إلى أين يذهبون وبعضهم غطته الدماء.
وهنا لابد من طرح مجموعة أسئلة عن الأسباب التي تؤدي إلى وقوع هكذا حدث إرهابي، وهل سياسة بريطانيا مع منطقة الشرق الأوسط والعالم جلبت لها هذا الإرهاب، أم تغاضيها عن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها "داعش" وغيره من المجموعات الإرهابية بحق شعوب المنطقة وأطفالهم وعدم قيامها بمحاربة هذه التنظيمات بشكل جدي بل السعي لإطالة عمرها لربما تستطيع بريطانيا كسب المزيد من الأوراق في المنطقة حتى لو كلفها الأمر أمن بلادها واستقرار مواطنيها.
ولكن من يتحمل تبعات هذه العمليات الإرهابية وترويع المواطنين في الشرق والغرب، أليس لبريطانيا وحكومتها يد في تفشي هذه الظاهرة وتغلغلها وتهديدها للأمن العالمي، يمكننا الإجابة بـ"نعم" لأن ما يحدث اليوم داخل أسوار بريطانيا يعود بشكل أو بأخر لاحتضان المملكة للعناصر التكفيرية وقيادات جماعة الإخوان المسلمين المتشددة ودعمها جماعات إرهابية خطيرة في سوريا والعراق بالمال، وللتأكيد فقد كشفت التحقيقات في قضية مقتل المتطوع البريطاني آلان هينينغ، الذي ذبح على يد تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، أن الجمعية الخيرية "تشيلدرن إن ديين" البريطانية التي أرسلته تتخذ من العمل الإنساني غطاء لتمويل جماعات إرهابية متطرفة.
بريطانيا تحتوي التطرف وتدعمه
إن بريطانيا التي تواجه اليوم أخطر مستوى من التهديدات الإرهابية منذ التفجيرات التي ضربت العاصمة لندن في يوليو/ تموز 2005، تحتوي الكثير من الجماعات المتطرفة التي تبث فكرها داخل المجتمع البريطاني عبر طرق وأساليب مختلفة، وعلى سبيل المثال تستضيف مدينة برمنغهام مؤتمرا سنويا يغلب عليه الطابع السلفي ويحضر هذه الاجتماعات جماعات ومنظمات متشددة.
وللتنويه فقد كشف تقرير لجمعية هنري جاكسون للأبحاث الأمنية في وقت سابق، أن واحدا من كل 10 إرهابيين مدانين في بريطانيا جاء من منطقة صغيرة في برمنغهام، علما أن عدد المسلمين البريطانيين في برمنغهام كلها، أقل كثيرا من عددهم في مناطق أخرى تشهد اندماج المسلمين في المجتمع.
من ناحية أخرى يتجه أغلب الهاربين من بلادهم والمتهمين بقضايا سياسية أو إرهابية نحو القارة العجوز حيث يجدون هناك ملاذهم الأمن خاصة في بريطانيا التي تعد من أكثر الدول التي تمنح حق اللجوء السياسي للمتهمين بالإرهاب على مستوى العالم، والتي قدمت لهم الدعم المالي والاستخباراتي على مدار عقود سابقة ومستمرة حتى الآن، كما ان هؤلاء الارهابيين يعيشون على اراضى الدولة الانجليزية فى حماية الشرطة ويقتاتون من الإعانات الاجتماعية المقدمة لهم.
ومن أبرز الشخصيات الإرهابية التي هربت إلى لندن ومنحت اللجوء السياسي، نذكر أبو حمزة المصري، المطلوب للعدالة في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، أبو حمزة قدم إلى لندن في 1980، وحصل على الجنسية البريطانية في عام 1983، وقدمت الحكومة البريطانية إعانات مالية للرجل ليعيش مع زوجتيه، كما استثنته من القانون الإنجليزي الذي يرفض تعدد الزوجات.
أما من ناحية تصدير الإرهابيين إلى الدول التي تعيش في الوقت الحاضر صراعات داخلية، فقد أوضحت لجنة الشئون الداخلية الانجليزية في تقريرها الأخير الخاص بالمنظمات الارهابية أن أكثر من 700 بريطاني سافروا الى سوريا والعراق للانضمام الى تنظيم "داعش" الإرهابي، هذا الأمر آثار تخوف الكثير من عودة هؤلاء الارهابيين المنضمين إلى "داعش" مما سيشكل بدوره خطورة على المجتمع البريطاني.
من خلال ما تقدم نجد أن بريطانيا يتغلغل فيها مجموعات متطرفة ومتشددة تنشط داخل المجتمع البريطاني وهی تمثل نارا تحت الرماد، ممكن أن تكوي معها أي مدينة أو حي. وفي الحقيقة أن سياسة بريطانيا مع منطقة الشرق الأوسط والعالم وتغاضيها عن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها "داعش" وغيره من المجموعات الإرهابية بحق شعوب المنطقة وأطفالهم وعدم قيامها بمحاربة هذه التنظيمات بشكل جدي بل السعي لإطالة عمرها جلبت لها هذا الإرهاب والشعب هو الذي يدفع ثمن هذا.