الوقت- ليس أمرا عابرا أن تتوالى مواقف زعماء العشائر اليمنية وتنظيماتهم السياسية, لتتوحد في الموقف, فالشعب اليمني قد نفذ صبره, هذه العبارة أجمع عليها رؤساء العشائر والتنظيمات السياسية بعد مضي أكثر من اربعين يوما على العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني على اليمن, فالشعب اليمني معروف على مر التاريخ, بحكمته من جهة وصبره من جهة أخرى, والأكثر من ذلك وحدة الموقف والكلمة, هذه النقاط الثلاث, الوحدة والصبر والحكمة هي ميزة الشعب اليمني. في هذا المقال سنعرض بعضا من أبرز المواقف التي صدرت في الأيام الأخيرة حول ما بالإمكان اختصاره بعبارة "الشعب اليمني نفذ صبره", والأسباب التي أخذها الشعب اليمني بعين الاعتبار ودفعته إلى الصبر على العدوان السعودي كل هذه الفترة, وإلى أين ستؤول الأمور بعدما حزم الشعب اليمني أمره بالرد على هذا العدوان بالمثل؟ مع الإشارة إلا أن الرد على هذا العدوان هو حق طبيعي لا يناقش به أحد, لا إنسانيا ولا قانونيا.
أثبتت التجارب أن وحدة الشعب اليمني لا يمكن تفكيكها والإلتفاف عليها بأي أسلوب وطريقة من الطرق, وهذا ما نشهده في يومنا هذا, ففي ظل العدوان الهمجي البربري الذي تشنه السعودية على اليمن ومن يقف خلفها ويدعمها, نرى أن الشعب اليمني بكل مكوناته وإنتمائاته, قد توحد صفا واحدا, واجتمع رأيا وعملا على مواجهة العدوان, وترك خلافاته الجزئية جانبا, وهو ما حير أعداء اليمن المتربصين به, وزاد من حقدهم عليه, وضراوة مشهد العدوان خير شاهد على ذلك من قتل وحشي وقصف عشوائي جنوني انتقامي, والذي لم يكسر قناعة اليمنيين وثباتهم بضروة العيش أحراراً كرماء في بلدهم آمنين.
ضراوة المشهد, وبعد مضي أكثر من اربعين يوما على العدوان, توالت المواقف اليمنية لتعلن عن نفاذ صبر الشعب اليمني, وأن انتهاكات السعودية لن تترك من دون رد, وسيكون الرد بالمثل. وفي عرض لأهم التصريحات التي تم الإدلاء بها, نذكر بعضا منها على سبيل المثال لا الحصار كالتالي:
1- قال أحد أبرز مشايخ محافظة عمران، الشيخ علي سنان الغولي، إن الشعب اليمني والقبائل لن يصبروا أكثر على العدوان والحصار المفروض عليهم من قبل السعودية وحلفائها. وأكد الغولي، في تصريح لوكالة خبر للأنباء، أن السعودية خرجت عن المألوف، واستباحت كل الحرمات، وما حدث ويحدث بصعدة وغيرها من المدن اليمنية، يدل على ذلك. وتابع: نأسف.. ولم نكن نتوقع أن يصل الحقد السعودي إلى هذا المستوى، كوننا أشقاء، ويربطنا الدين الإسلامي. وأضاف: ندين العمل الإجرامي الذي تقوم به السعودية بكل ما للكلمة من معنى، والذي لا يمكن أن يقوم به أي عاقل أو مجرم. وجدد الغولي تأكيده أن الشعب اليمني وقبائله معروفة على مر التاريخ بأنها مقبرة للغزاة وعصية على من تحداها. محذراً من أن تتحول الحرب إلى سيناريو آخر لما حدث بين العراق وإيران في ثمانينات القرن الماضي. وأشار إلى أن اليمن معروفة بقبائلها ورجالها وعزائمهم التي لم ولن تهزم ولن تنكسر. ودعا الشيخ الغولي، السعودية إلى تحكيم العقل والمنطق والعودة إلى الرشد، مؤكداً أن الشعب اليمني لم ولن يسمح بأن يفرط في أي ذرة تراب من وطنه. وأضاف، أن ما تعرض له منزل الزعيم علي عبدالله صالح ليس فخراً ولا شجاعةً للمعتدين، منوهاً أن صالح فرد من الشعب ويحظى بحب واحترام وتقدير كافة أبناء الشعب والقبائل اليمنية. واختتم الغولي تصريحه لـخبر للأنباء بالقول: لا يوجد أي فرد من الشعب اليمني موافق على ما يحدث من عدوان على اليمن سوى أولئك الحثالة المتسولين في الرياض وبعض ضعفاء النفوس في الداخل، وهم لا يمثلون الشعب اليمني وليس لهم أي صفات حزبية أو تنظيمية.
2- كما أكد رئيس المكتب السياسي لحركة أنصار الله، صالح الصماد الأسبوع الفائت، أن صبر الشعب اليمني لن يطول وسيوجه صفعة قوية لآل سعود ستفقدهم صوابهم وتشرد بهم من خلفهم, وقال الصماد في رسالة وجهها للعالم والشعب السعودي خصوصاً ان اربعين يوما من العدوان الهمجي الظالم والتواطؤ الدولي والمواقف المخزية لكثير من القوي الداخلية والخارجية قد قابلها صبر للشعب اليمني بلا حدود وان هذا الصبر لن يطول وستأتي اللحظة التاريخية التي انتظرها اليمنيون ليردوا الاعتبار للشعب اليمني العزيز ويوجهوا صفعتهم القاضية الى وجوه ال سعود والتي ستفقدهم صوابهم وتشرد بهم من خلفهم. وخاطب الشعب السعودي بان سفهاء نظام ال سعود هم من جنوا على شعبكم بتماديهم في طغيانهم واجرامهم واغترارهم بحلم الشعب اليمني.
3- بيان اللجنة الأمنية المشتركة: جاء البيان ليكشف عن قرب موعد الرد على العدوان السعودي معتبرا أنه "سنرد على من اعتدى علينا بالمثل".
إذن المرحلة التي يشهدها اليمن تستدعي من الجميع التكاتف، وبإرادتنا سنجتاز كل المحن، وسنرد على من اعتدى علينا بالمثل.
ويرى البعض أن الرد على العدوان ليس بجديد بل إن الرد بدأ في اللحظات الأولى للقصف من خلال استمرار تقدم الجيش مسنوداً باللجان الشعبية في أكثر من محافظة إضافة الى الصمود اليومي والأسطوري للشعب اليمني.
هذا بالإضافة إلى البيانات الكثيرة التي توالت تباعا, وكلها تؤكد على نفس الموقف والثبات, ولكن السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه يتعلق بالسبب الذي دفع اليمنيين إلى الصبر كل هذه المدة, والتي تعتبر مدة لا يستهان بها بالخصوص أمام هول الدمار والوحشية التي ينتهجها العدوان السعودي ومن يقف خلفه, ليأتي الجواب في الحكمة التي تتمتع بها القيادة اليمنية والشعب اليمني, وفي هذا الإطار سلسلة من الأسباب نذكر بعضا منها كالتالي:
1- أولا لم يبادر اليمن إلى الرد على العدوان السعودي بالمثل, مع العلم أنه يمتلك القدرة علي ذلك, وبالتالي هو أراد أن يثبت للعالم أجمع الكذب والإدعاء الباطل الذي تدعيه السعودية بأنها تدخلت لإنقاذ اليمن, فالجرائم التي ترتكبها السعودية, ومشاهد الدمار هو خير شاهد على أن السعودية تريد من هذا العدوان إركاع اليمنيين الذين يرفضون الذل, ونهب خيراتهم, وبأن العدوان لم يحصد لليمنيين أي أمن واستقرار كما تدعي السعودية.
2- هذه المدة من الصبر والتي نفذت, كانت كافية لإعطاء فرصة أمام من تورط بالعدوان لكي يعيد حساباته, ولكي يتحرك نحو استدراك الموقف.
3- إعطاء فرصة للشعب السعودي كي يقول كلمته في وجه نظامه قبل ان يجني عليه ويحمله وزر اعماله. و _كما يحب اليمنيون ان يستخدموا هذه العبارة_ فإن الذمة مبرأة اولاً امام الله سبحانه وتعالى، وثانيا امام الناس، وهذا اجراء ديني ملزم قام به الشعب اليمني حتى لا يرمي عليه احد انه لم يلق الحجة وبادر فورا الى الرد, وهو إلزام ديني أمرنا به الله.
4- إعطاء الفرصة للدول التي أعلنت نيتها عن إجراء إتصالات ومشاورات لحل هذا العدوان, والتوصل إلى تفاهم يمنع السلطة الحاكمة في السعودية من الإستمرار في عدوانها, وهو ما شهد باديء الأمر تقدما شبه ملموس وجراء الضغوطات التي مارستها دول شقيقة على السعودية, اضطرتها إلى الإعلان عن توقف عاصفة الحزم, والإنطلاق إلى إعادة الأمل, والذي تبين فيما بعد أنه كان مجرد تكتيك لم يغير من مجرى الأمور شيئا, وان العدوان مستمر.
ماذا بعد؟ باختصار يتضح من التجارب أن الرؤية واضحة جدا لدى الشعب اليمني وقياداته. الصبر لن يطول والصفعة ستكون قاضية، وليس الحسم القريب جدا لمعركة محافظة عدن رغم كل عمليات الامداد الجوي والبحري والتي توجت باستعادة كاملة لمديرية التواهي، ثم حسم معركة مأرب ايضاً وافشال معركة تعز الا اول الغيث. اما نشاط القبائل على الحدود مع جيزان ونجران وعمليات اقتحام خمسة مواقع والسيطرة عليها وقتل عدد لا بأس به من العسكريين السعوديين، وامطار بعض المناطق النجرانية بالقذائف والصواريخ من قبل مقاتلي بعض القبائل والتوغل في عمقها ردا على الاعتداءات السعودية الحدودية المتمادية، فليست سوى تنفيس قبلي بسيط عن الغضب الذي يغلي في صدور اليمنيين بعد الجرح الذي اصابهم به النظام السعودي وتسبب بخصومة لا يمكن معالجتها في عشرات السنين. اما الرد الحاسم الذي سترتصف فيه جميع المكونات العسكرية اليمنية من جيش ولجان شعبية وقبائل وانصار الله، فستكون له ساعة صفر وعنوان واشارة انطلاق واستراتيجية مفاجآت نوعية تقود الى مسار نصر لا يشك ثائر يمني ولا ثائرة يمنية ولا حتى طفل يمني فيه.