الوقت- تعلو أصوات وهتافات عشرات آلاف البحرينيين على أصوات محركات سيارات الفورمولا واحد التي تتسابق في البحرين اليوم في محاولة يائسة للنظام الحاكم إسكات الغضب الشعبي العارم بضجيج السيارات.
يستمر الشعب البحريني منذ ست سنوات بالتظاهر ضد النظام الحاكم، وضد سياسات القمع والاضطهاد والقتل والتعذيب، في ثورة أثبتت أنها أقوى من أي ممارسات حاقدة، ثورة بدأت في الرابع عشر من شباط فبراير 2011 واستمرت إلى اليوم بنفس القوة والإرادة. مما يؤكد أن الشعب مصمم على تحقيق مطالبه المشروعة وحاضر لتقديم الغالي والرخيص في سبيل الوصول إلى الحرية.
هذا وقد استعمل النظام البحريني كافة أشكال القمع والإجرام والتعذيب، كما قامت أجهزته الأمنية وبالاستعانة من مرتزقة بقمع التظاهرات منذ بداياتها وبأشد الأساليب عنف وقسوة.
اليوم يسطر هذا الشعب ملحمة أخرى، حيث بدأ ومنذ أسابيع بتنظيم تظاهرات معارضة لإقامة سباقات الفورمولا واحد في البحرين، سباقات أطلق عليها المتظاهرون سباقات "فورمولا الدم" في تعبير واضح ومعبر عن حقيقة أن النظام البحريني كما الأنظمة الدولية التي تحميه تقوم بتغطية الجرائم المرتكبة في البحرين من خلال هذه الأنشطة ذات الطابع الدولي والرياضي. وكأن البلاد تعيش الاستقرار والأمان وليس هناك من اضطهاد أو قمع يعم أرجاء تلك الجزيرة الخليجية.
وفي سياق الاعتراض على فورمولا الدم، قام عشرات الآلاف من المتظاهرين بحمل الشعارات المنددة والهتاف وكتابة العبارات على الجدران وإشعال النار ليتصاعد الدخان في سماء حلبة السباق، إضافة إلى إحراق بطاقات السباق تعبيرا عن رفضهم سياسات النظام وسلبا لمشروعيته التي يريدها من خلال هذه المسابقات الدولية.
الخطير اليوم أن هذا السباق بات يقام بشكل سنوي، دون الالتفات إلى أي من معايير الحقوق الإنسانية التي تتغنى بها الدول الكبرى، والتي جرت العادة على ضرورة مراعاتها لإقامة أنشطة رياضية ذات طابع دولي، كيف لا؟ وقد اشترى النظام البحريني ذمم قادة العالم ببضع دولارات، فلم تعد هذه القيود الصارمة أساسا لاختيار الأمكنة المناسبة لهذه النشاطات. بل وضف على ذلك يقوم منظموا هذه السباقات بإعطاء النظام البحريني الظالم المبرر ليكمل في نهجه أمام أنظار العالم.
يقام هذا السباق هذه الأيام، ولم يمر أشهر قليلة على حادثة إعدام الشبان الثلاثة دونما محاكمة، في وقاحة ليس لها حدود، وقاحة أصبح العالم أجمع شريكا فيها بل وراعيا رسميا لها. كيف لا؟ والنظام البحريني الحاكم إضافة إلى الأنظمة الخليجية التي تدعمه تؤمن مصالح الدول الكبرى التي تنافق في ادعاءات حماية حقوق الإنسان والشرائع الدولية.
ولكن ورغم كل شيئ يثبت الشعب البحريني الشجاع أنه عنيد ومقدام، وأن ثورته مبنية على عقيدة راسخة لا يمكن المساس بها، فعلى رغم كل الضغوط الدولية والقمع الداخلي فإن سبيل الحل الوحيد هو أن يدرك حكام البحرين أن الشعب يريد حقوقه كاملة دون نقيصة، والتاريخ يؤكد أن الشعوب التي تحمل هذا الإصرار لابد أن تنتصر في نهاية الأمر.
كما أن هذه المعارضة أتقنت اللعبة وباتت تدرك كيف تواجه هذا النظام، وتعلم أن هذه النشاطات التي يحاول من خلالها إضفاء مشروعية على حكمه هي فرصة لسلبه ما تبقى من مشروعيته، ولإيصال الصوت إلى شعوب العالم بعد اليأس من الأنظمة.
وبالفعل يستغل الشعب البحريني بكافة شرائحه الفرصة، فخلال وجود آلاف السواح إضافة إلى وسائل الإعلام الأجنبية والعالمية يجري لفت الأنظار إلى حقيقة الوضع البحريني الداخلي، ليرى العالم الظلم والاضطهاد الذي يتعرض له شعب أعزل من قبل نظام محمي من قبل النظام العالمي الفاسق.