الوقت- يشكل الألماس حالة خاصة تجعله فريد الخصائص بين أقرانه من الأحجار الكريمة المميزة، ويعتبر الألماس أو الماس حجر برجوازي اذ لطالما ارتبط اسمه بالأغنياء والطبقة الغنية أو أصحاب السلطة والنفوذ نسبتاً إلى غلاء ثمنه وندرته وفرادة شكله ولونه، وأكثر ما أذهل الإنسان في هذا الحجر المبهر هو قساوته التي لا يضاهيها شيء إضافة إلى شدة لمعانه التي تبهر الناظر إليه.
واليوم يرتبط اسم الماس بالمحبة والعشق الكبيرين، وذلك لاستخدامه بشكل كبير في هدايا المتحابين وخواتم الزواج والحلي إلا أن التاريخ يسجل ارتباط الماس بالسلطة والحكام وذلك قبل القرن الخامس عشر إضافة إلى اعتباره اداة تساعد في طرد ومحاربة الأرواح الشريرة، وهذا الاعتقاد ساد في حضارات عدة سابقة كما أنه كان محل اعتقاد عند عدد من العلماء والفلاسفة كأفلاطون مثلاً الذي كان يؤيد هذا الأمر.
إلا أن السؤال هنا هو عن ماهية هذا الحجر الكريم ومصدره وسبب غلاء ثمنه، وهنا نقدم لكم أجوبة شافية على هذه الأسئلة:
ما هو الماس؟
من الناحية الكيميائية يتكون الماس من الكربون المتبلور جرّاء الحرارة والضغط العاليين لمدة طويلة من الزمن وهذا يفسر سبب كثرة استخراج الماس من البراكين والمناطق البركانية بشكل عام، وبسبب الضغط والحرارة العالية تجبر ذرات الكربون على التشكل في صفوف مثالية الأمر الذي يعطيه خاصية الشفافية من جهة والقساوة من جهة أخرى، وهنا نشير إلى أن البيئة التي يتشكل فيها الماس وما تحويه من شوائب تؤثر على لونه فنحن نعرف اللون الأبيض الشفاف إلا أنه هناك ماس فيه طيف من ألوان أخرى كالأزرق والأصفر والوردي وغيرها.
الماس كما باقي المعادن يستخرج عبر المناجم، وتغيرت صدارة الدول التي تربعت على عرش الأكثر انتاجاً للماس بين الهند ثم البرازيل لتنتقل الصدراة لاحقاً الى دول افريقية عدة غنية جداً بهذا المعدن النفيس لينتهي بها المطاف في دولة افريقية صغيرة وغير معروفة اسمها ليسوثو والتي تحيطها دولة جنوب افريقيا من كل الجهات.
الا أن اللافت اليوم وجرّاء التطور العلمي الكبير الذي وصلنا اليه بات من الممكن تصنيع أنواع من الماس الصافي والذي يصل في نقاوته الى درجات أعلى من تلك الطبيعية وبالتالي بات من الممكن وباستخدام التكنولوجيا الحديثة لتأمين الحرارة والضغط اللازمين تصنيع أحجام كبيرة من الماس والتي لا يمكن تمييزها عن الماس الطبيعي.
سبب غلاء ثمن الماس
في الماضي كانت وسائل التنقيب قديمة أو حتى معدومة إلى حد ما باعتبار أن الماس يكثر في اعماق الأرض وأماكن خاصة أخرى الأمر الذي سبب شحاً وندرة في تواجد الماس وبطبيعة الحال كان الطلب عليه كبيراً لخصائصه النادرة من قساوته ونقاوته وقدرته الكبيرة على الحفاظ على خصائصه وشكله مع مرور الزمن، وهذا الامر أي كثرة الطلب وقلة العرض سبب ارتفاعاً في سعره.
ومع مرور الزمن وبسبب التطور الذي طرأ لاحقاً وهنا نتحدث عن المرحلة منذ قرنين من الزمن تم اكتشاف عدد كبير من مناجم الماس، ووفرتها في الدولة الافريقية التي يمكن أن تجد فيها الماس في مجرى نهر أو على ضفافه الأمر الذي ادى إلى انخفاض كبير في اسعاره وذلك لوفرة العرض أمام الطلب، وهنا تضرر البائعون والمصدرون وشركات التنقيب التي خسرت كثيراً، وعلى اثر ذلك تشكل اتحاد كبير من هؤلاء تحت اسم دي بير في عام 1926 وعمل هذا الاتحاد على احتكار الماس بشرائه من الغالبية العظمى من منتجيه ومصدريه وتم حجزه وعرض كميات قليلة في السوق الأمر الذي أدى الى ارتفاع أسعاره مجدداً في تلك الحقبة الزمنية وظل التحكم في اسعاره وكمياته في السوق رهناً بيد هذه الشركة لمدة طويلة.
ولاحقاً في منتصف القرن العشرين ازدهر تداول الماس واستخراجه جرّاء الصراعات والنزاعات المسلحة التي نشبت في افريقيا ولكنها ارتبطت مباشرة بما عرف بالماس الدموي جراء استخدام هذا الماس لشراء السلاح للاقتتال بين الدول كما فعلت سيراليون وانجولا وغيرها من الدول وأيضاً لارتباطه بعمالة الأطفال والاستعباد في محاولة لاستخراج كميات اكبر من الماس.
وهنا وبسبب سوء سمعة هذا الماس انخفضت مبياعاته بنسبة 20% في عام 2004 وهذا اجبر الكارتيل المتحكم بهذه التجارة الى المجاهرة بتغيير سياساته الاحتكارية وترويجه لمفهوم مقاطعة الماس الدموي، إلا أنه لم يعد غائباً على أحد أن الصراعات الاثنية والعرقية والمذهبية لا زالت قائمة وعمالة الأطفال كذلك في افريقيا ومصداقية كارتيل الماس باتت محل شك دائم.