الوقت- تناولت صحيفة الاندبندنت البريطانية اليوم في مقال للكاتب البريطاني "باتريك كوكبيرن" الأزمة التي تعصف باليمن بعد العدوان السعودي الأخير عليها حيث كانت أول عملية عسكرية لإدارة ترامب في مجال مكافحة الإرهاب قد لاقت فشلاً ذريعاً حين قتل عدد من القرويين اليمنيين وأصيب عدد كبير منهم ناهيك عن مقتل مواشيهم التي كانوا يعتمدون عليها في معيشتهم وتعدّ مصدر رزق لهم.
وقال الكاتب: إن إدارة ترامب قد تحرز أول تغيير في سياستها الخارجية وبشكل جذري في الشرق الأوسط من خلال تصعيد التدخل الأمريكي في الحرب علی اليمن التي دمرتها سنوات من الصراع، وتحقيقاً لهذه الغاية، فإن أمريكا تسعى لزيادة الدعم العسكري للسعودية والإمارات وحلفائهم المحليين في اليمن في محاولة للإطاحة بالحوثيين الذين يقاتلون إلى جانب الجيش اليمني، الذي لا يزال موالياً للرئيس السابق علي عبد الله صالح، لكن الحرب في اليمن معقدة للغاية ولا يمكن الفوز بها لا بل إنه يجب الخروج منها.
وتابع الكاتب بالقول: إنه وبالرغم من المزاعم السعودية، لا توجد هناك أدلة على أن الحوثيين حصلوا على دعم من إيران وهذا في جميع الأحوال أقل بكثير مما تتلقاه السعودية من أمريكا وبريطانيا، وليس هناك ما يشير إلى أن القصف الجوي بقيادة السعودية، الذي ظل مستمراً لمدة عامين، قد كسر حاجز الجمود العسكري للقوات اليمنية، حيث إن كل ما حققه التدخل السعودي في اليمن حتى الآن هو جعل اليمن على مقربة من المجاعة، فبحسب ما قال "جيمي ماكغولدريك" منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن في نداء للحصول على مزيد من المساعدات هذا الأسبوع: إن سبعة ملايين من اليمنيين أقرب من أي وقت مضى إلى الموت جوعاً.
وتابع الكاتب بالقول: كم كثيرة هي الأوقات التي حذّرت الأمم المتحدة فيها من حلول كارثة حقيقة قد تواجه اليمن، بينما أعطت وزارة الخارجية الأمريكية إذن استئناف توريد الأسلحة الموجهة بدقة للسعودية، بعد أن علقت هذه المبيعات في أكتوبر الماضي من قبل الرئيس أوباما حيث قصفت الطائرات السعودية جنازة في العاصمة صنعاء، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 من المشيعين آنذاك فكانت أمريكا تزود الطائرات بالوقود ناهيك عن مستشاريها في المقر الرئيسي للعمليات السعودية، ورغم هذا فإن مبيعات الأسلحة قد مضت قدماً بعد إذن البيت الأبيض.
وقال الكاتب: إن ثمة عنصراً غريباً في قرار ترامب بالهجوم على اليمن وهو وجود ادعاءات بأن الإيرانيين يقدمون المساعدات المالية والعسكرية للحوثيين وهذه الادعاءات هي بالتأكيد ليست سوى دعاية سعودية، ولأن اليمن مقطوع بالكامل عن العالم الخارجي من قبل القوات البرية والجوية والبحرية السعودية، وحتى الواردات الغذائية، التي يعتمد عليها اليمنيين بشكل كلي، يتم جلبها بصعوبة بالغة عن طريق ميناء الحديدة النصف محطم على الساحل الغربي.
وقال الموقع: إن استئناف توريد الذخائر الموجهة بدقة ليس أول إشارة إلى أن إدارة ترامب ترى اليمن كمكان جيد لوضع الاستراتيجية الأكثر تشدداً موضع التنفيذ في المنطقة، ففي 29 يناير، وبعد أيام من توليه منصبه، أرسل ترامب حوالي 30 عنصراً من فريق قوات البحرية الأمريكية، مدعومة بطائرات هليكوبتر لمهاجمة قرية فقيرة في محافظة البيضاء في جنوب اليمن، والغرض من هذه الغارة، وفقاً للبنتاغون، هو جمع المعلومات الاستخبارية، على الرغم من أنها لم تكن إلا محاولة فاشلة لقتل أو اعتقال قاسم الريمي، رئيس تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وقال الكاتب: أياً كان الهدف من هذا الهجوم، فإنه سرعان ما تحول إلى فشل دموي، حيث قتل 29 مدنياً وقال والد الجندي الأمريكي الذي قتل في الغارة وليام أوينز، إن ما قام به البنتاغون في الواقع يشبه كثيراً المحاولات المماثلة لشرح الأبعاد المدنية لقتل وإصابة المئات بالضربات الأمريكية خلال نصف القرن الماضي في فيتنام وأفغانستان والعراق.
وقال الكاتب: من جانبها، حاولت إدارة ترامب إغلاق أي تحقيق في ما حدث وقد انتقد هذا الموقف على وجه السرعة من قبل والد القتيل، قال إن إدارة ترامب تختبئ وراء وفاة ابنه لمنع ظهور نتائج التحقيق".
وقال الكاتب: في هذا الحدث، إن البيت الأبيض والبنتاغون يخفيان حتى الآن نجاحهما بتدمير هذه القرية اليمنية النائية، فقد تم تعريض حياة القرويين للخطر فقصفت الطائرات القرية بأكملها، وضرب أكثر من اثني عشر مبنى، فهدمت المساكن الحجرية حيث تنام العديد من الأسر، وقتل أكثر من 120 من الماعز والأغنام والحمير، وستة على الأقل من النساء و 10 أطفال كلهم قتلوا في منازلهم حيث مزقت القذائف القش والأخشاب وأسطح المنازل التي يعيشون فيها.
واختتم الكاتب بالقول لقد كانت أول عملية لإدارة ترامب في مجال مكافحة الإرهاب فاشلة لا بل هي أسوأ من ذلك بكثير، فالسياسات الجديدة التي تتبعها إدارة ترامب باليمن ادعت أنها تنفذ أول عملية لمكافحة الإرهاب ضد القاعدة لكن في الواقع أدت إلى ذبح المدنيين وتم التستر عليه، فاليمن قد تنضم قريباً إلى أفغانستان والعراق والحروب التي رغبت واشنطن لو أنها لم تتورط فيها.