الوقت- بعد غياب دام لفترة طويلة بسبب انشغالها في الأوضاع الداخلية، يبدو أن مصر تسعى مجدّداً لاستعادة دورها الاقليمي حيث ترجم هذا الأمر أمس الإثنين عبر زيارة الرئيس اللبناني إلى مصر وبحث العديد من الملفات مع الرئيس السيسي، إضافةً إلى الوساطة المصرية في عقد لقاء بين السراج و حفتر في القاهرة لحل الأزمة الليبيّة.
العودة الجديدة تأتي بعد فترة وجيزة على المصالحة المصرية مع حركة حماس للاستحواذ على الورقة الفلسطينية، الأمر الذي يصبّ في إطار محاولاتها لاستعادة دورها الإقليمي والدولي.
السيسي: مصر مستعدة لدعم قدرات الجيش اللبناني
وفي سياق الدور المصري، وصل الرئيس اللبناني ميشال عون، إلى القاهرة، ظهر اليوم الاثنين، على رأس وفد رسمي ضخم لبحث العلاقات بين البلدين والتحدّيات المشتركة.
وقال السيسي، خلال مؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره اللبناني في القاهرة، "إن مصر ستواصل دعمها للبنان الشقيق، وستقدم كل الدعم لجهود القيادة اللبنانية من أجل الحفاظ على استقرار لبنان".
وشدد على أن "لبنان الحر القوي المستقر يعد عامل قوة للأمة العربية"، وأضاف: إن بلاده مستعدة لدعم قدرات الجيش اللبناني ومختلف أجهزته الأمنية في إطار تعاون البلدين لمكافحة الإرهاب.
وأضاف السيسي "كلي ثقة أن ولايتكم ستعزز وضع لبنان كبلد للتعددية السياسية والتعاون الثقافي، الذي تحكمه أسس التوافق بين القوى السياسية المختلفة".
عون: الآمال ماخوذة على الدور المصري المعتدل
من جانبه، أشار الرئيس اللبناني ميشيل عون، إلى أن الآمال ماخوذة على الدور الذي تقوم به مصر بقيادة السيسي في المنطقة.
وأضاف "عون"، خلال كلمته بالمؤتمر الصحفي في مصر الاتحادية، أن مصر يعني الاعتدال والسند، ويمكنها انقاذ العرب ومحاربة الارهاب الذي يضرب أرضنا العمل على إيجاد حلول سياسية.
على صعيد متّصل، أشاد عضو مجلس المصري للشئون الخارجية جيلان جبر ، بزيارة الرئيس اللبناني ميشال عون لمصر أول زيارة رسمية بعد توليه رئاسة دولة لبنان،للتأكيد على التعاون المصري اللبناني والاهتمام بمبدأ عروبة لبنان فى إطار إدراك دور مصر كدولة محورية بالمنطقة العربية.
لقاء حفتر – السراج.. جهود مصرية لتسوية الأزمة الليبية
وفي سياق الدور المصري الجديد، استقبلت القاهرة، اليوم الاثنين، كلا من رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج والمشير خليفة حفتر قائد قوات الجيش في شرق ليبيا.
وتأتي هذه الزيارة المتفق عليها في إطار الجهود المصرية لبحث سبل الخروج من الأزمة الليبية الراهنة، حيث أكدت مصادر قريبة من رئيس المجلس الرئاسي الليبي أنه قد يعقد جلسة تجمع بين السراج وخليفة حفتر لبحث سبل إيجاد حل يرسخ دعائم المؤسسات الوطنية الليبية دون أي تدخل خارجي".
نتائج اجتماع القاهرة: مجلس عسكري برئاسة حفتر.. ورئاسي لـ"السراج"
ورغم تضاربت الأنباء عن عقد اللقاء بين الجانبين، أكد مصدر مقرب من خليفة حفتر أنه تم الاتفاق بين رئيس المجلس الرئاسي الليبي، فائز السراج، وقائد الجيش خليفة حفتر، مبدئياً على إعادة تشكيل المجلس الرئاسي من جديد برئاسة "السراج"، ونائبين عن الشرق والجنوب يرجح بأنهما النائب الحالي لرئيس المجلس الرئاسي فتحي المجبري وعضو مجلس النواب عن الجنوب عبد المجيد سيف النصر".
من جانبه، قال عبدالباسط بن هامل، المُحلل السياسي الليبي، إن اللقاء الجاري الآن في القاهرة بين قائد الجيش الليبي، المُشير خليفة حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، يأتي في محاولة مصرية لجمع الطرفين على طاولة واحدة، مشيرًا إلى أن اللقاء مازال مستمرًا حاليًا برعاية رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق محمود حجازي.
وأوضح المُحلل السياسي الليبي، أن الجهود المصرية كانت أكثر مما كان يأمل المبعوث الأُممي للملف الليبي، مارتن كوبلر، والبعثة الدولية كلها، مؤكدًا أن تلك البعثة استنفذت كافة الأوراق ولم تستطع إيجاد حلول أو تقريب وجهات النظر، إلا أن الدبلوماسية المصرية كانت أنجح خلال تلك الفترة من البعثة الدولية.
قمة لقادة الجزائر وتونس ومصر قريبا للدفع بحل الأزمة الليبية
على صعيد متّصل، أكد مصدر دبلوماسي جزائري رفيع المستوى، طالبا عدم ذكر اسمه، أن الجزائر وتونس ومصر، اتفقت على عقد إجتماع لوزراء الخارجية، يوم الأول من آذار / مارس، المقبل لـ"بحث ما يمكن فعله بملف الأزمة في ليبيا"، على أن تعقد قمة لقادة الدول الثلاثة بتاريخ ومكان لم يتحددا بعد.
وأوضح المصدر، أن إجتماع وزراء خارجية الدول الثلاثة "سيبحث ملف ليبيا الثقيل، الذي لا ينبغي أن يخرج حلَه عن الإطار الليبي"، ويقصد المسؤول الجزائري، بذلك، ضرورة أن تتوصل العواصم العربية الثلاث إلى توافق بمعالجة الأزمة الليبية سياسيا، دونما تدخل قوى أجنبية عن دول الجوار الليبي، وفق شرحه.
ويرى مراقبون أن استعادة مصر لدورها الإقليمي وقيادة العرب وفق ما دعا الرئيس اللبناني تعني الدخول قريباً في وساطة لحل الأزمتين السورية واليمنية سياسيّاً، فهل تستعيد مصر دورها فعلاً؟ وهل ستكون سوريا المحطة المقبلة أم اليمن؟