الوقت- ستشهد المرحلة القادمة مزيداً من التعاون الإقتصادي والأمني بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وجارتها افغانستان بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الافغاني "أشرف غني" لطهران. ما سيؤدي الي مساعدة افغانستان علي الخروج من أزماتها الاقتصادية خاصة في مجال الطاقة. وكذلك سيكون لهذه الزيارة نتائج مثمرة للعالم وشعوب المنطقة خاصة في مجال محاربة الإرهاب ومكافحة المخدرات. وتأتي الزيارة الرسمية الاولى لأشرف غني لطهران تلبية لدعوة وجهها الرئيس الإيراني حسن روحاني لغني بعد انتخابه رئيساً لأفغانستان. ويري مراقبون أن اللغة الفارسية المشتركة لايران وافغانستان بإمكانها أن تكون عاملاً مهما في نمو العلاقات بين البلدين خاصة في المجال الثقافي مما سينعكس ذلك إيجابيا علي سائر القطاعات الأخري ومن ضمنها القطاع الاقتصادي. حيث تحتاج أفغانستان بشكل كبير الي الطاقة والبترول وهذا ما تمتلكه ايران بشكل وافر. كما تعتبر المسافة القريبة بين ايران وافغانستان والحدود المشتركة التي تصل الي 945 كيلومترا بمثابة عنصر مهم في خفض تكاليف أي مشروعٍ اقتصادي مشترك بين البلدين خاصةً نقل الطاقة الي أفغانستان .
وفي سياق متصل فان نظامي الحكم في كلا البلدين هو نظام إسلامي، مما سيكون عاملاً مهما في زيادة التقارب الإيراني الأفغاني الي جنب العناصر المشتركة الأخري مثل اللغة والحدود المشتركة بين البلدين. ومن جهة ثانية تعتبر حركة طالبان الإرهابية عدواً مشتركاً لإيران والشعب الأفغاني. وستظل محاربة هذه الحركة المتطرفة هدفاً مشتركاً لكلا البلدين لكي لا تكون عودتها الي السلطة تهديداً لمصالح إيران والشعب الأفغاني. وكانت إيران ولا زالت ليومنا هذا، مضيفة ودودة للمهاجرين الأفغان الذي شردتهم الحروب من بلادهم. حيث استقبلت إيران هؤلاء المهاجرين بحفاوة بالغة ولا زال الكثير منهم ولحد الآن متواجدين في إيران بالرغم من وصول الظروف الأمنية في بلادهم الي درجة مقبولة خاصة بعد تشكيل الحكومة الجديدة خلال الشهور الماضية .
كما ويعتبر التعاون الإيراني الأفغاني في مجال مكافحة نقل المخدرات من افغانستان الي الأسواق العالمية عبر الأراضي الإيرانية أمراً مهماً لتخليص العالم من الإدمان علي هذه المادة المدمرة. حيث قدمت ايران خلال العقود الثلاثة الماضية ما يقارب الـ 4 آلاف شهيدا من قواتها الأمنية بسبب الإشتباكات التي جرت بين قوي الأمن الإيرانية والعصابات الناشطة في مجال نقل المخدرات من أفغانستان. ومن المحتمل أن يؤدي التعاون الأمني بين ايران وأفغانستان الي زيادة حجم التجارة بين كلا البلدين التي تصل حالياً الي ملياري دولار سنوياً. وبناءاً علي هذا فإن تعاون طهران وكابول في شتي المجالات أصبح أمراً حتمياً لكلا البلدين. ويجب أن لا ننسي أن الحكومة الأفغانية خلال السنوات الماضية سعت الى توسيع علاقاتها مع طهران رغم الضغوطات التي مارستها عليها الدول الغربية وعلى رأسها أميركا. وفي المقابل سخرت إيران معظم إمكانياتها الإقتصادية لمساعدة الشعب الأفغاني خلال العقود الماضية، بالرغم من فرض العقوبات الإقتصادية على طهران من قبل الغرب بسبب برنامجها النووي السلمي. حيث قدمت ايران لأفغانستان مساعدات خدماتية ومادية وبادرت طهران الي رفع نسبة خبرات الكوادر الأفغانية، في شتي المجالات وكان ذلك من خلال إجراء ورشات عمل تعليمي في إيران وأفغانستان لتدريب هذه الكوادر. كما تعتبر إيران ممراً حيوياً لأفغانستان لارتباطها بالمحيط الخارجي خاصة بالممرات المائية الدولية .
وفي سياق متصل يمكن القول ان نجاح المحادثات النووية بين إيران ودول مجموعة 5+1 سيؤثر إيجابياً وبشكل مباشر على النمو الإقتصادي في أفغانستان التي تحتاج بشكل كبير الي مساعدة جيرانها. وبرفع العقوبات عن ايران ستكون الفرصة سانحة لتوسعة ميناء "جابهار" في جنوب شرق ايران مما سيساعد على انقاذ افغانستان، ومساعدتها في الخروج من الحصار البري المفروض عليها بسبب عدم اتصالها بالمياه الدولية. وفي سياق متصل ستمهد زيارة الرئيس الأفغاني الي طهران، الأرضية اللازمة لاتساع العلاقات الثلاثية بين إيران وأفغانستان والهند، والتي أكدت عليها وثيقة "دالان" الموقعة من قبل هذه الدول. وتعتبر زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف خلال الفترة الماضية لأفغانستان وكذلك زيارة الرئيس الأفغاني الأخيرة لإيران، دليلٌ علي رغبة البلدين لتنمية علاقاتهما في جميع المجالات .
إذن، إن بناء علاقة متقاربة بين طهران وكابول، من الممكن أن يساعد وبشكل كبير علي إيجاد الأمن والإستقرار في منطقة الشرق الاوسط الملتهبة بسبب التدخلات الأجنبية خاصة الامريكية. ولهذا فإن علي إيران وأفغانستان العمل علي توثيق هذه العلاقة التي ستعود بالخير الكثير علي كافة شعوب المنطقة .