الوقت- من جديد تعود المعركة الاستراتيجية التي يخوضها الجيش السوري وقوات الدفاع الوطني ضد الجماعات التكفيرية المسلحة في ريف درعا، إلى واجهة الأحداث مجدداً، حيث نفّذ الجيش السوري بالأمس عملية عسكرية خاطفة في الريف الشمالي الشرقي لدرعا، تمكن من السيطرة على خمس قرى، هي مسيكة الشرقية والغربية والخوابي وإشنان والدلافة، بالإضافة إلى ضرب طوق على بلدتي مليحة العطش وبصر الحرير، ولم يكن الهجوم متوقعاً للجماعات المسلحة، نظراً بأن أغلب الاشتباكات مع الجماعات المسلحة في ريف درعا كانت تدور في المناطق الغربية منه، وبالضبط في مثلث درعا- السويداء- ريف دمشق الاستراتيجي .
وتأتي أهمية هذا التقدم من كونه يقطع طرق الأمداد على المسلحين الممتدة بين الأردن والبادية وغوطة دمشق الشرقية، فضلاً عن تحصين مدينة إزرع وتأمين الطريق بين السويداء ودرعا، إضافة إلى إبعاد المسلحين عن جزء من محافظة السويداء وعن أحد الطرق الذي يربط المحافظة بطريق دمشق ــ درعا .
وأصدرت القيادة العامة للجيش والقوات المسلّحة بياناً قالت فيه إن السيطرة على تلك المناطق جرت "إثر عملية عسكرية نوعية أسفرت عن القضاء على أعداد كبيرة من الإرهابيين التكفيريين الذين تحصنوا في المنطقة". وأوضح البيان أن أهمية ذلك التقدم تأتي من كونه: "يعيد فتح الطريق الحيوي بين درعا والسويداء وتأمينه، ويقطع طرق إمداد التنظيمات الإرهابية المسلحة من خلال إغلاق بوابة اللجاة، التي كانت تستخدمها لتهريب المرتزقة والأسلحة والذخيرة من الأردن باتجاه البادية والغوطة الشرقية في ريف دمشق "
وبادر المسلحون بعد انسحابهم من القرى الخمسة المتلاصقة جغرافياً، مسيكة الشرقية والغربية والخوابي وإشنان والدلافة، التي سيطر عليه الجيش السوري إلى التحصن في بلدتي مليحة العطش وبصر الحرير، وأطلقوا على الفور اسم معركة "عمود حوران" على تحركاتهم الدفاعية في البلدتين الأخيرتين. إثر ذلك، أعلنت فصائل "الجبهة الجنوبية" و"غرفة اسود الحرب" و"لواء توحيد كتائب حوران" انضمامها إلى معركة "عمود حوران". وتواصلت الاشتباكات على أطراف بصر الشام ومليحة العطش، حتى وقت متأخر من مساء يوم أمس. وأدت تلك المواجهات إلى مقتل أبو عزام جباب، القائد العسكري في "حركة أحرار الشام" في محيط بلدة بصر الحرير، وابراهيم الحريري، الملقب أبو خليل، القائد العسكري في "فرقة عمود حوران" التابعة لما يسمى بـ"الجيش الحر"، إضافة إلى مقتل العشرات من المسلّحين في تلك المنطقة .
وأقرت التنظيمات الإرهابية على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي بتكبدها خسائر فادحة بريف درعا الشمالي الشرقي ومقتل عدد من أفرادها في بلدة بصر الحرير من بينهم "أحمد سلطان المفعلاني وعلي منصور عبدو الحريري وطاهر أديب السعد الدين الحريري وعقلة عيد الحريري ".
وكان وزير الدفاع السوري العماد فهد جاسم الفريج قد قام قبل يوم من العملية الأخيرة، بزيارة إلى قاعدة جوية في المنطقة الجنوبية، على الأغلب هي مطار خلخلة العسكري المشرف على بادية تل أصفر التي تعد غنية بطرق التهريب سابقاً، والتي تحولت إلى طرق إمداد مباشر من الأراضي الأردنية لصالح الجماعات التكفيرية المسلحة .
الجدير بالذكر أن منطقة ريف درعا مفتوحة على الحدود الاردنية من جهة، والفلسطينية من جهة أخرى، وتشكل أهم طرق إمداد المسلحين المدعومين لوجستياً من الكيان الصهيوني، والتي تدار عملياتهم من غرفة عمليات تقودها مخابرات عدة دول أجنبية في الأردن، ويرجح مراقبون أن يكون زهران علوش قائد ما يسمى "جيش الاسلام"، قد عبر إلى تركيا عبر الحدود الأردنية مستخدماً طرق الأمداد الآنفة الذكر، وفي مثل هذه الحال يظهر دور المخابرات الأردنية في تسهيل عبور التكفيريين إلى سوريا .
ويبدو أن الحكومة السورية تحضر لضرب وقطع الإمداد عبر الحدود الجنوبية من خلال معركة كبرى تطلق في الجنوب الشرقي من سوريا، ولن يطول أمد هذه العملية بكون المنطقة صحراوية ومن السهل أن يكشف فيها تواجد المسلحين، لكن الهدف السوري الاستراتيجي في الجنوب، هو القسم الغربي منه، حيث يتمدد المسلحون بدعم من المخابرات الإسرائيلية .
وكانت وحدات من الجيش قضت أمس على إرهابيي تنظيم " جبهة النصرة" وغيره من التنظيمات التكفيرية في سملين وزمرين وكفر شمس الحراك ورجم الزيتون وكوم الحجر وطفس وداعل وشمال مزرعة البيطار في عتمان بريف درعا، مما أوقع قتلى ومصابين في صفوف الجماعات الارهابية المسلحة .