الوقت - أجج قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، غضب الشعوب في مختلف أنحاء العالم، بصورة خاصة المسلمين منهم، إلا أن قادة الدول العربية في المنطقة يسعون للتقرب الى الحكومة الأمريكية الجديدة؛ وهو الأمر الذي لم يغفل عنه المراقبون، فحذروا من تداعيات ذلك.
ونشرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية تقريرا حول العلاقات العربية الأمريكية، أشارت فيه الى أن نسبة كبيرة من الشعوب العرب تشعر بالغضب بسبب قرار ترامب بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، فيما لم يتخذ بعض قادة أهم الدول العربية مواقفا مشابهة لمواقف شعوبهم تجاه هذا الأمر.
في الحقيقة صمت قادة الدول العربية التي لم تُذكر أسمائها في قائمة "حظر الدخول" الى الولايات المتحدة؛ وسبب ذلك واضح ألا وهو: أملهم بالتعاون مع ترامب من أجل مواجهة إيران، وكذلك مواجهة تهديدات الجماعات المتطرفة.
رغم ذلك، حذرت بعض المصادر القريبة من أصحاب القرار في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه بلدان الشرق الأوسط، من إن الدول العربية الداعمة لترامب تمارس لعبة خطيرة، حيث أنها تنطلق من السخط الذي شعرت به لأمد طويل تجاه الحكومة الأمريكية السابقة التي قادها باراك أوباما، وتغض النظر عن التداعيات السلبية لتعزيز الروابط مع حكومة ترامب.
وفي هذا الصدد يقول الباحث في "مركز التقدم الأمريكي"، برايان كاتوليس: "هناك نقطة عمياء واسعة المساحة. أعتقد أننا نواجه شيئا أكبر من الأوهام وتجاهل الحقائق بشأن تعصب ترامب ضد الإسلام".
بالعودة الى القادة العرب، فقد سافر ملك الأردن، الملك عبد الله، يوم أمس إلى الولايات المتحدة، ومن المقرر أن يلتقي ترامب هناك. وعلى الرغم من أنه التقى النائب الأول للرئيس الأمريكي، وأشار الى موضوع "حظر دخول" المسلمين الى أمريكا، معتبرا أن المسلمين هم أكثر من تضرر من الإرهاب؛ لكن هذه التصريحات لا تعني أنه أدان قرار ترامب. ويرى الكثير من المحللين أن الملك عبدالله، باعتباره حليف قديم للولايات المتحدة، لن يصعد من انتقاده لقرار ترامب.
وقبل زيارة الملك الأردني، عبد الله، الى أمريكا، اتصل ترامب بالملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد إمارة أبو ظبي، محمد بن زايد، وأجرى محادثات هاتفية معهما. وفقا للبيان الذي صدر بشأن الحوار بين سلمان وترامب، فإن الأول لم يتطرق أبدا الى موضوع "حظر دخول" المسلمين الى الولايات المتحدة. أما بن زايد فقد قال إن الإرهاب لا دين له، ويُضاف الى ذلك أن من المتوقع ألا ينتقد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي الخطوة التي اتخذها ترامب.
وعلى الرغم من أن قادة الدول العربية قد لا يكونون راضين عن قرار ترامب، إلا أنهم يعتقدون أن تعزيز العلاقات مع الرئيس الأمريكي الجديد خلال الأوضاع الراهنة، يصب في صالحهم من الناحية الاستراتيجية. وفي هذا الصدد تطالب السعودية على وجه الخصوص بالتصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة. ويرى الكثير من القادة العرب أن الدبلوماسية النووية التي اتبعها أوباما في التعامل مع إيران أدت الى انفراج دبلوماسي في العلاقات الأمريكية الإيرانية، وهذا ما لم ترحب به بعض الدول العربية.
من ناحية أخرى، اشتد سخط الدول العربية على أوباما إثر انتقاد الأخير لأوضاع حقوق الإنسان والديمقراطية في هذه البلدان؛ في حين لا يبدي ترامب أدنى اهتمام بالشؤون الداخلية للدول المتحالفة مع الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، نالت بعض التعيينات التي قام بها ترامب استحسان هذه المجموعة من زعماء الدول العربية؛ على سبيل المثال، اختار ترامب الجنرال "جيمس ميتيس"، وزيرا للدفاع، وهو شخص يعرفه القادة العرب جيدا؛ حيث كان ميتيس قد تولى سابقا رئاسة القيادة المركزية الأمريكية. ويعد مستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط الذي وظفه ترامب، "ديريك هارفي"، ومرشح ترامب لتولي حقيبة وزارة الخارجية، "ريكس تيلرسون" من الوجوه التي تفضلها البلدان العربية.
رغم ذلك، بالنظر الى ان ترامب انتقد مرارا التدخلات الأمريكية في شؤون الدول الأخرى، يشكك بعض المحللين في أنه سيتخذ مقاربة السياسة الفعالة في الشرق الأوسط؛ لذلك من الممكن أن يفشل زعماء الدول العربية في الحصول على ما يريدونه عبر بوابة ترامب. ويرى عدد آخر من المحللين إن استمرار مقاربات ترامب المعادية للإسلام، قد تؤدي الى تعقيد استمرار العلاقات الوثيقة بين هذه الدول وأمريكا.