الوقت- مرّة أُخرى يُلقي الفساد بأطنابه على الصف الأول في القيادة الإسرائيلية الفاسدة. فبعد موجّة الفساد التي ضربت الجيش الإسرائيلي والسلطة السياسيّة في الكيان الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية، ليس آخرها سلسلة التحقيقات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تشتبه الشرطة الإسرائيلية اليوم في تورط رئيس "الموساد"، يوسي كوهن، في قضايا فساد.
الشُبهات التي تحوم حول رئيس الموساد، المُلقّب بعارض الأزياء، قد تجعل مصيره مشابها لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لاسيّما أن تهم الفساد تتعلّق بالأشخاص ذاتهم، رجل الأعمال والملياردير الأسترالي جيمس باكر ورجل الأعمال أرنون ميلتشين، وخاصّة أن القضايا التي طالت كوهين وصلت إلى حد اتهامه بالتجنيد.
فضيحة خطيرةً للغاية
الشبهات التي أسدل الستار عنها حديثاً، تأتي بعد فترة على كشف المُحلل السياسيّ المُخضرم في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، شيمعون شيفر، النقاب عن أنّ فضيحة خطيرةً للغاية تهُز أركان أحد الأجهزة الأمنيّة في إسرائيل.
وبعد فترة على نشرة الصحيفة لإشارات حول القضيّة بسبب منع الرقابة العسكريّة في تل أبيب، التي تعمل بحسب القانون الانتدابيّ، أيْ قانون الطوارئ، من نشر تفاصيل القضيّة، بدأت اليوم تتّضح معالمها أكثر فأكثر مع إصدار المستشار القانونيّ للحكومة الإسرائيليّة أفيحاي مندلبليط في الأيّام الأخيرة تعليمات إلى الشرطة تقضي بإجراء عملية فحص بشأن شبهات جنائية تحوم حول رئيس جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة) يوسي كوهين، وتتعلق بتلقي امتيازات من رجل الأعمال والملياردير الأسترالي جيمس باكر.
تقارير إعلاميّة ضدّ كوهين
ومع إعلان الشرطة، بدأت خيوط القضيّة تتوضّح أكثر فأكثر، ففي حين أوضحت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيليّ، في تقريرها أنّ النيابة العامة بدأت قبل شهرين بفحص ما إذا كان رجل الأعمال باكر المقرّب من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قدّم في العام 2015 هدايا إلى رئيس الموساد على شكل تذاكر بقيمة آلاف الشواقل لحضور حفل للمغنية ماريا كاري خطيبة باكر سابقًا، شدّد التقريرعلى أنّ الشرطة تجري عملية فحص حول ما إذا كان باكر دفع أجرة غرفة في فندق كان ينزل فيه كوهين أثناء إشغاله منصب رئيس مجلس الأمن القوميّ في ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيليّ، فضلاً عن استخدام كوهين شقة باكر الفاخرة في تل أبيب أحيانًا، عندما كان رئيسًا لمجلس الأمن القومي.
لم تقتصر اتهامات كوهين على رشاوى الملياردير باكر، بل توضح مصادر أن الشرطة تحقق مع رئيس الموساد حول تلقيه "هدايا ثمينة" من رجل الأعمال الإسرائيلي، أرنون ميلتشن، المشبوه المركزي في تقديم رشى لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وزوجته. وأوضحت مصادر في الشرطة، إن أرنون وكوهن، التقيا عشرات المرات في البلاد وخارجها، وان ميلتشن، المنتج السينمائي في هوليوود، يعد من دائرة الأصدقاء الأكثر قربا لرئيس الموساد، ويعد واحدا من الإسرائيليين الأكثر ثراء في دُوِّلَ الْكُرَةُ الْأَرْضِيَّةُ، وهو متهم بتمرير رشوة للزوجين نتنياهو، على هيئة علب سيجار وكحول، بكلفة فاقت الـ400 ألف شيقل (نحو 90 ألف دولار). وهو ممن عملوا، في السابق، في خدمة مجتمع الاستخبارات الإسرائيلية.
وقد كشف موقع والاه عن معلومات تُظهر أن رئيس الموساد الحالي يوسي كوهين إلتقى منذ العام 2005 عشرات المرات مع رجل الأعمال أرنون في الداخل والخارج.
هآرتس: تجنيد رئيس الموساد!
وعلى صعيد متّصل، كشفت صحيفة "هآرتس"، بأن ميلتشن وباكر، حاولا تجنيد كوهين للشراكة معهما في شركة تأمين سايبري. وبحسب تقرير "هآرتس"، فقد بادر كل منهما إلى إقامة شركة جديدة، على ضوء شراكتهما في شركة "بلو سكاي إنترناشيونال BSI"، التي أقامها ميلتشن في نهاية سَنَة 2008، واستثمر فيها باكر بمبلغ خمسة عشر مليون دولار (تواردت أخبار عن كون شركة BSI قد شغلت دان دغان في الماضي، وهو ابن رئيس الموساد السابق مئير دغان).
وعليه، بحسب التقرير، فقد حاول الشخصان تجنيد رئيس الموساد بشَخْصِيَّتةُ شريكا، في الفترة التي جرى فيها تعيينه مستشارا للأمن القومي لدى رئيس الحكومة، ورئيسا لمجلس الأمن الوطني.
رئيس الموساد آثر الصمت حتّى الساعة، ولم يُصدر أيّ بيانٍ حول قضية الشبهات التي تحوم حوله في ظل تفحص مفوضية خدمات الدولة قضيّة كوهين، التي ستتحوّل إلى قضيةٍ مهمّةٍ للغاية، وستُسيطر على الأجندة الإسرائيليّة، من الناحية الشعبيّة وأيضًا الإعلاميّة، وفق صحيفة "يديعون أحرنوت"، باعتبار أن رئيس الموساد، يعد الشخصية الأكثر حساسية في الجهاز الاستخباري الأكثر حساسيّة في الكيان الإسرائيلي.