الوقت- فيما يتعلق بالتوتر المصري السعودي، ولجوء السعودية لملف دعم سد النهضة الإثيوبي للضغط على مصر والخيارات المتاحة أمام الأخيرة للرد على هذه الخطوة، كان لنا حوار مع المحلل السياسي المصري والاستاذ في العلوم السياسية الدكتور عصام عبدالشافي.
الوقت: كيف تقرأون المسعى السعودي للمساهمة في بناء سد النهضة في إثيوبيا في هذا التوقيت الذي يشهد توتراً في العلاقات بينها وبين مصر، وما الذي يقلق الأخيرة من التقارب السعودي الإثيوبي؟
د.عبدالشافي: "أولاً نذكر أن التقارب السعودي الإثيوبي ليس بجديد، إذ أن السعودي من أكثر الدول التي تمتلك إستثمارات في إثيوبيا منذ سنوات عدة وفي مجالات متعددة أهمها الثروة الحيوانية والثروة الزراعية، كما أن الحديث عن دعم وتمويل السعودية لبناء سد النهضة ليس وليد اليوم أيضاً فالكثير من التقارير الصحفية كانت قد ذكرت أن السعودية والإمارات لهم دور كبير في تمويل هذا السد منذ سنوات مضت وليس منذ الأمس القريب، وبالتالي إعادة تحريك هذه الورقة الآن يأتي في إطار التوتر في العلاقات المصرية السعودية، إلا أنه كم ذكرت التواجد والإستثمارات السعودية في إثيوبيا قديمة وأثير الموضوع مجدداً في مصر وغيرها لإستثماره في سياسات الرد والرد المقابل في هذه الأجواء المشحونة بين البلدين."
الوقت: لماذا لم يبقى الدعم المصري للجيش السوري سرياً أو غير معلن كما كان طوال سنوات الحرب الماضية، ولماذا أعلن عنه بهذه الصراحة في هذا التوقيت الحساس ومن قبل الرئيس المصري نفسه؟
عبدالشافي: "لأن الأمور الآن باتت أكثر وضوحاً وأكثر كشفاً والمواجهة أصبحت أكثر علانية، ففي الفترة الماضية عمل النظام المصري على إبتزاز السعودية بورقة الأسد، لكن هذه الورقة يبدو أنها لم تأتي بنتيجة لذا أصبحت الأمور أكثر وضوحاً، بمعنى أن هذا الدعم سيستمر إذا لم تستمر السعودية في دعم مصر والحفاظ على النظام فيها، وبالتالي الحديث عن هذا الأمر بهذا الوضوح لديه عدة أهداف:
الأول هو التأكيد على التوجهات الجديدة لهذا النظام في المعادلات الدولية والإقليمية.
وثانيا توجيه رسائل للأطراف والدول المختلفة بأنه يمكن لمصر أن يكون لها دور تمارسه بإستقلالية بعيداً عن الدول الداعمة لها إقليمياً وتحديداً السعودية.
واستدرك قائلاً: "إلا أنني لا أعتقد أن الدور المصري في هذه المرحلة بعيد عن الدور الإماراتي، إذ أن الإمارات تمثل أكبر داعم للنظام المصري والأكثر حرصاً على إستمرار هذا الدعم وأكثر من يسعى للحفاظ على صورة هذا النظام في الوسائل الإعلامية أو من خلال دعمها للإعلاميين، وبالتالي لا يهم النظام المصري توجيه رسائل للسعودية بقدر ما يهمه أن يكون متفقاً مع السياسات الإماراتية التي تكون في الكثير من الحالات متناقضة عملياً وليس إعلامياً."
الوقت: هل تقولون بأن هناك إختلاف غير معلن بين السعودية والإمارات؟
عبدالشافي: "نعم هناك إختلاف في الأهداف بين السعودية والإمارات وهو إختلاف في التوجهات والإستراتيجيات، فالدور الإماراتي معارض تماماً للدور السعودي، أو يمكن القول بأن للإمارات أجندة خاصة لها في الملف اليمني على سبيل المثال، ولها أهدافها الخاصة في دعم مصر، وخصوصاً فيما يتعلق بأهمية الدور المصري بالنسبة للإمارات في الملف الليبي وأهمية دور مصر في ملف الغاز في شرق المتوسط وفي ملف قناة السويس وباب المندب، حيث تسعى الإمارات للسيطرة كأدة لبعض القوى الدولية على هذه الممرات، بالتالي لها أجندتها الخاصة المتعارضة مع تلك السعودية في اليمن ومصر وسوريا وليبيا وشرق المتوسط والكثير من الملفات الإقليمية."
الوقت: ما هي الخيارات المصرية المتاحة للرد على هذا الإستفزاز السعودي فيما يتعلق بسد النهضة؟ هل تعتقدون بإمكانية أن يغمز المصريون من باب اليمن مثلاً بالإعتراف بالمجلس السياسي الأعلى أو حكومة الإنقاذ مثلاً؟
عبدالشافي: "لا أعتقد ذلك، فبرأيي أوراق القوة التي تمتلكها مصر في مواجهة السعودية ليست كثيرة بل على العكس أعتقد أن أوراق القوة التي تمتلكها السعودية بمواجهة مصر هي الأقوى، هذا من جانب، وبالتالي قدرة مصر على الإستفزاز لا يمكن أن تأتي بجديد إذا ما أعلنت عن دعم أحد التيارات المتصارعة في اليمن لأن السعودية تعلم حقيقة دعم مصر وتأييدها لأطراف دون غيرها هذا من جانب آخر، ثانياً فيما يخص الملف السوري فلا يمكن أن يُستخدم أوراق جديدة بعد الإعلان عن أنه لولا الدعم المصري الأخير لما كانت تحققت إنجازات الجيش السوري الأخيرة، فهذهين الملفين الأساسيين قد استنزفا برأيي، لذا لا أعتقد أن هناك اوراق أخرى قادرة على أن تشكل ورقة ضغط على السعودية. ولكن في المقابل السعودية لديها الكثير من الأشياء التي يمكنها أن تناور بها من إيقاف الدعم المادي والإستثمارات الضخمة والتي تتجاوز ميليارات الدولارات فضلاً عن العدد الكبير من المصريين الذين يعملون في السعودية الذين يمكن استخدامهم كورقة من أوراق الضغط، كما أن لديها ورقة الإخوان المسلمين إذ يمكنها التقارب معهم وأيضاً يمكنها أن تضغط من داخل المؤسسة العسكرية فلديها علاقات قوية مع شخصيات كبيرة داخل هذه المؤسسة ومع بقايا نظام مبارك كذلك."