الوقت - بعد انتخاب "دونالد ترامب" رئيساً لأمريكا سعى رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" إلى التأثير على مسار الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء إيران للتعويض عمّا فقده في زمن الرئيس "باراك أوباما".
وأعلن مقربون من نتنياهو إنه يستعد لعقد لقاءٍ مع ترامب بعد تسلم الأخير مهام منصبه في العشرين من كانون الثاني/يناير المقبل، مرجحين أن يتم هذا اللقاء في مارس/آذار القادم.
ويعقد نتنياهو اجتماعات متعددة مع مساعديه في الوقت الحاضر لرسم استراتيجية جديدة للتنسيق مع ترامب في مختلف القضايا التي تهم الجانبين لاسيّما ما يتعلق بالجانب الأمني.
ويعتقد المراقبون بأن الموضوع الأهم الذي سيحظى بالأولوية في لقاء نتنياهو وترامب سيكون حتماً كيفية مواجهة إيران، وتحديداً فيما يتعلق ببرنامجها الصاروخي الباليستي بالإضافة إلى الملف النووي.
وأشار أحد مساعدي نتنياهو إلى أن تل أبيب تسعى إلى إقناع العواصم الغربية لاسيّما واشنطن من أجل الضغط على طهران من خلال تشديد الحظر المفروض عليها لثنيها عن مواصلة برنامجها النووي وتجاربها الصاروخية والحدّ من دعمها لمحور المقاومة الذي يتصدى للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة لاسيّما في سوريا ولبنان وقطاع غزة.
ويرى الكثير من المتابعين بأن نتنياهو سيسعى أيضاً خلال لقائه ترامب لإقناعه بالتنسيق مع روسيا من أجل خفض مستوى تعاونها مع إيران في مختلف المجالات لاسيّما التعاون العسكري والأمني في مواجهة الجماعات الإرهابية في سوريا وعموم المنطقة.
في هذا السياق أشار "يعقوب اميدرور" المستشار السابق في الأمن الداخلي للكيان الاسرائيلي إلى أن المهمة العاجلة لنتنياهو هي إيقاف إيران عن التحول إلى قوة عظمى في المنطقة. وأضاف إنه يشعر أيضاً بضرورة الضغط على الإدارة الأمريكية الجديدة لحثها على السعي لتخفيض التعاون بين طهران وموسكو في المنطقة. كما نوّه المسؤول الصهيوني إلى أن نتياهو سيطلب من ترامب اتخاذ مواقف أكثر تشدداً حيال إيران.
وزعم "اميدرور" أن تشديد الحظر على طهران ضروري لإيقاف تطوير برنامجها الصاروخي الباليستي، والحدّ من دعمها للجماعات الناشطة في مواجهة الكيان الإسرائيلي خصوصاً في غزة ولبنان وسوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن ترامب كان قد أعلن خلال حملته الانتخابية بأنه سيقوم بتمزيق الاتفاق النووي مع طهران أو تغيير بعض بنوده بعد دخوله البيت الأبيض. كما أعلن خلال لقائه نتنياهو بنيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي بأنه سيعترف بالقدس عاصمة موحدة للكيان الإسرائيلي.
ووصف ترامب خلال هذا اللقاء الذي جرى بحضور السفير الإسرائيلي في واشنطن "رون درمر" المساعدات العسكرية الأمريكية لكيان الاحتلال بأنها "استثمار ممتاز" لبلاده.
ويؤكد "روبيرت ساتلوف" مدير مؤسسة واشنطن لسياسة الشرق الأوسط إن محاولات ترامب لإلغاء الاتفاق النووي لن تأتي بنتيجة لأنه ينبغي لجميع القوى العالمية في هذه الحالة القبول بفرض المزيد من الحظر على إيران وقطع علاقتهم التجارية مع طهران.
والتحدي الأكبر الذي سيواجهه ترامب يتمثل بتحديد خياره البديل في حال قررت إيران الردّ على نقض الاتفاق بإعادة إستئناف نشاطاتها النووية، وربّما تطويرها إلى مستويات أعلى مما كانت عليه قبل إبرام هذا الاتفاق، خصوصاً بعد أن أكد عدد من النواب الإيرانيين نيتهم إعداد مشروع قانون بصفة عاجلة لاستئناف جميع النشاطات النووية في البلاد.
وتجدر الإشارة إلى أن "جون برينان" مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي.آي.ايه" كان قد حذّر ترامب من مغبة إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، معتبراً أن ذلك سيكون قراراً كارثياً، فيما أعرب مراقبون عن اعتقادهم بضرورة عدم المساس بهذا الاتفاق سواء بشكل مباشر أو غير مباشر باعتباره وثيقة دولية لا ينبغي أن تتعرض إلى مخاطر قد تسبب بالتالي في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، منوهين في الوقت ذاته إلى أن هذا الاتفاق لم يكن بين إيران وأمريكا فقط؛ بل شاركت فيه كافة البلدان الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا.
ويرى الكثير من المتابعين بأن الأطراف الأخرى التي وقعت الاتفاق النووي مع إيران في إطار مجموعة (5+1) مطالبة باتخاذ موقف واضح يعيد لهذا الاتفاق توازنه ويضمن تطبيق جميع بنوده لاسيّما التي تتعلق برفع الحظر عن إيران التي أكدت تقارير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها إلتزمت بتعهداتها التي وردت في هذا الاتفاق.
كما يشدد هؤلاء المراقبون على أن تعرض الاتفاق النووي إلى الاهتزاز من شأنه أن يعرض المنطقة إلى مزيد من التأزم في وقت هي بأمسّ الحاجة إلى التقارب في وجهات النظر والحوار البناّء لإيجاد حلول عملية للأزمات التي تعصف بها، محذرين في الوقت نفسه من العودة إلى نقطة الصفر وربّما تصاعد حدّة الأزمة بين طهران وواشنطن من جديد والدخول في مواجهات يصعب التكهن بنتائجها، وهو أمر يتطلب من جميع البلدان لاسيّما أطراف السداسية الدولية التكاتف والإسراع بنزع فتيل هذه الأزمة قبل فوات الأوان.