الوقت- خرج صوتٌ يتلطى خلف حقوق الإنسان والقوانين الدولية، ليتهم إيران بخرقها للقوانين الدولية، عبر دعمها لحزب الله من خلال إرسال الأسلحة له عبر طائرات الركاب. كلامٌ أشبه بالخيالي، أطلقه سفير الكيان الإسرائيلي (غير الشرعي) في الأمام المتحدة، وهو الذي يُمثِّل الطرف صاحب التاريخ الأسود الحافل بالإجرام الدولي بحق شعوب المنطقة وخرق القوانين الدولية. فماذا في الإتهام الإسرائيلي وأهدافه؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟
الإفتراء الإسرائيلي
اتهم سفير الكيان الإسرائيلي في الأمم المتحدة "داني دانون"، الحرس الثوري الإيراني بنقل أسلحة إلى حزب الله عبر الرحلات الجوية التجارية التابعة لشركة "ماهان إير" الإيرانية. وفي رسالة وجهها إلى مجلس الأمن، لفت دانون الى أن ضباطاً يقومون بحزم الأسلحة والعتاد في حقائب سفر تنقل إلى حزب الله بواسطة رحلات تجارية إلى بيروت أو الى دمشق في سوريا ثم يتم نقلها براً إلى لبنان! معتبراً أن إيران لا تزال المورد الرئيسي للأسلحة والمواد ذات الصلة بحزب الله وهو ما يُمثِّل انتهاكاً صارخاً للعديد من قرارات مجلس الأمن.
نائب سفير إيران في الأمم المتحدة ينفي
من جهتها ردّت طهران على الإتهام الإسرائيلي معتبرةً أنّه يحتوي على موجة من الإتهامات التي لا أساس لها من دون وجود دليلٍ واحد كالعادة، واصفةً الإتّهام بالعبثي والنفاقي. كما ردّ نائب السفير الإيراني في الأمم المتحدة "غلام حسين دهقاني" في رسالة إلى مجلس الأمن، رافضاً اتّهام بلاده بانتهاك قرارات مجلس الأمن.
بعض الأهداف الإسرائيلية
لا شك أن الإتهام الإسرائيلي يهدف لعددٍ من الأمور والتي لا يبدو أنها ستتحقق نتيجة ضعف الطرف الإسرائيلي في ادعاءاته. وهنا نُشير للتالي:
- يسعى الكيان الإسرائيلي ومن خلال ترويجه للإتهامات، لضرب صورة إيران الدولية وإظهارها كطرفٍ يُناقض قرارات مجلس الأمن الدولي، وهو الأمر الذي أشارت له إيران في ردها.
- يجري الحديث اليوم عن مساعٍ إيرانية لتطوير خطوطها الجوية، عبر شراء طائرات ركاب جديدة. وهو الأمر الذي سعى البعض وما يزال لمنعه عبر منع إتمام الصفقة بين إيران وشركات "إير باص" و"بووينغ". الأمر الذي يضع محاولات تل أبيب في هذه الخانة، خصوصاً بعد أن خرجت أصوات تربط المساعي الإيرانية الطبيعية بالإتفاق النووي!
- اعتاد الكيان الإسرائيلي على إفتعال قضايا تُشغل الرأي العام العالمي حول إيران، كجزء من الحرب النفسية والإعلامية. فيما لم يكن لذلك أي نتيجة عملية، لأسباب تتعلق بدور إيران المتنامي، وصورتها البرَّاقة لدى شعوب المنطقة والعالم.
ما يجب أن يُقال
عدة أمور نُشير لها، بناءاً لما تقدم، وهي على الشكل التالي:
-إن المساعي الإيرانية لدعم حركات المقاومة ليست جديدة بل هي قديمة وصريحة. وهو الأمر الذي يجب أن نوليه أهمية، خصوصاً لناحية أن إيران ترأس محور المقاومة، وتُقدم له كافة أساليب الدعم اللوجستي والمالي والعسكري، دون خرقها للقوانين والأعراف الدولية، ومن خلال تنسيقها الرسمي والمباشر مع الجهات القانونية المُخوَّلة.
-المهم هنا، هو أن إيران وعلى الرغم من دعمها لحركات المقاومة وشعوب المنطقة، إلا أنها لم تقم بأي خطوة في هذا المجال مخالفة للقوانين والمواثيق الدولية. لنقول أن المشكلة اليوم ليست في أصل الدعم الإيراني لحزب الله والذي يعلنه الطرفان بصراحة، بل في محاولة إظهار إيران كطرف مخالف للقوانين الدولية!
-إن السياسة الإيرانية، لا سيما الخارجية وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي، هي السياسة التي باتت نموذجاً يُقتدى به. وهو الأمر الذي يدفع أمريكا وحلفاءها لا سيما الكيان الإسرائيلي وبعض العرب، لمحاولة تشويه صورة إيران الدولية. في حين يدل التوجه الإسرائيلي الى حجم الإفلاس الذي تُعاني منه هذه الأطراف، مقابل التعاظم الإيراني في الدور الإقليمي والسياسة الدولية، أما الفشل في سياسة حلفاء أمريكا إقليمياً ودولياً.
-إن تاريخ السلوك الإسرائيلي ومنذ سنوات، مليء بالحقائق والوثائق التي تؤكد دعم تل أبيب (كطرف غير شرعي) لحركات الإرهاب في العالم، وآخرها الدعم العلني للجماعات الإرهابية في سوريا تحديداً، عبر مدِّها بالمال والسلاح وتقديم الإستشفاء لها. ناهيك عن التدخل العسكري الجوي لقلب موازين المعارك لصالحها.
-في حين لا يمتلك أحد، وتحديداً حلفاء أمريكا، دليلاً واحداً على قيام إيران (كدولة شرعية)، بدعم أطراف محور المقاومة وحركات التحرر بشكل مخالف للقوانين الدولية. بل إن إيران والتي تدعم كلاً من سوريا والعراق على سبيل المثال، استجابت لطلبات هذه الدول عبر القنوات الرسمية. في حين يُعتبر دعمها لحزب الله اللبناني، أمراً شرعياً و قانونياً، حيث أن الحزب هو مُكوِّن شعبي لبناني مُعترف بمقاومته للإحتلال الإسرائيلي من قِبل الدولة اللبنانية، وشارك في سوريا بناءاً لطلب الجيش السوري.
إذن لا بد من وضع الإفتراء الإسرائيلي في خانة المسار الساعي لتشويه صورة إيران الناصعة. صورةٌ أثبتتها سياسات طهران وليست تصريحاتها. لنقول أن الإفتراء الإسرائيلي سقط مع خروجه من فم السفير الإسرائيلي. في ظل نتيجةٍ لفشلٍ واضحٍ في ضرب النموذج الإيراني على الصعيد الدولي.