الوقت - سعت أمريكا في بداية عمليات تحرير مدينة الموصل العراقية من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي إلى إبقاء المحور الغربي من هذه العمليات مفتوحاً لتأمين هروب قادة وعناصر "داعش" نحو مدينة الرقة؛ معقل وعاصمة هذا التنظيم المزعومة في سوريا.
وتهدف هذه الخطة إلى إعادة تنظيم الجماعات الإرهابية في سوريا لمواصلة محاربة القوات السورية التي حققت إنتصارات كبيرة على هذه الجماعات في الكثير من مناطق القتال خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة خصوصاً في مدينة "حلب" بدعم من روسيا وإيران ومحور المقاومة في المنطقة لاسيّما قوات حزب الله.
وعمدت أمريكا وبالتنسيق مع حلفائها الإقليميين وفي مقدمتهم تركيا والسعودية إلى إنقاذ الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق التي تعيش أسوأ أيامها في الوقت الراهن، بسبب ضغط القوات العراقية في الموصل والقصف الجوي المركز للمقاتلات الروسية ضد مقرات ومواقع هذه الجماعات في سوريا.
ورغم الضغوط التي مارستها الإدارة الأمريكية لمنع مشاركة الحشد الشعبي في عمليات تحرير الموصل بحجة الخشية من إندلاع حرب طائفية في هذه المدينة التي تسكنها غالبية سنّية، قامت قيادة الحشد وبالتنسيق مع حكومة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة العراقية حيدر العبادي بمسك المحور الغربي من عمليات تحرير الموصل لسد الطريق أمام هروب قادة وعناصر "داعش" من هذه المدينة، وتمكنت هذه القوات من تحرير مناطق كثيرة من هذه العناصر بينها المناطق المحيطة بقضاء تلعفر "حوالي 50 كيلومتر غرب الموصل" الذي تسكنه أكثرية تركمانية الأمر الذي أثار حفيظة واشنطن وحلفائها في المنطقة لاسيّما أنقرة.
وتعتبر تلعفر من المعاقل الرئيسية للجماعات الإرهابية لاسيّما "داعش" و "القاعدة" التي سيطرت على هذه المدينة عام 2014 وأجبرت أهلها البالغ عددهم آنذاك أكثر من 200 ألف شخص على مغادرتها وبينهم الكثير من التركمان الشيعة.
ومن المناطق التي حررتها قوات الحشد الشعبي في المحور الغربي من عمليات تحرير الموصل يمكن الإشارة إلى "تل زلط" و "السحاجي" و "المحلبية" و"تل عبطة". وتشير التقارير الخبرية إلى أن عناصر "داعش" وبمجرد سماعهم باسم الحشد الشعبي يسارعون إلى الهرب من تلك المناطق التي كانت في السابق تمثل وكراً للعناصر الإرهابية التي تنفذ عمليات إنتحارية ضد المدنيين والقوات والمؤسسات العراقية وطريقاً للتنقل بين سوريا والموصل قبل البدء بعمليات تحرير هذه المدينة من قبل القوات العراقية.
وكان مقاتلو الحشد الشعبي قد تمكنوا من إستعادة قاعدة تلعفر الجوية قبل أيام وواصلوا تقدمهم باتجاه هذه البلدة من أجل تحريرها بالكامل من عناصر "داعش".
وتعارض تركيا مشاركة الحشد الشعبي في تحرير تلعفر بحجة الدفاع عن التركمان في هذه المدينة، في حين لم تبدر منها أيّة ردة فعل عندما أحتلت هذه المدينة من قبل"داعش" عام 2014.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد صرّح في وقت سابق بأنه سيصدر أوامره لقوات بلاده لمواجهة الحشد الشعبي في تلعفر في حال تم تحريرها من قبل الحشد.
ورغم محاولات أمريكا لمنع الحشد من المشاركة في عمليات تحرير الموصل في بداية إنطلاقتها قبل أكثر من شهر، إلاّ أن قيادة الحشد تمكنت من إفشال هذه المحاولات من خلال مسك المحور الغربي من هذه العمليات والسيطرة على المناطق المحيطة بتلعفر ومن ضمنها مطار هذه البلدة وكذلك الطريق الرئيسي الرابط بين الموصل والرقة، ما يعني أن خطة واشنطن وحلفائها لإنقاذ قادة وعناصر "داعش" من خلال السعي لتهريبهم إلى الرقة قد ذهبت أدراج الرياح، ولهذا عمدت الأبواق الإعلامية التابعة لهذه الأطراف إلى شنّ حرب نفسية ضد الحشد من أجل تشويه سمعته، وهذا يدلل بشكل واضح على أن قوات الحشد قد تمكنت فعلاً من إحباط خطة واشنطن وحلفائها في هذه العمليات المصيرية التي من شأنها القضاء نهائياً على "داعش" في العراق وتمهيد الأرضية للقضاء عليه في سوريا وعموم المنطقة.