الوقت- لا شك أن ما تشهده المنطقة اليوم، من أزماتٍ متلاحقة يأتي نتيجة السياسة الأمريكية التي لا تكون نتيجتها عادةً إلا الخراب والتقسيم. لذلك تعتبر الأزمة العراقية وبالتحديد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي، أحد تجليات هذه السياسة. وفي هذا الإطار تأتي المواقف المفاجئة للأزهر، والتي توضح حجم المؤامرة على العراق. فماذا في مواقف الأزهر الأخيرة وردود الفعل؟
اعتبر نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي يوم الأحد، أن الأزهر سقط ضحية فخ تنظيم داعش الإرهابي، مؤكداً أن قوات الحشد الشعبي أعادت للعراق هيبته وإرادته. وقال المالكي في كلمة ألقاها خلال حفل أقامته جامعة القادسية لدعم القوات الأمنية والحشد الشعبي بحسب بيان لمكتبه، إن "الحشد الشعبي أعاد للعراق هيبته وإرادته بعد أن حاول أعداءنا تنفيذ مخططاتهم الإجرامية"، مشيراً الى أن "الأزهر بالأمس سقط ضحية فخ داعش وسارع الى إصدار بيانات تسيء للحشد الشعبي ".
وأضاف أنه "كلما جاءت مؤامرة جديدة كشفناها وأفشلناها من خلال توحدنا ووقوفنا جنباً الى جنب لأن أعداء العراق يحاولون العودة بنا الى أيام الذل والهوان"، مبيناً أن "هذه المؤامرات انطلقت منذ سقوط الصنم إذ صنعوا لنا المنظمات الإرهابية وأوقدوا نار الحرب الأهلية لكي ينالوا من أبناء العراق لكنهم فشلوا وسيفشلون". ودعا المالكي الجميع الى "دعم الحشد الشعبي والوقوف الى جانبه لأنه ساهم في توحيد العراقيين وساهم في قبر الطائفية"، محذراً من "الإستماع الى الأصوات المبحوحة والنشاز التي تحاول النيل من الانتصارات التي حققها هؤلاء الأبطال ".
وكانت وزارة الخارجية العراقية استدعت في (17 اذار 2015) السفير المصري ببغداد وسلمته مذكرة احتجاج على تصريحات الازهر بحق الحشد الشعبي. فالأزهر أعرب في بيان صدر عنه، قبل أيام، عن بالغ القلق لما يرتكبه الحشد الشعبي المتحالف مع الجيش العراقي من ذبح واعتداء بغير حق ضد مواطنين عراقيين مسالمين لا ينتمون إلى "داعش" أو غيرها من التنظيمات "الإرهابية" بحسب تعبيره .
من جهةٍ أخرى أكد وزير الخارجية إبراهيم الجعفري، السبت المنصرم، أنه "فوجئ" و"فجع"، بتصريحات الأزهر الأخيرة عن الحشد الشعبي، وفيما أكد أن القوات المسلحة العراقية قوات وطنية، شدد على أن العراق لا يسمح لأحد بأن يمس السيادة العراقية. وقال الجعفري في بيان لمكتبه، على هامش زيارته الى روسيا، "فوجئت برسالة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وفجعت عندما تحدث بهذه الطريقة وهو يتهم الحشد الشعبي، والقوات المسلحة بأنها طائفيّة"، مبيناً أن "القوات المسلحة العراقية قوات وطنية عراقيّة تـدافع عن شرف العراقيين والعراقيات، ولم تسمح لنفسها أن تغطس في رمال الانتماءات الجانبيّة على حساب الوطنيّة العراقيّة". وأضاف بحسب المصدر "نحن لم نتهم الطائفة السنية بقتل أكثر من 1700 شاب شيعي في سبايكر، نعرف أنه يوجد سني لكن لا نعطي فرصة لأن يدعنا نشتبه، ونحكم على السنـة من خلال سني"، مشيراً الى أن "صدام قتل من الشيعة، ولكن لم نقـل إن صدام يمثـل السنة، لأنه قتل السنـة قبل الشيعة، مثلما قتل العرب قبل أن يقتل الأكراد". وأشار الجعفري الى ان "الحشد الشعبي يتواجد في المحافظات السنـية المنكوبة، يتواجد الآن في تكريت، والأنبار، وديالى يدافعون عن أهلهم، وإخوانهم أولا"، مؤكداً أن "الموجودين في الحشد الشعبي من كل الشرائح الاجتماعية ".
وأكد الجعفري في حديثه حول التعاون الإيراني، "نحن نـنسق مع كل دولة تقف ضدَّ داعش، ونتعاون معها على أعلى درجات التعاون لأننا نشعر أننا أمام خطر مشترك يُهدِّد الجميع، وعلى الجميع أن يقفوا كردِّ فعل مقابل هذا الخطر الداهم لذا المعركة الحقيقيّة اليوم ذات طابع معولـم إن لم يكن عالمياً أصلاً". وكان وزير الخارجية إبراهيم الجعفري وصل، مساء الأربعاء (18 اذار 2015) الى العاصمة الروسية موسكو في زيارة رسمية على رأس وفد كبير والتقى بنظيره الروسي سيرغي لافروف وعدد من كبار المسؤولين الروس .
إذاً هي ردة الفعل على إنجازات العراق ضد داعش. فالجميع راهن على خسارة عملية تكريت. ولا شك أن الدور الإيراني الداعم لوحدة الجيش العراقي في عملية تكريت، لم يلق تقبُّلاً من الأطراف التي تتبع السياسة الأمريكية. فهي ذاتها تمنعت عن المشاركة عبر التحالف، لقتال التنظيم الإرهابي في تكريت. وهنا يأتي السؤال التالي: هل يحق لمن تخلى عن دعم العراق في مواجهة الإرهاب أن يطلق تصريحات يدعي أنها تصب في المصلحة العراقية؟