الوقت- القضية الأكثر جدية وأهمية في ليبيا بعد الثورة، هي عدم الاستقرار الأمني في هذا البلد.انعدام الأمن في ليبيا بالإضافة إلى ضرب آفاق التنمية المستقبلية للبلاد، قد أفشل الجهود لبناء الدولة وإنشاء المؤسسات الحكومية اللازمة حتي الآن. والنمو المفاجئ للجماعات الجهادية والأصولية خلال ثورة 2011 وبعدها، قد وفر المناخ اليوم لتشكيل الجماعات الإجرامية، وفي بعض الحالات حتي الجماعات الجهادية أقدمت علي أعمال إجرامية مثل القتل والخطف. كما أنه نتيجة للضعف الهيكلي للسيادة وعدم الاستقرار السياسي في ليبيا، فشلت الجهود حتي الآن لنزع سلاح الميليشيات والجماعات الإرهابية أيضاً.
وعلى
الرغم من أن العدد الدقيق للميليشيات والجماعات المسلحة في ليبيا بعد الثورة ليس
واضحاً بشكل كامل، مع ذلك إن بعض هذه الجماعات باعتبارها أهم الميليشيات في ليبيا،
قد لعبت دوراً هاماً جداً في مرحلة ما بعد الثورة في خلق انعدام الأمن وعدم
الاستقرار في ليبيا. وفيما يلي نشير إليها باختصار.
المجلس
العسكري الزنتان، وهو المجموعة شبه العسكرية الأقوي والأكثر تنظيماً في ليبيا،
والذي كان له الدور الحاسم في دخول المجلس الانتقالي إلي طرابلس والاستيلاء على
هذه المدينة وسقوط نظام القذافي لتأسيس المجلس الانتقالي. وقد تسبب هذا الإجراء في
أن يمتلك مجلس الزنتان شعبية نسبية بين الناس والثوار. كما أن القبض علي سيف
الإسلام القذافي قد تم علي يد ميليشيات الزنتان أيضاً. قائد هذه المجموعة أسامة
الجويلي اختير بعد الثورة من قبل المجلس الانتقالي وزيراً للدفاع في الحكومة
المؤقتة في فترة قصيرة. وبعد الانفصال عن الحكومة المؤقتة، استولت ميليشيات
الزنتان على مطار طرابلس لعدة أشهر، وتحولت رسمياً إلى المعارضة المسلحة
للحكومة.وأدى هذا الإجراء إلى انخفاض وتراجع شعبيتها في ليبيا. وقد نشرت تقارير
أيضاً عن وجود التعاون والاحترام المتبادل بين القاعدة في الغرب من طرابلس والمجلس
العسكري الزنتان.
كتائب
مصراتة من الميليشيات المسلحة الأخرى في ليبيا، وهي أهم منافس للمجلس العسكري
مصراتة للوصول إلي السلطة في ليبيا بعد الثورة. وعلى الرغم من أن مدينة مصراتة في
الأشهر الأولى من الحرب الأهلية كانت تحتوي علي ميليشيات أقل، وحتى نظام القذافي
قد اختار أكثر القوات الموالية لها من هذه المدينة، ولكن مع استمرار الحرب الأهلية
انضم العديد من عسكريي نظام القذافي إلي صفوف المعارضين المناهضين للحكومة في
مصراتة، وشكلوا مجموعة عسكرية. وكتائب مصراتة علي علاقة بحزب العدالة والبناء الذراع
السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الليبية أيضاً.
كتائب17
فبراير التي تنتشر في شرق ليبيا. هذه المجموعة التي تتكون من اثنتي عشرة كتيبة
إسلامية صغيرة، تضم 1500 إلى 3000 قوة شبه عسكرية. وخلال العمليات العسكرية
للحكومة الانتقالية في الكفرة وبعض الأماكن الأخرى في ليبيا، دعمت كتائب 17 فبراير
الحكومة، وكانت تتولي بعد ذلك إلي قبل الهجوم الإرهابي على السفارة الأمريكية في
بنغازي في سبتمبر 2012، مسؤولية أمن وحماية السفارة المذكورة. وإن كانت هذه
المجموعة بقيادة فوزي بوخطيف أيضاً علي علاقات وثيقة بالإسلاميين الأصوليين في
ليبيا.
كتائب
ﺳوق الجمعة من الميليشيات الأخرى التي تتولي المسؤولية عن مطار ميتيكا ودعم بعض
الجماعات الإسلامية بقيادة عبد الحكيم بلحاج. وقد قامت بالتعاون مع كتائب سدان
السويلي، بالهجوم النهائي من أجل تحرير سرت ومن ثم قتل القذافي. ومع ذلك بعد تحرير
سرت اتهمت بخطف الصحفيين المنتقدين. ووفقاً للتقارير، استطاعت كتائب سوق الجمعة
أثناء الثورة السيطرة علي 820 دبابة، 12 مدفعية ثقيلة و2300 مدفع رشاشة والمضادة
للطائرات من الجيش.
قوات درع
ليبيا من الميليشيات البارزة الأخري في المنطقة الشرقية من ليبيا وخاصة مدينتي
مصراتة والزاوية. قائد هذه المجموعة وسام بن حميد له توجهات جهادية، ويعتبر من
الإسلاميين الراديكاليين. هذه المجموعة متهمة بتعذيب الأقباط المسيحيين في سجن سري
في بنغازي، ثم بعد ذلك نسبوا إلى هذه المجموعة قتل بعض المتظاهرين خلال الاحتجاجات
الجماهيرية العنيفة في يونيو 2013 في بنغازي.
أنصار
الشريعة في بنغازي من الميليشيات الأخرى التي كانت قد تولت في الشهور التي تلت
الثورة، توفير أمن بعض المستشفيات في بنغازي. هذه المجموعة التي تتألف من
الإسلاميين الجهاديين والسلفيين، قد اكتسبت شعبية كبيرة في شرق ليبيا في الأيام التي
أعقبت سقوط القذافي، من خلال المشاركة في الأعمال الخيرية وتوزيع الصدقات وتقديم
الخدمات العامة مثل تنظيف الشوارع. ولكن معارضة هذه المجموعة لإنشاء مؤسسات حكومة
ديمقراطية والمؤسسات غير الحكومية والنقابية بعد الثورة، وذلك بسبب توجهاتها
الإسلامية المتطرفة، قد خفضت إلي درجة عالية شهرة ونفوذ هذه الميليشيات في شرق
ليبيا.
كتائب
شهداء أبو سليم، وهي ميليشيات من المتشددين الإسلاميين الذين يتمركزون في مدينة
درنة في شرق بنغازي، وكانت قد بدأت نشاطها ضد القذافي قبل عقدين من سقوطه. هذه
الميليشيات التي تربطها علاقات وثيقة بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، ركزت
هدفها علي التنفيذ الكامل للشريعة الإسلامية في مدينة درنة.
وظهرت في
مدينة درنة مجموعة أخرى من المسلحين أيضاً تدعي أنصار الشريعة في درنة، ومؤسسها هو
صوفيان بن غما السائق السابق لأسامة بن لادن، الذي كان سجيناً في غوانتانامو وعاد
إلي ليبيا وركز نشاطه في درنة. أقام بن غما معسكراً عسكرياً ويتولي تدريب حوالي
200 شخص من الميليشيات تحت إمرته في درنة.
ميليشيات
غرفة عمليات ثوار ليبيا مجموعة حديثة التأسيس، والتي أسسها الرئيس الأخير للمؤتمر
الوطني نور أبوسهمين في أغسطس 2013 في طرابلس، بهدف توفير أمن المدينة حسب ما أعلن
أبوسهمين. ولكن خلال الصراعات والتوترات التي حدثت بين المؤتمر ورئيس الوزراء،
اتهمت هذه الميليشيات باختطاف طفل رئيس الوزراء في ذلك الحين علي زيدان. وعلى
الرغم من أن ميليشيات غرفة عمليات ثوار ليبيا في طرابلس قد أجبروا على نزع سلاحهم،
إلا أن الفرع التشغيلي والعسكري لهذه المجموعة مازال ينشط في بنغازي محتفظاً
بسلاحه.