الوقت- كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في تقرير جديد لها، عن خطط ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للسيطرة على مقاليد الحكم في السعودية بعد الإطاحة بولي العهد الحالي محمد بن نايف.
وفي التقرير الذي أعده كل من مارك مازيتي وبن هبارد، اعتبرت الصحيفة أن محمد بن سلمان عمل على تخفيض الميزانية، وجمد عقود الحكومة، وخفض رواتب الموظفين المدنيين، ضمن إجراءات تقشف، ولكن في المقابل فإن الأمير محمد شاهد يختا طوله 440 قدما، يرسو على الشاطئ، وأرسل مساعدا له لشراء السفينة (سيرين)، التي كان يملكها تايكون الفودكا الروسي يوري شيفلر، وتم الاتفاق على الصفقة سريعا وبساعات، بسعر 500 مليون يورو (550 مليون دولار اليوم)، وذلك بحسب المقربين من شيفلر والعائلة السعودية الحاكمة، وحرك الروسي اليخت إلى صاحبه في اليوم ذاته".
وأشارت الصحيفة الى أن "الأمير محمد يسيطر على ملامح السياسة كلها في السعودية، من الحرب في اليمن، التي كلفت السعودية مليارات الدولارات"، مضيفةً أن "صعود الأمير محمد حطم عقودا من التقاليد في حياة العائلة، التي ظلت تحترم كبر العمر للقيادة، ولم تشهد المملكة في تاريخها أميرا يتمتع بسلطات واسعة، مع أنه الرجل الثاني لتولي العرش بعد وفاة والده الملك سلمان، وأغضب تركز السلطات الكثيرة في يده عددا من أقاربه، وقادت طموحاته، التي لا حد لها، عددا من السعوديين والمراقبين الأجانب إلى القول إن هدفه النهائي ليس تحويل المملكة، بل تهميش ابن عمه، ولي عهد الأمير محمد بن نايف (57 عاما)، وأن يصبح الرجل الثاني في لعبة العرش، وقد تؤدي خطوة كهذه -لو نجحت- إلى إغضاب أقاربه، خاصة أن المملكة لم تشهد أميرا بهذا السن في الحكم".
وتنوه الصحيفة إلى التوتر بين ولي العهد ونائبه، وتقول إنه "في بداية هذا العام غادر الأمير محمد بن نايف المملكة متوجها إلى فيلا تملكها عائلته في الجزائر، ومع أن الرحلة كانت عادية للمشاركة في موسم الصيد، إلا أن الكثيرين لاحظوا أن رحلة هذا العام كانت مختلفة، وظل هناك لعدة أسابيع، ولا أحد يعرف مكانه، ولم يرد على الرسائل من المسؤولين السعوديين، ولا من المقربين منه في واشنطن، وحتى إن مدير المخابرات الأمريكية جون برينان، الذي يعرفه منذ عقود، وجد صعوبة في الوصول إليه، ويعاني الأمير من مرض السكري، ومن آثار المحاولة الانتحارية لاغتياله عام 2009".
وبحسب التقرير، فإن "غيابه الطويل عن المملكة، في وقت تتراجع فيه أسعار النفط، والحرب المتعثرة في اليمن، قاد عددا من المسؤولين الأمريكيين إلى الاستنتاج بأنه يهرب من توتر بينه وبين ابن عمه، ولشعوره بأن حظوظه بتولي العرش تتلاشى، فمنذ وصول الملك سلمان للعرش في كانون الثاني/ يناير، بدأت السلطات تتراكم في يد ابنه، وبعضها يؤثر في سلطة ولي العهد، وقرر الملك ضم ديوان ولي العهد لديوانه، وأعطى ابنه مسؤولية من يدخل إليه، وأعلن ابن سلمان، وبشكل متعجل، عن تشكيل تحالف من الدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب، متجاوزا سلطات ولي العهد الذي يتولى هذا الملف تقليديا".
واشار التقرير إلى أن "الكثير من الأمراء لا يزالون قلقين من رؤية 2030، التي يسمونها مشروع الأمير، ومن جيشه الكبير، الذي يتكون من مستشارين أجانب، يتلقون رواتب جيدة، ومن المصورين، وعبر بعضهم عن انزعاجه من خلية الإعلام التي أنشأها داخل الديوان الملكي، لتروج لمبادراته الداخلية والخارجية، حيث يركز (مركز الدراسات والشؤون الإعلامية) على الترويج للقصص الإيجابية حول اليمن، واستعان بعدد من شركات الضغط في واشنطن".
ويورد التقرير أن مبادرة الأمير تقوم على علاقته مع والده، الذي يعاني من ضعف في الذاكرة، ويرون أنه قد لا يجد الدعم له بعد وفاة والده، مشيرا إلى أنه في الوقت الحالي يقوم بمسابقة الزمن؛ لتعزيز صورته وموقعه في البناء السعودي الحاكم.
وأكدت الصحيفة أن "مستقبل الأمير ابن سلمان يعتمد على حياة والده، ولو توفي قريبا، فإن ابن نايف سيصبح ملكا، وقد يعزل ابن عمه الصغير، خاصة أن عمه الملك سلمان كان أول من بدأ هذا التقليد عندما عزل الأمير مقرن بن عبدالعزيز".
وختمت نيويورك تايمز تقريرها بالإشارة الى أنه "لو بدأت صحة الملك بالتدهور، فإنه من المحتمل أن يحاول ابن سلمان إخراج محمد بن نايف من الصورة"، لافتة إلى أنه كلما طالت حياة الملك كان بوسع الأمير تعزيز سلطته، أو إقناع ابن نايف بأنه مهم للدولة في حال أصبح الأخير الملك.