الوقت - تشن القوات التركية مدعومة بالقوات الجوية لما يسمى بالتحالف الدولي حملة عسكرية على مدينة جرابلس السورية والواقعة على الحدود الجنوبية التركية والشمالية السورية، العملية والتي بدأتها تركيا الاربعاء الماضي واطلق عليها اسم "درع الفرات" بدأت مع اغارة الطائرات الحربية التركية على مواقع لداعش في مدينة جرابلس رافقها دخول مجموعة من القوات التركية الخاصة إلى شمال سوريا والتي تعمل وفق تصريحات المسؤولين الاتراك على فتح ممر بري لدخول القوات الاخرى التي ستشارك في العملية وبالتوازي مع دخول هذه المجموعات تم إطلاق نيران المدفعية على المدينة، هذا واقتربت الدبابات التركية من الحدود السورية، بالاضافة الى كاسحات الالغام.
العملية العسكرية التركية على جرابلس السورية جاءت وفق الادعاء التركي على انها تستهدف داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا، والسماح للحر بالدخول مكانهما.
الخارجية السورية ادانت التحرك الروسي وقالت على لسان متحدثها: "ندين عبور دبابات ومدرعات تركية عند الحدود السورية التركية إلى مدينة جرابلس تحت غطاء جوي من طيران التحالف الأمريكي" واضاف البيان "أن هذا التوغل يعتبر خرقاً سافراً للسيادة السورية" ويؤكد أن "محاربة الإرهاب ليست في طرد داعش وإحلال تنظيمات إرهابية مكانها مدعومة مباشرة من تركيا".
وذكر البيان أن دمشق "تؤكد أن محاربة الإرهاب على الأراضي السورية من أي طرف كان يجب أن تتم من خلال التنسيق مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري الذي يخوض هذه المعارك منذ أكثر من خمس سنوات".
ماذا تريد تركيا تحقيقه في جرابلس
اولاً: هذه العملية تعتبر الاهم بالنسبة لتركيا، فهي تريد طرد اي مجموعة متواجدة هناك اياً تكن سواء داعش او وحدات حماية الشعب الكردي، واحلال مكانها ما صار يسمى بالجيش الحر، هذا الامر يعني بالنسبة لتركيا القضاء على فكرة وجود منطقتين كبيرتين ضمن أراضي سوريا تقعان تحت سيطرة الأكراد يفصلهما الفرات، يمكن أن تتحدا معاً، لأن بقاء الاكراد في هاتين المنطقتين سيشكل وفق الاعتقاد التركي جزءاً من الكيان الكردي المتنامي مع مطالبات بإقامة دولة خاصة بهم.
فجرابلس تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي على نهر الفرات، وتشكل حلقة وصل مهمة بين عين العرب وريف حلب الشمالي، امتداداً الى منبج والباب والراعي، وهي مؤثرة على الطريق بين شرق نهر الفرات وغربه من الناحية الشمالية، بالإضافة الى كل ذلك، فهي تعتبر احدى اهم المعابر نحو الحدود التركية.
ثانياً: السؤال الذي يطرح، لماذا صار ضرورياً ومهماً لتركيا التخلص من داعش على حدودها واستبدالها بمجموعات ارهابية اخرى؟ الجواب يأتي من انه ليس الحديث عن داعش او ما يسمى بالجيش الحر او غيره من الجماعات الارهابية، فجميع هذه التشكيلات تلقت الدعم من تركيا وغيرها من الدول الداعمة للجماعات الارهابية، وانما هذه المجموعات تستخدم فقط كأوراق بيد داعميها، وعلى ما يبدو فإن امريكا اليوم اصبحت اكثر ليونة مع تركيا لجهة اقامة ما يسمى بمنطقة عازلة تمتد من منطقتي "أعزاز ومارع" غربا ومنطقتي "منبج وجرابلس" شرقاً.
وان كان على ما يبدو ان التوجه الامريكي لن يذهب كثيراً بطرح المنطقة الآمنة، لكن دخول تركيا لجرابلس قد يعطي ارتياحاً تركياً وربما سيعلن عن نوع من المنطقة الآمنة. ولكن ستظل الأهداف الحقيقية طويلة المدى تشكيل حاجزٍ بين الأراضي الكردية المحيطة بجانبي النهر. هذا ويعتقد انه في زيارة جو بايدن الأخيرة الى انقرة تم التوصل الى اتفاق على مسألة دخول جرابلس السورية، ونقطة الخلاف الوحيدة والتي لا زالت عالقة بين الطرفين هي فقط المتعلقة بإضعاف الأكراد.
ثالثاً: يبدو أن الانقلاب التركي وإن فشل الا انه احدث خضة داخلية، وعليه يريد اردوغان اظهار قدرات الجيش التركي وانه لم يضعف بعد الانقلاب الفاشل من جهة وضرب احتمالية اي انقلاب مستقبلي، في المقلب الآخر، يريد اردوغان الهاء الجيش التركي عن الشأن الداخلي وصرف اهتماماته وتوجهاته الى الشأن الخارجي. هذا ويمكن وضع دخول تركيا لجرابلس في دائرة مسعاها تعزيز موقع مَن تعتبرهم انقرة ثواراً معتدلين في اي طاولة حوار مفترضة.