الوقت- "محمد بن نايف" المنافس الصعب لسلمان الأبن في مسعى كسب القدرة والتربع على عرش السعودیة من بعد سلمان الاب، في سياق هذا التنافس، برزت وخلال الأعوام الماضية وبالخصوص الفترة الاخيرة منها، مجموعة من التحركات لسلمان الابن على المستوى الداخلي والخارجي، فما هي هذه التحركات في موجز؟ ومع وجود هذه التحركات؟ يبقى السؤال الأهم، هل سيسلم نايف الأمر لسلمان الأبن بعد موت ابيه؟ وهل سيتنازل عن كل نفوذه الداخلية وعلاقاته وثقة الغرب به؟ ويترك اوراق القوة التي يتمتع بها ام لا؟ هو ما يترك الكشف عنه للمستقبل.
التحركات الداخلية
اقتصادياً: لا يوجد خلاف بين الأوساط المتابعة من ان العائلة السعودية الحاكمة تعاني من ازمة اقتصادية خانقة برزت بوضوح من خلال عجز ميزانية عام 2016 والذي وصل الى 87 مليار دولار، هذا العجز والوضع المطرب لا شك يضر بطموحات سلمان الاب بخوص تولية مقاليد الحكم في العائلة لأبنه، وعليه كان لا بد من تحركات وتغييرات على المستوى الاقتصادي لمعالجة الأمر، خاصة مع وجود حالة عدم الرضا الشعبي المتزايدة في السعودية.
اليوم يعمل على تعويم سلمان الابن من خلال ابرازه على انه شاخص صاحب الابداعات والرؤية المتطورة، هذا جاء من خلال طرح خطة 2030 الاقتصادية، ووفق الخطة فالمراد فرض ضرائب اضافية تصل عائداتها السنوية الى 10 مليارات دولار، فضلا عن 30 مليار دولار ستعود عليهم سنوياً من إعادة الهيكلة ورفع الدعم عن السلع، الى خصخصة المياه والكهرباء والمطارات، وبيع اسهم من شركة آرامكو بعض الازمة الاقتصادية التي عانتها، وفرض رسوم على العمال الاجانب التي قد تصل فوائدها الى 10 مليارات دولار سنوياً.
امنياً وسياسياً واعلامياً: منذ ان وصل سلمان الاب الى سدة الحكم، سارع الى تسليم ابنه مهام عديدة، فوضعه في منصب ولي ولي العهد، ووزيراً للدفاع، وجعله المشرف على عدد من الوزارات، من بينها وزارة المالية والنفط والاقتصاد من خلال مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وجعله مشرفاً على الناحية النظرية للسياسيات المالية والنقدية والتعليمية وسياسات الطاقة، وجعله رئيس مجلس شركة آرامكو.
في مقابل كل هذه المناصب والتي عادة ما يستلمها في دول اخرى عدد كبير من الوزراء مع مستشاريهم، نرى ان العائلة الحاكمة تعاني من ازمة امنية كبيرة داخلياً وخارجياً، فأزمة التكفير والاجرام التي دعمتها على مدى سنوات ارتدت عليها، وعدوانها على اليمن ارتد اقتصادياً وعسكرياً عليها، ومن هنا برزت الحاجة لدى سلمان الاب لتعويم ابنه من خلال الاعلام، بإسناد انجازات وهمية لا واقع لها، والإكثار من الحديث عنه في وسائل الاعلام، وإجراء مقابلات معه من وسائل اعلام محلية واجنبية.
التحركات الخارجية
اولاً: التحرك الأبرز لتعويم سلمان الابن يظهر من خلال زياراته المتكررة الى دول العالم، آخر هذه الزيارات جاءت الى امريكا مطلع هذا الشهر، والتي التقى فيها من جملتهم وزير الدفاع الامريكي آشتون كارتر، وفي 11 من تشرين الاول من العام الماضي قام ايضاً بزيارة الى روسيا والتقى فيها بوتين، هذا وفي العام الماضي من شهر يوليو جاءت زيارة سلمان الابن الى فرنسا، الى زيارات أخرى لمصر والاردن وغيرها، ناهيك عن الحديث لتوجه بزيارة ألمانيا وبريطانيا والصين وربما إسبانيا مستقبلاً، وفي مجموع هذه الزيارات نرى تغييب واضح لمحمد بن نايف والذي يعتبر ولي العهد لسلمان الاب.
ثانياً: التحرك الثاني الابرز من تحركات سلمان الابن لجعل ورقته قوية بوجه خصمه نايف، ارتكزت على توجيه العلاقات مع الكيان الاسرائيلي الغاصب لأرض فلسطين من علاقة السر الى العلن، وتوجهه لحماية هذا الكيان ومصالحه، ولعل هذه الورقة تعتبر ورقة المرحلة الاقوى والاهم وفق حسابات سلمان الاب والابن، فهما يدركان جيداً الرسالة الامريكية في هذه المرحلة من ان مفتاح العلاقات السعودية الامريكية هو الكيان الاسرائیلي، وبالتالي مستوى العلاقات مع الكيان يحدد مستوى الاستقرار الذي سيمنح للعائلة السعودية الحاكمة.
ثالثاً: مجموع التحركات سواء الداخلية منها او الخارجية، وبالخصوص الزيارات المتكررة الى دول العالم، ومسعى ادخال تكنولوجيا متطورة الى البلاد من خلال عقد صفقات مع دول العالم كأمريكا وفرنسا وغيرها، والاكثار من عقد صفقات شراء الاسلحة، كلها تأتي في مسعى لتغيير رؤية الغرب نحو كونه الشخص الامثل والانسب في ادارة مصالحهم في المنطقة، خاصة ان اوراق نايف في علاقته مع الغرب واعتمادهم عليه ليس بالسهل، وقد يصعب تجاوزه.