الوقت - أكدت مصادر إعلامیة أن الإمارات طلبت من ملك البحرین التوسط مع السعودیة للسماح لرئیس الدیوان الملكي السابق خالد التویجري بالمغادرة إلى الإمارات، مشیرة الى أن الریاض رفضت الوساطة، معللة ذلك بالقول إن التویجري مطلوب للتحقیق في قضایا مالیة وسیاسیة، كما أبدت انزعاجها من الطلب الذي اعتبرته تدخلاً في الشأن السعودي .
ولفتت المصادر الى أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زاید زار الریاض سراً قبل أیام وحاول تحریك اللوبي الذي له علاقة به، ولكن محاولاته باءت بالفشل .
وكانت مصادر مطلعة في السعودیة قد أكدت أن عهد الملك سلمان سیشهد تقارباً سعودیاً قطریاً على حساب التقارب مع الإمارات الذي كان بعهد الملك الراحل .
ورجحت المصادر حصول تسویة خفیة مع التویجري، بعد أن تم تحجیمه وتقلیل دوره الذي أزعج الأمراء، وخصوصاً الملك سلمان عندما كان ولیاً للعهد، وكذلك الأمیر مشعل أكبر إخوان الملك، الذي كان ینعته "الملك خالد" ولا یقول التویجري نظراً لتسلّطه .
وقبل فترة ذكرت مصادر خاصة أن التویجري قد یكون تحت الإقامة الجبریة منذ فترة، خاصة أنه تغیّب بصورة لافتة عن مراسم تشییع الملك الراحل فيما اشارت مصادر اخرى إلى أنه قد خرج من المملكة لكن دون أي دليل قطعي على هذه الفرضية .
وفي السیاق نفسه، كتب المغرد السعودي الشهیر مجتهد "التویجري محتجز في مكان ما بعد محاولته الخروج من البلد"، مشیراً الى أنه كان قد بلغه أن التویجري غادر البلاد لكن تبین أنه أعید في آخر لحظة وهو یطالب بالسماح له بالمغادرة .
ولعب التویجري دوراً محوریاً في فترة حكم الملك عبدالله. ودعا أمراء في الأسرة المالكة الملك الراحل إلى وقف تدخلاته في شؤون الأسرة، ویسود اعتقاد على نطاق واسع أن "التویجري" كان یعمل بدأب على ضمان انتقال الحكم إلى الأمیر متعب بن عبدالله .
بدوره، قال الكاتب البریطاني الشهیر دیفید هیرست، إن انقلابا حدث داخل القصر الملكي السعودي خلال الساعات الأخیرة في حیاة الملك عبد الله أطاح بمن وصفه بـ"رجل المؤامرات الخارجیة بالقصر خالد التویجري رئیس الدیوان الملكي ".
وینتمي التویجري الى قبیلة الشعراء في السعودیة، وكان يسمى بـ "صانع الملوك " والرجل الاقوی طوال السنوات العشرة الماضیة التي حکم فیها الملك عبد الله السعودیة .وکان يعد في الحقيقة رئیس وزراء “حکومة الظل” والبوابة الرئیسیة للوصول الى الملك الراحل، لیس لانه سکرتیره الخاص، بل لانه هو الذي کان یقف خلف معظم قراراته بما في ذلك من یدخل الیه ومن لا یدخل من الامراء، کبارا کانوا او صغارا، کما کان هو من یقرر ایضا اي من الرسائل التي یجب ان یطلع علیها الملک، ویلعب دورا کبیرا في اختیار الوزراء وابعادهم .
وهذه القوة التي کان یتمتع بها التویجري خریج جامعة الملك سعود في الریاض (قسم القانون) وحامل الماجستیر من جامعة جنوب کالیفورنیا في العلوم السیاسیة، استمدها من ثقة العاهل السعودي الراحل، وقرب والده عبد العزیز التویجري الرئیس المساعد للحرس الوطني من الملك عبد الله، والصداقة الوطیدة بین الرجلین على مدى عقود من الزمن .
ويمكن القول ان اي شخصیة سعودیة من خارج الاسرة الحاکمة لم تكن تملك المناصب والصلاحیات التي کان یحملها التویجري، وهو ما جعله موضع کراهیة الغالبیة الساحقة من ابناء هذه الاسرة .
وادرك التويجري ان حیاته السیاسیة والعملیة انتهت فور الاعلان الرسمي لوفاة الملك عبد الله، لان الملك الجدید وابناءه ، خاصة الامیر محمد الذي حل مکانه في رئاسة الدیوان الملکي الى جانب تعیینه وزیرا للدفاع، لا یکنون له الود بسبب استیائهم من هیمنته على الملك الراحل وقراراته، لانه حسب مصادر مقربة کان "یعرقل بعض اوراقهم ومطالبهم" بالتنسیق مع حلیفه الامیر متعب بن عبد الله رئیس الحرس الوطني والنجل الاکبر للملك عبد الله .
ويشكل قرار حذف التويجري من الخريطة السياسية السعودية إعلانًا بعودة قوية للجناح السديري، وهم حلف من الأخوة داخل العائلة المالكة يسطيرون أيضاً على مراكز مهمة في الدولة، لتولي مقاليد الحكم وإحكام قبضتهم على زمام الأمور في المرحلة القادمة ما يجعل المملكة بانتظار حزمة من التطورات لتكون الكعكة بأكملها في يد السديريين .
وليس سرا أن اغلب السعوديين باتوا على يقين ان حقيقة غضب بعض الامراء من التويجري ليس له علاقة بمصلحة الشعب والبلد كما يحاول البعض اظهاره، بل بواقع أنه لا ينتمي إلى العائلة المالكة، وقد تمكن من تبوء مناصب عالية ومهمة.
وتجدر الاشارة هنا انه لايمكن وبأي حال من الاحوال تجاهل الدور الذي تلعبه الادارة الامريكية في تنصيب وازاحة الملوك والامراء السعوديين بما ينسجم مع سياستها في المنطقة والعالم وهذا ما حصل بالضبط مع التويجري حسبما يعتقد الكثير من المراقبين. ويتوقع المهتمون بهذا الشأن أن نجاح الملك سلمان في التخلص من التویجري، سیلقي بظلاله علی سیاسة الرياض على الصعيدين الداخلي والخارجي التي كان الكثير من ملفاتها بيد التويجري.