الوقت- قناة العرب الفضائية والتي تعتبر أول قناةٍ خاصة في البحرين، أغلقت لأسبابٍ قيل أنها فنية، فيما استمرت ببث مواد تروجية فقط. ولكن هل يعقل إغلاق قناة لأسباب تعود لخللٍ فني وذلك بعد 24 ساعة على إطلاقها وهي القناة التي عمل طاقمها منذ سنوات لإطلاقها ؟؟ وما هي الأسباب الحقيقة الكامنة وراء إغلاق هذه المحطة؟؟
قناة العرب الفضائية هي القناة الخاصة الغير حكومية في البحرين وقد توقف بثها بعد 24 ساعة من إنطلاقها وذلك مساء الأحد 1 شباط\فبراير في المنامة. فما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الموضوع ولماذا لم يتسع كالعادة صدر السطات في البحرين لأول قناة خاصة ومنذ بداية عملها؟؟
أولاً: تشير كافة المصادر الى أن الإغلاق جاء لأسباب تتعلق بعدم التزام القائمين على المحطة بالأعراف الإعلامية السائدة فى الدول الخليجية، وأهمها حيادية المواقف الإعلامية وعدم المساس بكل ما يؤثر سلبا على روح الوحدة الخليجية وتوجهاتها! وهذا الكلام إن دل على شيءٍ فإنما يدل على نوايا السلطات البحرينية إحدى الدول الخليجية، وهو ما يؤكد زيف ما ادعته هذه السلطات بأن السبب وراء إغلاق المحطة هو أسباب تعود لخللٍ فني. ولكن السؤال الأهم ما هي الأعراف التي انتهكتها المحطة؟ وما هو معنى حيادية المواقف الإعلامية في دول الخليج الفارسي لا سيما البحرين والسعودية؟ وما هو الذي يؤثر على روح الوحدة الخليجية وتوجهاتها؟
نعم لقد انتهكت المحطة عرف نقل الحقيقة التي طالما أزعج ويزعج سلطات دول الخليج الفارسي وبالتحديد السعودية والبحرين. واليوم لا يمكن فصل ذلك عن كون أن البحرين تمر بحراك شعبي سلمي لتغيير السلطة، الأمر الذي جعل السلطات البحرينية وكما تقول المصادر، تمتعض وتقلق من أول ضيفٍ أطل على قناة العرب وهو القيادي في المعارضة البحرينية خليل مرزوق والذي انتقد في حديثه للقناة قيام السلطات البحرينية بسحب الجنسية من 72 شخصاً مدنياً معارضاً للنظام البحريني. وبالتالي فإن إغلاق القناة جاء بسبب ما صرح به أحد المعارضين مما يعني أنه جاء بسبب نقل القناة لحقائق لا تصب في مصلحة النظام البحريني. هذه هي الأعراف الإعلامية التي يجب احترامها في الدول الخليجية! فحيادية المواقف الإعلامية بمنظور دول الخليج الفارسي لا سيما البحرين والسعودية، تعني عدم نقل الحقائق التي تتعلق بالمعارضة أو الشعب والتي قد تتعارض مع مصلحة هذه الدول وفي مقدمتها السعودية والبحرين. وروح الوحدة الخليجية تقضي بعدم المس بالسلطات الحاكمة وممنوعٌ نقل الحقائق التي قد تؤثر على النظام الحاكم في دول الخليج الفارسي لا سيما البحرين والسعودية.
ثانياً: إغلاق هذه القناة يعني تجاهل المسؤولين السعوديين والبحرينيين لحرية وسائل الإعلام. وهو أمر ليس بجديد فما هي العقبات التي تواجه الحرية الإعلامية في البحرين؟
الإعلامية "ريم خليفة" وهي صحافية بحرينية مستقلة، قالت في حديث مع مونت كارلو الدولية: "إن ثمة عقبات كثيرة تواجه الصحافيين في البحرين خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالأعلام الحر المستقل والدولي ... المحاذير كثيرة ومتعددة ". كما أن مدير عام قناة العرب جمال خاشقجي كان قد صرح في لقاء تلفزيوني أن القناة ستغطي أخبار المعارضة البحرينية وستقوم بتغطية المظاهرات في البحرين حال خروجها. وأضاف أن "هناك أنظمة تحكم قناة العرب، أولها القضاء البحريني، وأن الحكومة البحرينية تملك إيقاف المحطة عن طريق القضاء البحريني أو عند صدور مخالفة من القناة".
وهذا بحد ذاته يدل على أن الحرية الإعلامية في البحرين هي ليس سوى حريةٍ بالمعنى الخليجي لها، أي المعنى الذي ترضى به دول الخليج الفارسي لا سيما السعودية والبحرين، فالحرية لها حدود وتقف عند نقل حقائق قد تؤثر على حكم السلطات في هذه الدول أو حقائق قد تدل على مدى ظلم وتعسف سلطات هذه الدول بحق شعوبها لا سيما الخط المعارض فيها.
فصحيحُ أنه لكل مؤسسة إعلامية أسلوبها وخطها التحريري ولكن الأعراف الإعلامية في الدول الخليجية لا سيما البحرين والسعودية لا تقبل الحقائق بل إنه من ضمن أعرافهم وقيمهم، ضرورة اتباع وسائل الإعلام للحيادية الإعلامية وهي حياديةٌ عربيةٌ تعني نقل كل ما لا يظهر حقيقة هذه الأنظمة بل إنه من غير المقبول نقل الصوت المعارض.
مرة جديدة نقف أمام انتهاك صريحٍ لحرية الإعلام في دول الخليج الفارسي وهذا الأمر ليس بجديد فالسلطات السعودية كانت قد قامت سابقاً باعتقال أصوات معارضة لها، وها هي السلطات البحرينية اليوم تقوم بإيقاف بث قناةٍ لم تكد تبصر النور بعد، لنقلها حقائق لا تصب في مصلحة النظام البحريني.
فإلى متى ستبقى شعوب دول الخليج الفارسي رهينة أنظمةٍ تعسفيةٍ حتى في ما يتعلق بالحرية الإعلامية ونشر الحقائق؟ وهل ستكتفي السلطات البحرينية والسعودية بهكذا أسلوبٍ يمس حق الحرية الإعلامية أم أننا سنكون مع أساليب أخرى لخنق الحريات والصوت المعارض؟؟ الأيام وحدها كفيلةٌ بالإجابة وكل ما علينا القيام به اليوم هو استنكار هذا القرار.