الوقت - في اجراءات لم تكن مستغربة كثيرا في ظل الصراع المحتدم بين اجنحة الحكم في السعودية، أجرى الملك السعودي الجديد سلمان بن عبدالعزيز، تغييرات واسعة وبالجملة، وصفها المراقبون بالانقلاب، قضت بعزل اثنين من ابناء سلفه الملك الراحل من منصبيهما، واعفاء الاسم الاستخباراتي الذائع الصيت بندر بن سلطان من امانة مجلس الامن الوطني، وخالد بن بندر من رئاسة الاستخبارات العامة، وذلك في إطار 30 أمرا ملكيا بعد أسبوع على توليه الحكم.
وشهدت عملية انتقال الحكم في السعودية، عودة الحكم الى من يسمون بالجناح السديري اي أبناء الزوجة الثامنة لمؤسس المملكة السعودية وهي الاميرة حصة السديري، ليكون سلمان ثاني ملك سديري بعد شقيقه الملك فهد، يسيطر على مقاليد الحكم في السعودية بعد غياب دام عشر سنوات.
وقد بدأت التغييرات بعد ساعات من وفاة الملك عبد الله، حيث تم تعيين محمد بن نايف وليا لولي العهد، وهو اول سديري من الجيل الثاني يتربع على هذا المنصب.
هذا فيما تصف مصادر مطلعة دور ولي العهد مقرن بن عبد العزيز بالوظيفي، والهادف لتبريد أجواء الصراع المحموم على السلطة حتى حسم الخيارات، وبعدها لن يستطيع ولي العهد الاستمرار في منصبه، لانه ليس من السديريين، كما انه من أم يمنية لا يمكن لآل سعود تقبله كملك.
وبعد اسبوع اصدر الملك الجديد اكثر من 30 قرارا ملكيا، قد تجاوز بها كل التوقعات والتقديرات، بحيث كاد يلغي عهد الملك عبد الله بمؤسساته وقياداته، لا سيما المعتدلين منهم.
وشملت القرارات الجديدة اعفاء اثنين من ابناء الملك الراحل من منصبيهما، وهما مشعل بن عبد الله أمير منطقة مكة المكرمة وتركي بن عبد الله أمير منطقة الرياض، لكنها أبقت على ابن ثالث للملك الراحل وهو متعب بن عبد الله في منصب رئيس الحرس الوطني، حيث يراه البعض ربما يهدف الى اظهار العائلة الحاكمة كأسرة موحدة .
وفي أمر ملكي آخر تم اعفاء بندر بن سلطان، الأمين العام لمجلس الأمن الوطني من منصبه، كما امر بالغاء هذا المجلس الذي ستؤول مهامه كما مهام العديد من الاجهزة التي ألغاها الملك الجديد الى أحد مجلسين تم استحداثهما هما "مجلس الشؤون السياسية والأمنية" و"مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ".
كما تم الاستغناء عن وزراء كان قد أتى بهم الملك الراحل لإحداث انفتاح وتغيير في أهم وزارتين في المملكة وهما وزارة التربية التي تم دمجها مع وزارة التعليم العالي، ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ما يشير الى ان المملكة متجهة إلى سياسة محافظة على الصعيد الداخلي.
هذا وكان الملك قد أصدر أوامر ملكية جديدة تقضي بإعادة تشكيل مجلس الوزراء برئاسة الملك وولي العهد مقرن بن عبد العزيز نائباً لرئيس مجلس الوزراء، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز وليا لولي العهد ونائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية.
وتم ابقاء سعود الفيصل وزيرا للخارجية ومنصور بن متعب وزيرا للدولة وعضوا في مجلس الوزراء ومستشارا للملك ومتعب بن عبد الله وزيرا للحرس الوطني ومحمد بن سلمان بن عبد العزيز وزيرا للدفاع والأمير منصور بن متعب وزيرا للدولة ومستشارا لخادم الحرمين الشريفين، والشيخ صالح آل الشيخ وزيرا للشؤون الإسلامية، والدكتور وليد الصمعري وزيرا للعدل، وابراهيم السويل وزيرا للاتصالات، وماجد القصبي وزيرا للشؤون الإجتماعية، وعبداللطيف آل الشيخ وزيرا للشؤون البلدية والقروية، وعادل بن زيد الطريفي وزيرا للثقافة والإعلام.
كما امر الملك بإلغاء لجنة سياسة التعليم ومجلس الخدمة المدنية، وتشكيل مجلس للشؤون السياسية والأمنية برئاسة نائب ولي العهد محمد بن نايف، وتشكيل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية، وتعيين أحمد الخطيب وزيرا للصحة، وعبدالرحمن الفضلي وزيرا للزراعة، وتعيين خالد الفيصل مستشارا لخادم الحرمين وأميرا لمنطقة مكة المكرمة، وفيصل بن بندر أميرا للرياض.
كما تم تعيين الفريق خالد الحميدان رئيسا للاستخبارات العامة، ومحمد العجاجي رئيسا لهيئة الخبراء في مجلس الوزراء، ومحمد السماري وعبدالله المحيسن مستشارين في الديوان الملكي، وتركي بن سعود رئيسا لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والأمير منصور بن مقرن مستشارا في ديوان ولي العهد، والدكتور خالد المحيسن رئيسا للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، في ظهور بارز لدخول اسماء كثيرة من غير العائلة المالكة الى مسؤوليات مهمة وخطيرة.
ويرى المراقبون ان هذه التغييرات فيها الكثير من الدلالات على صعيد قطع الطريق على بعض الامراء من الجيل الثاني الطامعين في السلطة، والذين تمكنوا من الوصول الى مواقع اقتصادية مرموقة مثل الوليد بن طلال، الذي يبدو انه كانت له حصة اقتصادية من الامارة، خاصة وان والده طلال يعتبر نفسه احق بالملك من سلمان، وابدى امتعاضه على عدم مراعاة كبره في السن حين بادر عبد الله الراحل الى تعيين نايف وسلمان بعد موت الاول وقبله سلطان، وظهر في الاعلام في موقع معارض ومنتقد لسياسات النظام.
ويبقى السؤال هل ان هذه التعيينات سوف تخمد فعلا نار الصراع المحتدم بين اقطاب العائلة المالكة ام انها ستبقيها نارا تحت الرماد، ربما يشتعل اوارها في كل حين بأمر ربها.