الوقت- بعد تقديم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته الاسبوع الماضي ورفضها من قبل البرلمان سارعت الدول الغربية وفي مقدمتها اميركا وبريطانيا الى مطالبة مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة مغلقة لبحث تطورات الاوضاع في هذا البلد.
ويعتقد المراقبون أن مجلس الأمن قد يصدر قراراً في نهاية الجلسة ضد حركة انصار الله يقضي بـفرض ما اسموه عقوبات على الحركة ودعوتها إلى سحب قواتها من المدن والمناطق التي تحت سيطرتها ومن بينها العاصمة صنعاء وتفكيك نقاط التفتيش التي أقامتها في هذه المناطق وما حولها . وقد تشمل هذه العقوبات – حسب المراقبين - تجميد مصادر تمويل الحركة ومنع كافة الدول الاعضاء في الامم المتحدة من منح تأشيرات دخول لقادتها وفي مقدمتهم زعيم الحركة عبد الملك الحوثي كما حصل في نوفمبر 2014.
وفي وقت سابق تبنى مجلس الأمن قراراً بالإجماع يدعم الرئيس هادي بصفته الممثل الوحيد للسلطة في البلاد، ودعا جميع الأطراف السياسية إلى دعم حكومته ، فيما دانت دول مجلس تعاون الخليج الفارسي ما وصفته بـ " الانقلاب" في اليمن، وهددت بسحب بعثاتها الدبلوماسية من هذا البلد.
وكان مجلس النواب اليمني قد أرجأ جلسته الطارئة التي كانت مقررة الاحد للنظر في استقالة هادي إلى موعد لاحق لم يتحدد بعد. وجاء التأجيل لإنضاج المشاورات بين مختلف الأطراف للتوصل إلى حل سياسي دون المرور على البرلمان، وثمة توجه لإقناع الرئيس هادي بالبقاء في منصبه والبدء بتنفيذ اتفاق "السلم والشراكة" فيما ذكرت مصادر مقربة من انصار الله، إن قوى وطنية دعت هادي الى القبول بتعيين نائب له وتحديد المرحلة الانتقالية كشرط للتراجع عن الاستقالة.
يأتي هذا في وقت يواصل فيه موفد الامم المتحدة الى اليمن جمال بن عمر اتصالاته مع مختلف الاطراف في محاولة لتطبيق الاتفاق السياسي الموقع في ۲۱ ايلول/ سبتمبر ۲۰۱۴.
ويؤكد المراقبون أن قرار استقالة هادي جاء ضمن تحركات ممنهجة مدعومة من قبل قوى خارجية (سعودية واميركية) لإفشال العملية السياسية والالتفاف على اتفاق" السلم والشراكة" الذي وقع مع انصار الله قبل يوم واحد من هذه الاستقالة.
وكانت واشنطن قد أبدت إنزعاجها من هذا الإتفاق الذي يقضي بتعديل مسودة الدستور وفق مخرجات الحوار الوطني، وتوسيع العضوية في مجلس الشورى واشراك المكونات السياسية المحرومة في مؤسسات الدولة لإنهاء الأزمة السياسية في البلد.
وزعم وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان هادي اجبر على الاتفاق ، ما يشير الى وجود دوافع وراء الاستقالة المفاجئة للرئيس اليمني في مقدمتها خلط الاوراق لاعادة ترتيبها بما يتلاءم مع الاستراتيجية الاميركية السعودية في هذا البلد.
وقد التزمت حركة انصار الله بتنفيذ الاتفاق باطلاق سراح مدير مكتب الرئيس احمد عوض بن مبارك وسحب اللجان الشعبية من كافة المواقع المطلة على منزل الرئيس ومن مقر الرئاسة والقصر الجمهوري ومواقع اخرى.
وجاء اتفاق " السلم والشراكة" ليعبر عن ضمير الثورة الشعبية التي انطلقت منذ اربعة اعوام وتكللت بانتصار سبتمبر الذي قضى على محاولات السعودية وبعض دول مجلس التعاون لمحاصرة الحراك الثوري والباسه لباساً مذهبيا.
وتجدرالاشارة الى ان استقالة هادي التي جاءت بعد وقت قصير من قرار مماثل اتخذه رئيس الحكومة خالد بحاح حصلت بعد الكشف عن وثائق تم العثور عليها في حوزة مدير مكتب الرئيس تتعلق بتمويل تنظيم القاعدة بالمال والسلاح، وبمخطط لتقسيم البلاد لادخالها في نفق سياسي مظلم، والتمهيد بالتالي لتدخل القوى الخارجية عبر مجلس الامن.
ولاشك ان استقالة هادي اكدت ان النظام كان عاجزاً عن تنفيذ الوعود التي قطعها للشعب ،وجاءت في اطار مؤامرة تقودها امريكا والسعودية لوضع المجتمع الدولي في مواجهة حركة انصار الله التي باتت تمثل قوة حقيقية على الارض والتي أكدت إن استقالة الحكومة لا تعني نهاية العمل السياسي، لأنها كانت حكومة تصريف أعمال مؤقتة بانتظار تشكيل حكومة أخرى . وشددت الحركة على ان التلويح والتهويل بالنزعات الانفصالية والتقسيمية يراد منه قطع الطريق على التطور والتقدم الذي حققته اللجان الشعبية والتجاوب الذي لاقته تحركاتها من قبل مختلف الأوساط الشعبية ومؤسسات الدولة ومنتسبي الجيش.
في هذه الاثناء افادت انباء بأن اللجان الشعبية في محافظة عدن جنوبي البلاد اعتقلت عناصر ارهابية بينهم سعودي وبحوزتهم عدد كبير من العبوات المعدة للتفجير ، فيما اكد زعيم " أنصار الله" عبد الملك الحوثي إن هناك مؤامرة تستهدف البلد وشعبه يقودها الغرب ، مشيراً الى أن السلطة تآمرت على نتائج الحوار الوطني حتى لا تخرج للواقع، مؤكدا في الوقت نفسه أن بعض القوى في السلطة كانت تريد أن تبقي مقررات اتفاق " السلم والشراكة "شكلية دون تطبيق. واكد الحوثي ايضا أن مقررات مجلس الأمن لا تخيف الشعب اليمني وأنه على استعداد كامل لمواجهتها في حال تعارضت مع مصالحه ولم تضمن استقلال وسيادة بلاده.
ومع الأخذ بنظر الاعتبار جميع هذه التطورات يبدو ان اليمن مقبل على تطورات في غاية الخطورة، قد ترسم مسارا جديدا لهذا البلد، الذي سئم شعبه من التدخلات الخارجية لاسيما من قبل بعض الدول الغربية وعلى رأسها امريكا وبعض الدول الاقليمية خصوصا دول مجلس التعاون وبالاخص السعودية الامر الذي يتطلب المزيد من اليقظة والحذر من قبل جميع شرائح المجتمع بعد ان وضعت استقالة هادي البلد امام فراغ رئاسي، وبعد تأكيد الملك الجديد في السعودية سلمان بن عبد العزيز بأنه سيمضي على نفس سياسات سلفه ومن بينها بطبيعة الحال ما يتعلق باليمن؛ هذه السياسة التي ادت الى زعزعة الأمن والاستقرار في هذا البلد وادخلت شعبه في دوامة العنف لفترات طويلة .
