الوقت- منذ عقد من الزمن والشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعيش في حصار مطبق، نال جميع مناحي الحياة، وتسبب بأزمة إنسانية كبيرة، زاد من حدتها العدوان الاسرائيلي المتكرر على القطاع، في ظل سكوت وتآمر واضح من الأنظمة العربية، التي لم تقتصر على عدم مساندة أهل القطاع المحاصرين، بل كانت شريكة في حصاره وزيادة معاناته. عقد من الزمن والعدو الاسرائيلي يمنع تشغيل المطار أو الميناء في القطاع، الأمر الذي منع عدد من المرضى الفلسطينيين من تلقي العلاج خارج القطاع، وحال دون التحاق الطلبة الفلسطينيين بجامعاتهم في مصر أو غيرها.
وكبديل عن المطار والميناء، اعتمد سكان القطاع المحاصر على معبر رفح الحدودي مع مصر، من اجل الحصول على الحاجات الضرورية. السلطات المصرية أخضعت المعبر للكثير من الحسابات السياسية التي كانت متماهية إلى حد كبير مع الارادة الاسرائيلية، فكان المعبر يغلق تارة ويفتح تارة أخرى، وقد علق الكثير من الفلسطينيين على المعبر لفترات طويلة، وقد تم تسجيل حوالي 40 ألف دخول وخروج في الاشهر الاولى من سنة 2013، ومنذ ذلك الحين تم اغلاق معبر رفح، وخلال الأشهر الاخيرة كان يفتح ثلاثة ايام فقط حيث خرج منه أقل من 4 آلاف شخص أي 9% فقط من الراغبين بالسفر خارج القطاع.
في ظل هذه الظروف لجأ الفلسطينيون في غزة إلى حل بديل، حيث قام سكان القطاع باللجوء إلى الخروج عبر معبر إيريز (بيت حانون) شمال القطاع وصولا إلى معبر اللنبي على الحدود الأردنية، ومن هناك إلى دولة ثالثة عبر مطار عمان، إلا أن السلطات الأردنية خلال الشهور الماضية، شددت في اجراءات منح تأشيرات الدخول للفلسطينيين من سكان غزة، ما دفع الكثيرين لانتظار أسمائهم على قوائم عدم الممانعة دون جدوى، الأمر الذي لاقى تنديداً من منظمة حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش".
حيث قالت المنظمة الدولية في رسالة بعثتها إلى رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور: "إنّ على عمّان تخفيف إجراءات السفر المفروضة على الفلسطينيين الراغبين في السفر من غزة إلى دول أخرى"، موضحةً أنه طرأت في الآونة الأخيرة على ما يبدو إجراءات مشددة على مسافري الترانزيت، أدت إلى حجب فرص مهنية وتعليمية بالخارج عن شباب غزة الذي يعاني من آثار الحصار الذي تفرضه "إسرائيل".
ودعت "هيومن رايتس ووتش" السلطات الأردنية إلى تيسير عبور سكان غزة ضمن الأراضي الأردنية، قائلةً: "إنّ على السلطات الأردنية ضمان شفافية قراراتها دون تعسف، وأن تأخذ بعين الاعتبار حقوق المتضررين"، مضيفةً أنه في حال الرفض، على السلطات أن تقدم أسبابا وتمنح صاحب الطلب فرصة للحصول على إعادة النظر.
وكانت منظمة حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش" قد تلقت مؤخرا عشرات الشكاوى من الفلسطينيين الذين تم رفض دخولهم إلى الاردن. وقد طالبت المنظمة السلطات الأردنية التدخل في أعقاب ما قيل إنه تشديد للمعايير الذي يتم مؤخرا ومنع سكان غزة من السفر إلى الخارج من اجل العمل والدراسة.
من جهتها اعترفت الحكومة الفلسطينية أنها تلاحظ في الآونة الاخيرة التشديد من قبل الاردن في موضوع تصاريح الفلسطينيين، لكنها لم تقدم أي تفسير رسمي لهذه السياسة. وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية يوسف المحمود في تصريح لصحيفة هآرتس الاسرائيلية "إن الحكومة تدرك المشكلة وهي تقوم بالاتصالات والتشاور مع الحكومة الاردنية لتغيير الوضع والتخفيف على المواطنين الفلسطينيين الذين يريدون الخروج عن طريق معبر اللنبي".
ويرى مراقبون أن السلطات الأردنية ومن خلال تشديد اجراءات منح تصاريخ دخول الفلسطينيين من سكان غزة إلى أراضيها تكون قد انضمت رسمياً إلى قائمة الدول المحاصرة لقطاع غزة، بعد الكيان الصهيوني ومصر، فيما يؤكد مراقبون أن الاجراءات الأردنية الجديدة قد جاءت حصيلة لتنسيق أردني اسرائيلي، بهدف التضييق على المقاومة الفلسطينية، وإيجاد حالة من السخط الشعبي تجاه المقاومة، بدعوى أنها السبب في الحصار الذي يفرضه العدو الاسرائيلي على القطاع.
من المؤسف حقاً أن تصطف دول عربية واسلامية، إلى جانب عدو الأمة، الذي ينتهك الحرمات ويغتصب المقدسات، وتشارك في حصار الشعب الفلسطييني العربي والمسلم، وتحاصر كل أشكال المقاومة ضد العدو الاسرائيلي، في الوقت الذي تستضيف على أرضها غرف عمليات حربية لتأجيج المعارك في دولة اسلامية مجاورة كسوريا.