الوقت- بعد أقل من أسبوعين سیحضر ممثلون عن المعارضة السورية والحكومة إلی موسکو بفضل الجهود الدبلوماسية للخارجية الروسية للحوار بشأن إيجاد حل سلمي لإنهاء الحرب المستمرة في بلادهم منذ أربع سنوات، ومع ذلك ليست هناك رؤية واضحة لنجاح الجهود الدبلوماسية الروسية هذه.
بعد فشل مؤتمر السلام في جنيف 2 في فبراير من العام الماضي والذي كان مدعوماً من الولايات المتحدة وروسيا، وکذلك استقالة المبعوث الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلی سوريا السید الأخضر الإبراهيمي من منصبه، تم التخلي عن الحلول السلمية لإنهاء الأزمة في سوريا، لیتبیّن مستقبل هذا البلد في ساحة المعركة أكثر من أي شيء آخر.
وفي حين مازال هذا التخلي مستمراً، طرحت الأفكار الفنية وغير السياسية للمبعوث الجديد للأمم المتحدة إلی سوريا ستيفان دي ميستورا بما في ذلك "تجمید الصراع"، وذلك من أجل الأهداف الإنسانية وتبدأ من شمال مدينة حلب. وبالتزامن مع ذلك حاولت روسیا من خلال تقدیم الأفكار السياسية لمشروع دي ميستورا، من بینها التأکید علی أولویة مكافحة الإرهاب والحوار السوري-السوري من دون التدخل الخارجي، حاولت ملء هذا الفراغ وأخذ المبادرات الدولية من أجل التوصل إلى حل سلمي عبر إقامة مؤتمر للسلام تحت عنوان "موسكو1".
وفي هذا السیاق زار نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي إلی الشرق الأوسط میخائیل بوغدانوف دمشق ومن ثم بيروت، وأجری مباحثات مع الحكومة والمعارضة السوریتین. وعلى الرغم من أن مؤتمر موسكو1 قد تحوّل الآن إلی الخيار الوحيد لحل الأزمة السورية سلمياً، ولکن نظراً لتعقيد الأزمة السورية على المستوی الوطني والإقليمي والدولي فإن احتمال نجاحه ضئیل جداً.
وعلى الرغم من أن الحكومة السورية قد أعلنت استعدادها للمشاركة في هذا المؤتمر، ولکن المعارضين ومن خلال الإشارة إلى أن إطار ومبادئ هذا المؤتمر ليست واضحة، قد أعربوا عن شكوكهم حیال النوايا الحقيقية لروسيا وقاطعوا المحادثات. وأهم هؤلاء المعارضين هو معاذ الخطيب الزعيم السابق للمعارضة في الخارج، والذي کان یمکن أن يزيد حضوره من مصداقية مؤتمر موسكو. والتحدي الآخر الذي تواجهه موسكو والذي بدا واضحاً في مؤتمر جنيف2 أیضاً، هو عدم امتثال الجماعات المسلحة في الداخل للمعارضة المقیمة في الخارج.
ومن ناحية أخرى فإن بعض المعارضين المتطرفین ومن دون الأخذ بعین الاعتبار الظروف الميدانية وتفوّق القوات الحكومية في التطورات العسكرية والأمنية، مازالوا یؤکدون علی رحیل الرئیس بشار الأسد، هذا في حین أنه لیس فقط أن دمشق قد عارضت بشدة هذا الأمر معلنة أن بشار الأسد هو الرئيس الشرعي لسوريا لأنه جاء إلى السلطة عن طريق الانتخابات، بل إن إیران وحزب الله أیضاً قد أکدا أن بشار الأسد هو الخط الأحمر لمحور المقاومة، وأي تسویة من دونه لن تكون مقبولة.
ولكن على المستوى الدولي، ففي حين یبدو أن الولايات المتحدة لا تعارض الجهود التي تبذلها الدبلوماسية الروسية وتدعمها في الظاهر علی الأقل، إلا أن حلفاء هذا البلد في المنطقة وخاصة تركيا مازالوا یشددون علی الخيار العسكري لحل الأزمة السورية. وقد ذكرت صحيفة حريت الترکیة قبل بضعة أيام أن محادثات أنقرة مع واشنطن حول كيفية التعامل مع الأزمة في سوريا قد وصلت إلى طريق مسدود. ووفقاً للصحیفة، لم تطالب تركيا في هذه المفاوضات بإنشاء منطقة حظر جوي فحسب، بل أعلنت استعدادها لإرسال قوات برية إلى سوريا في حال إنشاء منطقة حظر الطيران. ومن ناحية أخرى یری المحللون أن الدول الأوروبية وإن لم تكن معارضة لجهود روسيا ولکنها لا تساعد علی نجاحها في الحد الأدنی. وقد أدت كل هذه العوامل إلى أن تصبح احتمالات نجاح مؤتمر موسكو 1 أقل من ذي قبل.