الوقت- مطلع العام 2015 , تنهال تقارير أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية بالتوقعات والتحذيرات التي تنتشر بين الحين والاخر متناولة الأوضاع الداخلية و الخارجية للكيان العبري, وسط الأوضاع السياسية الدقيقة التي تعيشها المنطقة وبالتالي الكيان الصهيوني.
تقارير استخباراتية اسرائيلية ومقالات صدرت مؤخرا , ركزت على حزب الله وتحركاته في سورية, لا سيما بعد الهجوم الأخير الذي قامت به داعش والنصرة, على مواقع للحزب في فليطا الواقعة في منطقة القلمون على الحدود الشرقية للبنان.
التقارير تعرضت لما اسمته تكتيكات جديدة وخطيرة لحزب الله استخدمها في مواجهة الهجوم, أدت الى اسقاط عدد كبير من القتلى في صفوف المسلحين المهاجمين, إضافة الى أسر قياديين اثنين كبيرين تابعين للنصرة.
موقع " والا " الإخباري العبريّ , نشر تفاصيل تدريب أجرته إحدى وحدات النخبة في الجيش الإسرائيليّ لمحاكاة احتلال قرية لبنانيّة في جنوب لبنان تم فيها اجراء تعديلات قصوى على العقيدة القتاليّة, بسبب نجاح حزب الله في نقل نماذج حرب بارعة من سوريّة للبنان واكتسابه خبرةً واسعةً في الحرب التقليديّة واستخدام الدبابات.
وفي وقت آخر نقل الموقع نفسه , عن خبراء عسكريين "إسرائيليين" إشارتهم إلى أن قادة تل أبيب يعوّلون على عدم المبادرة بحرب مباشرة مع حزب الله، واستبدالها بدعم قوي لـ"المتمردين" في سورية، وفي مقدمتهم مقاتلو "جبهة النصرة".
الصحف الاسرائيلية توقفت عند مقولة ان قيادة حزب الله جهزت خطة جديدة للمواجهة المقبلة على وقع الكمائن، وصفها خبراء عسكريون بـ"أخطر تكتيكات الحزب"، والتي ستفاجئ "إسرائيل" و"النصرة" على سواء، على طول السلسلة الشرقية، كما على الحدود اللبنانية الجنوبية، حيث يتابع حزب الله، وعبر رصد دقيق، عبور شحنات الأسلحة الحربية "النوعية" من ضباط "إسرائيليين" إلى قياديين في "جبهة النصرة" في القنيطرة، تحضيراً لتمريرها باتجاه نقاط تماس الحزب في المقلب الآخر في جبل الشيخ، تحديداً في شبعا والعرقوب.
موقع "دبكا فايلز" الاستخباري "الإسرائيلي"، كشف عن معدات عسكرية نوعية أرسلتها "إسرائيل" إلى قادة "جبهة النصرة" في سورية، تمّ تأمين قسم كبير منها إلى مقاتليها في القلمون، لمواجهة أكثر فاعلية مع حزب الله، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الجيش "الإسرائيلي" رفد مجموعات تلك " الجبهة " في ريف القنيطرة السورية بأسلحة ثقيلة وقاذفات مضادة للدروع ووسائل اتصال متطورة، من ضمن خطة مشتركة بين الولايات المتحدة والأردن والسعودية باتجاه الجنوب السوري تحديداً، ربطاً بخروقات أمنية هامة قادمة إلى مناطق شبعا والعرقوب، حسب إشارة الموقع.
معلومات أعقبت ما كانت مجلة " le canard enchaine " الفرنسية قد أشارت إليه في شهر أيلول الفائت، ومفاده أن تل أبيب تسعى بقوة إلى نقل المواجهات باتجاه مناطق جبل الشيخ، كاشفة أن سيطرة "النصرة" على ريف القنيطرة يأتي ضمن سياق الخطة "الإسرائيلية" الهادفة إلى تهديد شبعا والعرقوب، والوصول إلى جرود راشيا ودير العشاير القريبة من المصنع والبقاع.
موقعا "nrg " و"مكور ريشون" العبرييْن منتصف الشهر الفائت أشارا بدورهما ، الى وجود احتمالات كبيرة بوقوع مواجهة قاسية بين "إسرائيل" وحزب الله في العام 2015، وهو أمر يتحسب له الحزب جيداً في سياق حربه التاريخية مع الكيان العبري، وجماعاته التكفيرية. حيث بادر الحزب مؤخرا الى رصد لبلدة "بيت جنّ"، التي تبعد 6 كيلومترات عن شبعا، التي تُعدّ نقطة تجمع هامة للمسلحين، كما قام بإخضاع كامل الحدود الجنوبية المتاخمة لفلسطين المحتلة لرقابة مركّزة، تحسُّباً لأي خرق أو اعتداء "إسرائيلي" باتجاه الجنوب، كخطوات احترازية لأي مواجهة مفاجئة ممكنة الحدوث مع اسرائيل.
من جهته , وصف مستشار الامن القومي الاسرائيلي السابق، الجنرال يعقوب عميدرور، في مقال نشرته صحيفة "اسرائيل اليوم"، القدرات العسكرية لحزب الله بـ " اللا مثيل لها، اذ في حوزته 150 ألف من الصواريخ والقذائف الصاروخية " ، مشيراً الى أن " عدة آلاف من هذه الصواريخ قادرة على الوصول الى أي مكان في "اسرائيل".
وأكد عميدرور - المسؤول الرفيع المشارك حتى الامس في صنع القرار في " تل ابيب "- أن هذه القوة النارية نادرة جداً، خاصة من حيث حجمها وكثافتها، وربما هي توازي ما لدى جميع الدول الأوروبية معاً.
ولفت إلى أن " لدى حزب الله صواريخ بر بحر طويلة المدى وصواريخ مضادة للطائرات، وطائرات بدون طيار وصواريخ حديثة مضادة للدبابات "، مضيفاً أنه " لدى حزب الله تنظيماً هرمياً عسكرياً منظما تنظيما جيداً، ولديه نوعية جيدة جدا من السيطرة والتحكم القيادية ".
وبرأي عميدرور،ان حزب الله اكتسب خبرة قتالية كبيرة جدا، معتبراً " إنتصار الرئيس السوري بشار الاسد في سوريا سيؤدي إلى تعزيز موقف حزب الله ومكانته في لبنان وسوريا على حد سواء ".
خلفيات التصريحات والتقارير الاسرائيلية :
التصريحات الاسرائيلية , المؤكد أنها لا تأتي في اطار عرض قوة حزب الله كبادرة حسن نوايا اسرائيلية , إنما تأتي في اطار رعب يعيشه الكيان الاسرائيلي من هذه التجربة اللبنانية المقاومة , التي تعتبر تجربة عملية ناجحة وفعالة نجحت بشكل أسطوري حيث لم يكن يتوقع النجاح أحد.
فإسرائيل ,اليوم تقف عاجزة , امام هذا الحزب الذي أصبح مدرسة قتالية لمقارعة اسرائيل وسياسات امريكا التي خبر مواجهتها طيلة سنوات , هو اليوم يعتبر شوكة في أعين مطامع امريكا وبعض الدول الغربية واسرائيل ويشكل عقبة حقيقية أمام مشروعهم , كما يعتبر اليد الطولى الفعالة للواء القدس التابع للحرس الثوري الايراني الذي يتولى مقارعة السياسات الامريكية والاسرائيلية وحلفائها في الشرق الأوسط .
التسليط الاعلامي الاسرائيلي , الذي أشار الى امكانية حدوث حرب مع حزب الله وعرض قوة الحزب المتعاظمة , يضاف اليه الحشد والتركيز من قبل الجماعات المسلحة بدعم اسرائيلي علني , على جبهة لبنان الشرقية والجهود المبذولة مؤخرا لاحداث اختراق في هذه الجبهة وتصديع حائط الدفاع الذي أقامه حزب الله لحماية خاصرته , في ظل المناورة الاسرائيلية الاخيرة الضخمة في شمال فلسطين ومناطق الجولان , وتزايد التماهي والتنسيق الاسرائيلي مع حركات التكفير على عدة مستويات , يطرح سؤالا واقعياً , حول ماذا تهدف اسرائيل من تسليط الضوء المكثف على حزب الله في هذه الظروف ؟؟
هل هو فعلا اعادة لفت نظر للمجتمع الغربي الذي يتراجع في دعمه لاسرائيل حول المخاطر المحدقة بها ؟؟ أم أنه تمهيد لعدوان ستقوم به اسرائيل على لبنان قبل اكتمال جنوح دفة المواجهات لصالح النظام السوري , تحتاج فيه اسرائيل لمبررات مقنعة للدول التي ستقوم بتأمين الغطاء السياسي لها ؟؟ ام ان اسرائيل فقدت الامل بوكلائها التكفيريين الذين تعول عليهم لاختراق حصن المقاومة الشرقي واستنزافها , ووصول الوكلاء الى مرحلة تقهقر تتطلب تدخل الأصيل بنفسه ؟؟