الوقت - أعضاء الجيش ليسوا سريين وليسوا قسما من مجموعات المقاومة الأوروبية في العصر الهتلري. معركة الغرب مع المقاتلين الخفيين الذين باعوا أرواحهم وعقولهم للخليفة الساكن بالرقة من أجل قيام الخلافة المجازية التي يدعو إليها، نفسها الخلافة التي لا تعترف بشكل رسمي بأي جغرافيا ولا حدود ولا حتى تقسيم عنصري وعرقي. وهذا يعني القيام المجازي لما يجري على أرض الواقع ويشكل نوعين من الخلافة بشكل متزامن وبالتوازي مع بعضهم. واحدة يشكلها الجهاديون المرئيون في ولايات خراسان الحجاز والشام والأخرى يشكلها الجهاديون غير المرئيين الذين يخاطبهم الشيخ يوسف اورعي وهو مما یسمی العلماء الجهاديين "اذا لم يسلم الكفار، من الواجب على كل مسلم يسكن في بلادهم أن يقاتلهم ليسلموا" هم أنفسهم في حالة فرار من الحرية على خلاف ما توقعه "اريك فروم" وليسوا يسعون لتحصيل القوة الماسوشية ولا العزلة.
الجهاديون غير المرئيين في قلب الحضارة الغربية أعطوا معنى لدعوة البغدادي إلى الجهاد المقدس ومن خلال عبارات رنانة يحاولون إعطاء نفحة دينية لحياتهم التسكعية في ظل النظام العلماني الأوروبي عبارات من قبيل: "الشاب الجهادي عليه أن يجاهد، ويستشهد أو يعيش على أمل الشهادة، المسلم الواقعي عليه ايصال رسالة الاسلام إلى البشرية، وبناء عليه لا يمكن له العيش وحيدا بل عليه العيش مع المجتمع وأن يدعو الاخرين للاسلام. المسؤولية الشرعية لشاب مسلم هي أن يقيم الشريعة بدون الالتفات إلى الحدود السياسية وإحياء الشريعة في دول أخرى هو مسؤولية شرعية".
من هذا المنطلق يبدأ مشروع الخلافة المجازية، ومن خلال ثلاث خطوات الدعوة للشهادة، الجهاد المسلح ونفي الوطن الجغرافي. الانترنت وكافة مظاهر العصرية تنصاع لخدمة المحاربين المقدسين لتتحول الدعوة للشهادة إلى مسيرة عالمية وفي الخطوة التالية تخلق الأمة قوة دافعة لا تعرف الحدود من أجل التحرر، ويصبح الجهاد بدوره خطوة تقرب مشروع بناء الأمة لتصبح أمة واحدة.
وفي هكذا منظومة ايديولوجية مُختلقَة يمكن جمع كل المُحقرين في العالم حول خليفة الهي مقدس، خليفة ليس بماركسي ولا تروتسكي ولا لنيني. واذا ما تم توجيه خطابهم باتجاه الشبكة العالمية العمالية لكانت نتيجة خطاب هكذا خليفة لكل فرد من افراد هذه الشبكة من المحقرين والمذلولين في العالم أن يتم تجهيز هذه الشبكة بمنظومة استقطاب تشبه مصيدة العنكبوت. هذه الشبكة العالمية من المذلولين حكمها حكم خيوط بيت العنكبوت وكل فرد فيها هو بحكم العنكبوت. اذاً وراء كل عمليات داعشية في أرض الحضارة الغربية توجد شبكة عالمية وفردية ارهابية تعملان بشكل توأم لتخلق الخوف ولتوصل قوة ومستوى الدهشة من الخلافة الاسلامية إلى المستوى المطلوب.
في هذا الاطار أصبحت الخلافة المجازية علة العلل في الخوف المختلق ضمن اطار الحضارة الغربية، الواقع المر نفسه الذي أشار اليه الكاتب الامريكي استيفن امرسون في كتاب الجهاد الأمريكي: "محبو الخلافة والمتعطشون للدم الصليبي، موجودون بشكل عجيب في زواريبنا وشوارعنا وطردهم ونفيهم ليس ميسرا أصلا".
مقاتلو الخليفة الخفيون تحولوا إلى جزء من قواعد اللعبة السياسية الغربية، كما أنهم يقللون من قوة وحجم الديمقراطية، وينفخون في الشعبيين والمتطرفين اليمينيين روحا جديدة حتى يتولد من خلال هذه العملية أمثال ترامب ولوبن. اليوم داعش واقامة نظامهم الجديد في أوروبا وأمريكا قد تحولوا إلى لاعب ثالث في المعادلات السياسية وبذلك تتمكن خلافة البغدادي المتحررة من فكرة الوطن من أن تترك أثرها في كل مكان.
داعش والشعبويون في الغرب أصبحوا فكي المقص الذي سيقطع العالم في لحظة ما، ووقت هذه اللحظة سيأتي يوما.