الوقت - أزمة النفايات في لبنان وصلت إلى أوجها، فلم تشغل الرأي العام اللبناني و وسائل اعلامه فقط بل تعدت ذلك لنراها على الصفحات الأولى للصحف الغربية، و في تقارير القنوات الأوروبية، ما زاد نقمة اللبناني على حكومته العاجزة، لتشويهها صورة هذا البلد الجميل، و تحت الضغط الشعبي خرجت الحكومة مؤخراً و بعد أشهر طوال من انتشار النفايات في طرقات العاصمة بيروت بحل لهذه الأزمة، فهل هو حل نهائي أم أن مفاعيل هذه الأزمة لم تنتهي و هل سيقبل اللبنانيون بهذا الحل؟ أسئلة كانت محور حديثنا مع رئيس الحركة البيئية في لبنان الاستاذ "بول أبي راشد" و الذي جاء فيه:
الوقت: في البداية سألنا الاستاذ بول أبي راشد إن كانت أزمة النهايات قد انتهت فعلياً أم أنها مجرد بداية؟
أجابنا الاستاذ بول: "أبداً، و ما حصل هو مجرد تأجيل للمشكلة، فهناك هدف تسعى له بعض الفئات و هو بناء المحارق، و احتكار عملية معالجة النفايات كما يحصل اليوم في ايطاليا و بعض الدول الأخرى، حيث تسيطر المافيا على النفايات، و هذا ما يحصل الآن في لبنان، هنالك من يريد تقاسم صفقات النفايات، و الحل بالنسبة لهم هو بناء أربعة محارق في أربعة مناطق ساحلية، و بناء هذه المحارق يستغرق أربع سنيين، و هذا حل غير بيئي و غير صحي و مكلف، و هذا ما يرفضه المجتمع اللبناني، و حتى يستطيعوا تسويق هذا المشروع و لأن المجتمع البيئي و الناس و البلديات لا تريد هذا الحل، أدخلونا في 7 أو 8 أشهر من تراكم النفايات لكي يمر هذا القرار بسهولة و دون معارضة.
و من هنا حتى تُبنى هذه المحارق كيف يمكن أن يضيّعوا أربع سنوات؟ علماً أن أي حل بيئي سيقطع الطريق أمام مشروع المحارق، و هم الآن يريدون تمرير هذه السنوات الأربعة بحل غير بيئي و هو المطامر و هذه خطة اتفقوا عليها."
سمعنا الرئيس "سلام" هدد مرّة بفضح المستور اذا ما توصلت الحكومة لحلّ في هذا الملف و مؤخراً سمعنا وزير الاقتصاد "حكيم" يُلمح بأن هناك أطراف طالما كانت في الحكومة و هي من عطلت الحلول و هي من سيتقاسم الربح في أي حل قادم؟ من المستفيد و ما هو هذا المستور؟
أبي راشد: " كل هذا كلام، و هو غير صحيح، أنتم الآن و دون أن يدلكم أحد يمكنكم أن تعرفوا المستفيدين، فمثلاً بالأمس سمعنا وزيراً ألقى خطاباً و قال نحن مع التفكك الحراري، و أي شخص آخر يقول لنا أنه مع المحارق فاعرف أن له نصيبه و هو محرقة، و سيُقّسم الاحتكار بينهم، و استنتاج ذلك لا يحتاج الكثير من الذكاء."
الوقت: بالأمس سمعنا الأمير "طلال ارسلان" يعلن تبرأه من قرار الحكومة بأنه لم و لن يوافق على خطتها، فكيف ستستطيع الحكومة بدء ما سُمي بالمرحلة المؤقتة الممتدة لأربع سنوات؟ اذا ما اعتبرنا أن الناعمة لا يمكن فتحه مجدداً أو الكوستا برافا بسبب رفض فاعليات المنطقة و مجتمعها؟
الاستاذ بول: " هذا غير صحيح فـ"ارسلان" وافق على فتح مطمر الكوستا برافا و أوحى للرأي العام بأنه معارض و لكنه مررّ جملة تضمنت الخدعة، اذ قال "نحن سوف نراقب"، نراقب يعني هو قبل بفتح المطمر، نحن بعد الآن لا يمكننا الا أن نقول الحقيقة، لذا كل هذا الكلام الذي تسمعه اليوم من تمام سلام و كل الأفرقاء السياسيين بين معارض و مؤيد، ما هو الا مسرحية قسّموا أدوارها فيما بينهم، و الضحية الوحيدة هو الشعب اللبناني، و كلهم متحدون و متفقون على حصصهم من تقاسم قطعة الجبن."
الوقت: منذ سنوات شهدنا أزمة مشابهة لما نراه اليوم، و ملأت الطرقات يومها بالنفايات و حصل ضغط لابعاد سوكلين، و لكن في نهاية المطاف و تحت وطئة حيلة النفايات في الشارع عادت سوكلين و عاد الوضع كما كان، و اليوم نرى المشهد نفسه يتكرر، ما العبرة؟ و هل يتكرر التاريخ مرة أخرى؟
ابي راشد: " منذ سنتين عندما اقفل مطمر الناعمة كان بمثابة تحذير، و وُعد الأهالي بإقفال المطمر نهائياً، و الذي حدث أن الحكومة أعطيت فرصة باعادة فتحه على أساس ايجاد حل بديل، و عوضاً عن ايجاد حل هذه المرة ها هم مستمرون بخطة المحارق، باعتبار البلد غير جاهز لحل بيئي و لا يريدون له ذلك، في حين أنه يمكننا في ستة أشهر بناء مصانع فرز و معالجة لكل لبنان و تنتهي الأزمة، اما الآن فهم يأجلون الأزمة أربع سنوات و من بعدها سيدخلوننا عصر المحارق و تدمير هواء لبنان."
الوقت: اذاً مشروع الحكومة بحل آني يتمثل بالمطامر، أما الحل النهائي الذي لم يعلن عنه هو المحارق؟
ابي راشد: "نعم، صحيح و هو الشيء الذي لن و لم نوافق عليه، و سنظل نحاربهم لحين يسقطون و تسقط هذه المافيا، و تسقط هذه المشاريع معها، و اذا لم تسقط هذه المافيا فلن تسقط هذه المشاريع."
الوقت: ماذا عن تأييد جميع الأطراف اعطاء البلديات أموالها للتكفل بنفاياتها؟
بول: "هذا كذب و غير صحيح، و يندرج ضمن خطتهم لتمرير الوقت، و لا يندرج ضمن خطتهم طويلة الأمد التي تتمثل بالمحارق، و الدليل على ذلك أن مجلس الانماء و الاعمار اصدر دفتر الشروط لاستدراج العروض للمحارق."
وأستطرد أبي راشد قائلاً: "دعني أختصر لك قصة اسطورية استذكرتها تنطبق على حالنا اليوم: كان هناك ملك للأورك كان اسمه "جلجامش" و كان يحاول دائما القيام بأعمال عظيمة ليبقى اسمه خالدا؛ فقرر في يوم من الأيام القدوم من بلاد ما بين النهرين و الذهاب إلى غابة من أشجارالأرز في لبنان ليقطع جميع أشجارها، وليحقق هذا كان عليه القضاء على حارس الغابة، وهو مخلوق ضخم اسمه "خومبابا" عيّنه إلاه الهواء ليحمي غابات الأرز، و اليوم في لبنان نحن امام نفس المشهدية فهناك مافيا تمثل "جلجامش" و تريد أن "تحرق نفسنا" و تقطع الهواء عنا، و هناك "خومبابا" و هم الجمعيات البيئية التي تريد أن تدافع عن لبنان و هوائه النظيف."
الوقت: ماذا عن الحراك المدني و التحركات التي نشهدها على الأرض، هل تنسقون فيما بينكم هل تحركاتهم تصب في نفس المصلحة و المسعى الذي تعملون عليه كجمعيات بيئية؟
بول: "أنا يمكنني أن أتكلم بإسم الحركة البيئية، وأضمن لكم بأننا نتكلم بصوت عالٍ، اما الحراك المدني و لحد الآن يبدو أنه يعارض الصفقات و الفساد، و لكن أن أضمن أن نواياهم هي ذاتها نوايا الحركة البيئية فلا أستطيع."
الوقت: يعني ليس هناك تنسيق فيما بينكم؟
بول: "نعم هناك تنسيق، و اجتماعات من وقت لآخر، و إنما لا أستطيع ان أضمن النوايا، و المعيار بالنسبة لنا هو رفض المحارق، يعني اذا كان هناك تحركات لا ترفض المحارق يمكننا القول انها ربما متواطئة. و طبعاً لم نرى أحد حتى الآن وافق على المحارق، لذا المعيار هو المحارق لأنه الهدف الأكبر و الأخير."
الوقت: ما هي كلمتكم الأخيرة للبنانيين؟
بول: "نحن اللبنانيون مؤمنين، و نعتقد بوجود الله، و بما اننا ندافع عن الحق فالله معنا، و من كان الله معه، فمن عليه؟، لذا فنحن سننتصر و لكن لا يمكن ان نقول اليوم أو غداً، و كل ما يحدث الآن هو شيء ايجابي جداً، اذ أن كل ما تقوم به هذه المجموعات السياسية يفضحهم، و تحركاتنا دليل عافية لانهاء الفساد و انهاء حكم الأزعر كما يصفها جماعة الحراك المدني، و عندما يطالب الحراك بانهاء حكم الأزعر و السياسيون يوماً بعد يوم يرتكبون الأخطاء فهذا يُقرب نهاية هذا الحكم. فتأملوا خيراً و أنا شخصياً متفائل."