الوقت- كثيرا" مايقال داخل مجتمعات العالم الثالث عن الرفاهية التي تنعم بها اوروبا ودول العالم الاول, كل ذلك نتيجة الحملات الإعلامية الموجهة الذي تصور تلك الدول على أنها في قمة الديموقراطية و الرفاهية وغيرها من المصطلحات الرنانة والطنانة, إلا أن التقارير والدراسات الصادرة من تلك الدول تعكس غير ذلك, ومن تلك الدول بريطانيا التي تعد من كبرى دول الإتحاد الاوروبي, التي تعاني من مشاكل إقتصادية أدت الى إرتفاع عدد الفقراء والمتسولين, وتحت عنوان إطعام بريطانيا حذرت تقارير بريطانية من تفاقم الفقر داخل المملكة حيث يزداد عدد الذين يعانون الجوع, ملقية "اللوم على نظام المعونات الإجتماعية وضعف الرواتب ".
وجاء في التقرير الذي وضعته لجنة تحقيق تضم برلمانيين من جميع الإتجاهات «يوجد في هذا البلد اشخاص لا يملكون ما يكفي لشراء الطعام» دون إعطاء أرقام. وأضاف «كل ما نعرفه هو ان هناك الكثيرين» من هؤلاء رغم انخفاض معدل البطالة في هذا البلد إلى إدنى مستوى له مع 6٪ .
إلا ان جمعية تراسيل تراست، إحدى اكبر جمعيات بنوك الطعام في البلاد، أوضحت ان عدد الذين طالبوا بمساعدات غذائية من شبكتها ارتفع من 128697 في 2011/2012 إلى 913138 في 2013/2014 .
ويعد التأخر في تقديم المعونات الاجتماعية وقصور عمل نظامها من الأسباب الرئيسية التي تدفع الفقراء إلى التوجه لبنوك الطعام من أجل الحصول على ما يسد رمقهم كما ذكر التقرير الذي أشار أيضا إلى انخفاض الأجور مع زيادة ارتفاع أسعار المواد الغذائية .
وأوصى التقرير الحكومة بإجراء «إصلاح عاجل لنظام المعونات الاجتماعية للإسراع في تقديمها».كما أعرب عن القلق من ارتفاع نفقات البنود الأساسية (السكن والطاقة والغذاء) منذ عشرة أعوام في حين ان هذه النفقات كانت منخفضة كثيرا بين 1953 و2003 ..
وكانت مؤسسة "جوزيف اونتيري" قد بينت بأن الارتفاع في أسعار الفواتير وبقاء الرواتب على ما هي عليه وارتفاع اسعار السلع بالإضافة إلى سياسة الحكومة الاقتصادية في تقليص النفقات، قد اسهمت بشكل كبير في انتشار الفقر. وتعتبر فئة العزاب والمتقاعدين أكثر الفئات تضررا، وكانت أسعار السلع اليومية، قد ارتفعت بأكثر من 25 في المئة في الخمس سنوات الماضية، وبارتفاع يقدر ب4.2 في المئة في العام الماضي فقط .
بالاضافي الى ذلك أشارت جمعيات بريطانية تعمل من أجل مكافحة الفقر إلى أن الحد الادنى للرواتب للعيش في بريطانيا يبلغ 16,850 جنيه استرليني للعزاب في السنة، وإن كان الشخص متزوجا، ولديه طفلان فالحد الادنى هو 19,400 جنيه للزوج ونفس المبلغ للزوجة، كما وضحت التقارير أن 500 الف طفل بريطاني إضافي معرض للفقر في العام .
الى ذلك اظهرت سجلات الشرطة البريطانية ارتفاع حالات التسول بـ 70 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وأنه في بعض المناطق مثل ميرسيسايد ازدادت نسبة التهم المتعلقة بالتسول بما يقرب من 400٪ خلال عام واحد .
ويعتقد البعض أن التدابير التقشفية للحكومة قد تكون ساهمت أيضا في إرتفاع النسبة، ويقول "كيث بيلبيم"، أستاذ الاقتصاد الدولي والمالي في جامعة سيتي: "من الواضح أن ارتفاع نسبة الفقر والتسول قد تكون بسبب تخفيض دعم الضمان الاجتماعي"، مطالبا الحكومة بضرورة الاهتمام حتى لتدفع الشعب للتسول من دون سبب ".
واضاف كيث إلى أن الفقر في ازدياد، مشددا على أهمية إيجاد حل للموضوع بأكمله، وليس مجرد إحصاء أعداد المتسولين في الشارع .
إلا الغريب في هذا الموضوع هو طلب ملكة بريطانيا منحة من صندوق مكافحة الفقر ولكن الأخير رفض هذا الطلب الذي أرادت منه الملكة المساهمة في تدفئة القصور الملكية, و تقدم بطلب المنحة الذي تكشفت الأنباء الخاصة به بعد طلب من صحيفة الاندبندنت بشأن حرية المعلومات ، وتم ذلك عندما كتب مسؤول ملکي إلى الحكومة يسألها حول ما إذا كانت الأسرة الملكية لها الحق في الحصول على إعانة مالية من صندوق توفير الطاقة الحكومي الذى يبلغ قيمته 60 مليون جنية (95 مليون دولار)
و من جهة ثانية اشارت صحيفة الاندبندنت ـ في تقرير نشرته في نسختها الإلكترونية بتاريخ 20.12.20 تحت عناون "دولتان" - أنه في الوقت الذي يهرع فيه 13 مليون بريطاني على شراء الهدايا في عيد الميلاد، هناك 13 مليون آخرين لديهم أسباب أكثر واقعية للقلق وهي العيش في فقر في بريطانيا المحتفلة المقسمة إلى شعبين .
ونوهت الصحيفة إلى أن عدم المساواة في المملكة المتحدة وصل الآن إلى الحد الأقصى، حيث أن العائلات الخمس الاكثر ثراء في بريطانيا هم أكثر ثراء من أفقر 20 % من السكان مجتمعين، وفقا لمنظمة أوكسفام .
وفي الوقت نفسه، يتوقع مأوى الإسكان الخيري أن 93 ألف طفل سيكون بلا مأوى في عيد الميلاد هذا العام، حيث تجاوز عدد الأسر المشردة المحاصرين في مساكن مؤقتة أو طارئة 60 الفا .
كلها هذه التقارير والدراسات ما هي إلا خير دليل على أن الواقع الإجتماعي والإقتصادي داخل الدول "المتحضرة" مذر͈ الى حد كبير, حيث الهوة بين الأغنياء والفقراء تتسع الى حد تعبير صحيفة الاندبندنت "دولتان ", أي دولة الفقراء ودولة الأغنياء .ولكن الأسباب الأساسية لهذه الأزمة بحسب الإقتصاديين تتلخص بالآتي :
اولا" ارتفاع الفواتير وإبقاء الرواتب على ماهي عليه .
ثانيا" التقشف التي اعتمدته بريطانيا في السنوات الأخيرة من أجل تخفيف النفقات .
ثالثا" إرتفاع أسعار السلع .
واخيرا" انخفاض دعم الضمان الاجتماعي .
وعليه تمر بريطانيا بأزمة اقتصادية لا تزال تداعياتها تؤثرعلى البريطانيين حيث ارتفعت نسبة العاطلين عن العمل بأرقام جديدة، بالإضافة إلى ارتفاع الإيجارات وأسعار المنازل والسلع الغذائية .